fbpx

السودان.. نعم انها ثورة

منذ انطلاقة الثورة في السودان، سارع المثقفون العرب، وخصوصاً منهم المنخرطين في المشروعات الإقليمية، على تبايناتها وتناقضاتها، إلى: إما التشكيك بالثورة السودانية وإحالتها إلى “المؤامرة”، وهذا ما اختطته أقلام تنتمي إلى اليسار (المتلبرل). وإما تكفير الثوار السودانيين باعتبارهم، شيوعيين، وقد تقدّمت جحافل المكفّرين أقلام تنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين وملحقاتهم، منهم المعلن، ومنهم المستتر. وثالث يقدّم النصائح لثوار السودان، انطلاقاً من تجربة بلاده في (الثورة)، وهي تجربة أقصى ما يقال فيها أنها لم تقدّم المثل الذي يجب أن يحتذى، أو يحاكى، أو يبنى عليه. الثورة في السودان، انطلقت على وجه التحديد من عاملين أساسيين، أولهما الخبز، وثانيهما الكرامة الإنساينة. وحين يكون الكلام عن الخبز، فثمة مفارقة من الصعب التقاطها، أو قبولها، أو الإقرار فيها، فالسودان، هو سلّة الغذاء العالمي، وهذه مقولة لاتحيد عن الصواب، ولنتصور أن صاحب سلة الغذاء جائع.. إن ذلك لابد يمثل الكفر بعينه. وحين يكون الكلام عن الكرامة الإنسانية، فما فعله البشير وأجهزته الأمنية،  قد جعلت من السودان سجناً كبيراً، لا يقل اتساعاً عن بقية السجون العربية التي شهدت ثورات. وكل من السببين كان كاف لتخرج جماهير السودان وتصرخ: يكفي. الثورة انتصرت في السودان، أقلّه بإزاحة البشير عن السلطة بعد ثلاثين عاماً من سنوات الاذلال، ثم انتصرت في خطوة لاحقة على إفرازات العسكر ورثة البشير. ثم… لم تنجز شعاراتها بعد، غير أنها فتحت احتمالات المستقبل، بعد أن كان الماضي يخيّم ببشاعته على الحاضر، وهذا يكفي. إلى أين سيذهب السودان؟ هو سؤال مفتوح على ما لاحدود من الاحتمالات:

  • احتمال الثورة المضادة
  • احتمال انتصار قوى المجتمع المدني.
  • احتمال حرب أهلية.
  • احتمال تقسيم جديد.
  • احتمال نشوة الدولة الوطنية ووحدة السودان.

كلها احتمالات، وغبي، ودعي من يقرر بالنيابة عن المستقبل، فالسودان من حيث الجغرافية والموقع، ومن حيث حركة المصالح الدولية المتناقضة والمتناحرة والتي تطمح لاختطافه، لابد وأن يجعل الصورة بالغة الاحتمالات، غير أن ما حدث في السودان، كان لابد وأن يحدث، فديمومة هذا النوع من الأنظمة تحت شعار الخوف من الاحتمال، هو كارثة، ذلك أن احتمال غول المستقبل، ليس من حقه أن يلغي مواجهتك لغيلان اللحظة، وفي اللحظة غيلان أشدّ بشاعة مما يمكن للمستقبل وبكل احتمالاته أن يحمل. في السودان ثورة، نعم ثورة. في السودان جمهور يبحث عن حقه في الحرية والخبز؟ نعم في السودان جمهور يبحث عن حقه في الحرية والخبز. أما مواعظ ونصائح مثقفو الفيس بوك، وجمهور المقاعد، فليس من حقه سوى أن: يخرس. نعم يخرس.. للسودان ناسه الذين يعرفون كيف يتدبرون أمورهم.. كيف يخوضون معاركهم. ينتصرون أو يهزمون هذا شأنهم. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى