fbpx

ثورات … ولكن

يحلو لكتّاب سوريين بمرتبة مخبرين، مقارنة انتفاضة اللبنانيين بالانتفاضات السورية ومآلاتها، وفي المقارنة، لاينسون التالي:
ـ ثورة السوريين.. طائفية / إسلامية / عنفية / مسلحة، وثورة اللبنانيين متحضرة / أنيقة / فرحة / ملوّنة.

وبعد المقارنة، لايكفون على نعت ثورة اللبنانيين بأنها (ممولة من الخارج)،ويضيفون دورًا للسفارات لم يكن قد تمظهر في أي من شوارع أو ساحات الانتفاضات اللبنانية.

يحلو لهم المقارنة، وذلك بعد محو الذاكرة عن مايلي:
ـ انطلقت الثورة السورية سلمية / ملونة / احتفالية، ووصل ان امتدت في انطلاقتها الاولى لتصل الى 800 ساحة تظهر على طول البلاد وعرضها.

ـ أطلق النظام غوغائه ورعاعه ومسلحيه من الايام الاولى للثورة، وفتح زنازينه للقتل المبكر وهو القتل الذي طال المتظاهرين السلميين، كما تناول من باتوا في بيوتهم ولم يخرجوا الى الساحات استباقاً لخروجهم إليها.

ـ أطلق النظام السوري ومنذ أيامه الاولى الفصائل الإسلامية التكفيرية من سجونه وسلّحهم، وتواطأ معهم على سرقة الثورة وتحويلها من ثورة سلمية إلى مساحة للسلاح.. وكان له ما أراد.

ـ أغلق كل نوافذ الحوار مع الشارع المتظاهر حتى وطّد شعاره :”الأسد أو نحرق البلد” فكان له كذلك ما أراد وقد أحرق البلد.

يقارنون الفساد الرسمي اللبناني بالفساد الرسمي السوري، ولا يقرون بأن الفساد الرسمي اللبناني يأتي تحت مظلة القانون فيما الفساد الرسمي السوري قد مورس بقوة السلاح.

يقارنون الفساد الرسمي اللبناني، وهو فساد الشركات، دون أي تلميح الى فساد النظام الرسمي السوري، وهو الفساد الذي وطد أركانه حافظ الأسد ووريثه، بحيث بات الفساد شرط النفوذ وشرط الحكم وشرط العيش، فنزع النظام عن الفساد صفة العار وقد بات الفساد حكمة ومأثرة وطريقة حياة.

كتّاب سوريون، يذهبون بعيدًا في التشكيك بكل الثورات، بالثورة السودانية، وبالثورة الجزائرية، وبثورة اللبنانيين وبالتحولات التونسية، ويرمون ثورة العراقيين بكل عيوبهم، وسيكون السؤال على الدوام:
ـ ما الذي يحول بين هؤلاء وبين إعلان ولائهم لسلطات القمع والقهر والرذيلة والبشاعة والعنف.. ما الذي يحول دون أن يعلنوا مواقفهم صريحة دون التباس؟
كل الثورات بالنسبة اليهم قد خرجت من معطف “المؤامرة” الدولية على الحكومات والأنظمة الوطنية.

كل الثورات بالنسبة اليهم إنما صنّعت في معامل (الغرب) من أجل تفكيك الدولة الوطنية.

كل الثورات مشبوهة ووحدها الأنظمة، أنظمة صمود وتصد.
ـ يخجلون بوضاعتهم فيدارونها بتأييد الثورات مع إضافة ولكن.

وتحت (ولكن) يسفهون الثورات.

تحت (ولكن) يتحوّلون إلى جراء للسلاطين، لاهم بالكلاب المسعورة التي تعضّ، ولاهم بالآدميين الذين يحتكمون إلى العقل والضمير.

مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي

حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى