fbpx

حزين هذا الـ “لبنان”

لبنان على طريق الغرق، هذا ليس تبشيرًا فالقراءة في الصيغة اللبنانية ستكون بالغة السواد، لا لأن العملة الوطنية تغرق، بل لأنه ما من طريق واضح وممكن امام لبنان وقد تقاسمه ملوك الطوائف بما لا يبقي من الدولة سوى نشيد وطني منسي، وعلم تائه بين أعلام الفرق المتقاتلة.

حين يكون الجوع، وتفنى الطبقة الوسطى، ويموت المزارع لحساب السمسار، ويحل المصرف مكان المصنع، تكون المتاهة التي شهدها لبنان منتصف سبعينيات القرن الفائت والتي دفع أثمانها غاليًا من دماء أبنائه، فمن بقي مات، ومن هاجر بات منسيًا، وكل الحكاية مرتبطة بـ :

ـ فساد محمي بالطائفة، ودولة أسيرة الجغرافية.

وتعالوا نذهب في رحلة الافتراض.

ـ ماذا لو احتكمت الحكومة اللبنانية إلى القضاء واستدعت واحدًا من حيتان الفساد؟

نقول واحدًا من حيتان الفساد درزي، ماروني، أرثوذكسي، سني أو شيعي.

ستكون مطرقة القضاء على رأس القضاء فالفاسدون محميون بالطائفة، والطائفة محمية بالخارج، والخارج بكل تنويعاته لايعمل سوى على إغراق لبنان، فليس للغارق صديق.

ـ ماذا لو ذهب لبنان إلى تطبيق قانون قيصر، وليس له في الجغرافية سوى طريق واحد يمر عبر دمشق، فيما الطريق إلى إسرائيل مقطوع أو ممنوع؟

زراعاته تموت في أرضها، وعائداته من منتجاته الوطنية ستكون لاستهلاكه، وبالنتيجة، يدفع لبنان أثمان جرائم بشار الأسد.

ـ ماذا لو تجاوز قانون قيصر؟

ستطبق بحقه العقوبات، وسيستثمرها زبائن ومحاسيب النظام السوري بما يعيد لبنان إلى صيغة عنجر، وهي الصيغة التي دفع لتجاوزها دماء ودموعًا، هذا عداك أن الغارق لايحمل الغارق إن لم يمعن بإغراقه.

ـ ماذا لو ذهب لبنان إلى سلام مفرد مع إسرائيل؟

ستكون الحرب الأهلية، فحزب الله يتعيش على العداء لإسرائيل، وله اليد الطولى في إشعال الحرائق متى شاء وكيفما شاء.

ـ ماذا لو ذهب لبنان إلى الحرب مع إسرائيل؟

ستجتاحه إسرائيل، لا بصيغة 1982 حيث الدبابات تقتحم الأزقة والطرقات، وإنما بصيغة 2006 ليكون الدمار أوسع من تدمير الضاحية بما يجعل لبنان كل لبنان ضاحية لإسرائيل.

ـ ماذا لو تجاوز لبنان التركيبة الطائفية في الحكومة؟

لن يتجاوزها، مادامت أحزابه وكل أحزابه مركبة على قياس الطائفة، فالإشتراكي اشتراكي ولكن بالصيغة الدرزية، وحزب الله إسلامي ولكن بالصيغة الشيعية، وللسنة التائهون في كل الصيغ كوارثهم التي تحيلهم الى المذهبية السنية بديلاً عن الوطنية اللبناني، أما عن المسيحيين، فما بين الكتائب المارونية والقوات المارونية وحزب عون العوني وهو أضيق من طائفة وأوسع من عائلة، وبالنتيجة ستكون الوطنية اللبنانية فضفاضة على الصيغة اللبنانية، وكل الكوارث تهون حين نتيقن أن للبنان جارة اسمها سوريا، فكلما امطرت في دمشق عامت في لبنان، وهاهو لبنان أمام استحقاقات المستيحل:

ـ استحالة الدولة في ظل الطائفة.

ـ استحالة مواجهة الفساد المحمي بالطائفة.

ـ استحالة السلام مع إسرائيل في لعبة العدو المتكأ.

ـ استحالة الحرب في حقيقة الدمار الذي لابد ويحصد ما تبقى من البلد.

واستحالة تبديل الجغرافية، فالجغرافية ليست ربطة عنق يمكن استبدالها.. إنها العنق والرأس والكتف، لا تستبدل إلا بالمقصلة.

حزين هذا البلد.. حزين.

Read More

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى