fbpx

الوزير وحميره العشرة؟

اختلفت المصادر التاريخية في تحديد أصل ومنشأ شخصية “جحا”، فمنهم من نسبها إلى ‏المغول، وبعضهم قال إنها من التراث التركي، ونسبها آخرون إلى “أبو الغصن دجين ‏الفزاري”، لكن أيا من المصادر لم تشر إلى أن “جحا” صاحب النكات والمواقف الساذجة من بلاد الرافدين، وقال العديد من ‏المؤرخين إنها شخصية وهمية وأن لكل شعب “جحاه”‏.

شخصياً أميل إلى الرأي الأخير، لكن قد أختلف معه في جزئية أن لكل شعب، جحاه، فبحكم التطور التقني، بات كل شعب يفزر أكثر من “جحا”، مع اختلاف في النوع ايضاً، فكلما ازداد الكم اختلف النوع كما يقول أتباع نظرية الديالكتيك.

بمقارنة أشهر مواقف شخصية جحا والمعروفة بـ : “جحا وحميره العشرة” بما يصدر عن ساسة العراق هذه الأيام، نجد أن الساسة تفوقوا بأشواط على المسكين جحا بـ”خفة دمهم” وتوظيفهم للمعلومة وتبرير ما يحدث في بلاد الرافدين من عجائب، آخرها غرق (7) مليارات دينار في البنك المركزي.

ما يميز الروح “الكوميدية” عند ساسة العراق، انهم يطرحون النكتة بـ “عفوية” وهذه من مميزات الكوميدي الناجح، وتعرف بـ “كوميديا الموقف”، وهل هناك أكثر عفوية من أن تكون النكتة من على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة، فبغداد بحسب وزير الخارجية ابراهيم الجعفري/ الذي تقاعد ولله الحمد/  قال فيها سرجون الأكادي الذي حكم بلاد الرافدين بحدود عام 2300 قبل الميلاد، إنها “قبة العالم ومن يحكمها يتحكم بالرياح الأربع”، علما أن الفارق الزمني بين بناء بغداد وبين سرجون الأكادي فقط 3000 عام. وهنا روح الكوميدية التي يتميز بها الجعفري التي تتنقل بين التاريخ والجغرافية، فدجلة والفرات أيضاً ينبعان حسب جغرافية الجعفري من إيران وليس من تركيا.

قد يقول قائل إن هذه الأخطاء قد تكون زلات لسان عابرة، لكن للمفكر العراقي حسن العلوي رأي آخر فعندما سألته المذيعة خلال أحد البرامج عن رأيه بالجعفري أجاب بأن عليه أن يتعالج، لكنه لم يشر إلى نوع المرض الذي يجب أن يتعالج منه الجعفري، لكنه أورد معلومة وهي على  ذمته، أن الجعفري كان كثير الزيارات إلى دولة الكويت، بمبرر وبدون مبرر، وكان ذلك يتسبب بإرباك لاجندة وزارة الخارجية الكويتية، فما كان من الوزارة إلا أن تطلب من العلوي الذي تربطه بهم علاقة طيبة، أن يوصل للحكومة العراقية رجاءها بأن يخفف الجعفري من زياراته.

جديد الساحة العراقية، أن الرئيس برهم صالح وبعد أقل من اسبوعين على تعيينه من قبل البرلمان ترك العراق في حيص بيص تشكيل الحكومة وغرق البلاد بالسيول وقام بجولة على عدد من الدول علما أن الدستور العراقي لا يجيز له السفر قبل تشكيل الحكومة؛ لا ندري ربما لدى برهم صالح فتوى دستورية تجيز له هذا الخرق، لعلها أن منصب الرئيس “مثل قلته”.

اخيرا لا يمكن الحديث عن “النكتة العراقية” من دون أن نورد ما قاله وزير النقل في حكومة العبادي، كاظم فنجان الحمامي الذي يبدو أنه مأخوذ بالخيال العلمي، فبرأيه أن أول مطار في التاريخ أنشئ قبل خمسة آلاف عام قبل الميلاد في مدينة الناصرية وأن مركبات فضائية كانت تقلع منه، بل ذهب إلى أن السومريين هم من اكتشف كوكب “نيبيرو”، وأن وكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) لم تكتشفه إلا حديثا.

مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” هذه المادة تعبّر عن وجهة نظر الكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي المرصد. حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى