fbpx

السيد الرئيس .. اشتقنا لطلّاتك

نبيل الملحم

غياب كامل عن المشهد وصولاً أن لا يبعث ببرقية تضامن للمغاربة والليبيين، فبالمغرب وقع الزلزال، وفي ليبيا كان الطوفان، هذا عداك عن التحولات الأكثر خطورة في المشهد السوري والمتصلة بوقائع ما يحدث في جنوبها ونعني تظاهرات السويداء.

الرئيس غائب، والناس يرددون مع الصبوحة “اشتقنا لطلاتك”، والرئيس لايُطل تاركاً مساحة ضئيلة لمذيعات تلفزيونيات مهارتهن في غرف الماكياج أعلى من كفاءاتهن بمواجهة الكاميرا، وهكذا لابد من تفسير لهذا الغياب:

ـ هل هو الغياب أم الغيبوبة؟

الشارع السوري لابد ويطرح هذا السؤال على رئيس طالما كان مولعاً بالإطلالات الطويلة، ومع كل إطلالة لابد ويزيد في شروحات مواقفه ونظرياته،  سوى اليوم.

ـ الصمت.

فما الذي يعدّه الرئيس من كلام إذا حدث ونطق؟

كل ما لديه لابد واستعادة خطابات الأمس التي تشرح أبعاد المؤامرة على البلاد، واستئجار من يوقد نار المؤامرة، دون نسيان حث حلفائه على شراكته في (دفن) المتآمرين، غير أن في حالة مثل حالة انتفاضات السويداء فمفردات المؤامرة بلاشك ستكون غائبة أو ضعيفة، ذلك أنها حالة لابد تخلو من التطرف الإسلامي وهو التطرف الذي طالما اتكأ عليه في إطلاق ميليشياته لقمع حركات الاحتجاج، أما ما تبقّى من خطاب يتصل بالحصار ومن بعده تجويع الناس، فالكل في سوريا لابد ويشهد على حجم التدفقات المالية التي يحظى بها مناصروه وبيئته، وقد نالوا من المكاسب المالية مايزيد عن أباطرة المال من العرب، ووحده الكبتاغون كفيل برفعهم إلى الحقائب المالية الكبرى وقد توضّح هذا من خلال مسيرة التأييد الكسولة التي قام بها أنصاره وقد تقدّمتها أحدث موديلات السيارات التي يحلم بها أصحاب الثروة، وتبعث السوري الجائع إلى القول ثانية:

ـ إذن ماهي حقيقة الحصار؟

الرئيس لم يُطل على الناس بعد ليجيب عن أيّ من أسئلتهم، كما لم يرسل قوّاته لقمعهم كما اعتاد عبر مايزيد عن عقد من الزمن، وقد ورث عقوداً من إطفاء احتجاجات الناس بالحديد والنار ، ومازال دمار مدينة “حماه” يشهد على حجم العنف المتولد عن دافعين:

ـ الإمساك بمقدرات البلاد بلا أي شراكة مع الناس.

وغريزة القتل المتأصلة فيه وبمن أورث.

وكلتاهما مازالتا تتحكم بنظام الابن وسلطته، وقد أجّلهما حتى اللحظة في مواجهته لانتفاضات الجنوب  مايجعل حضور السؤال أشدّ إلحاحاً والسؤال:

ـ ماهي استعدادات النظام لمواجهة المتظاهرين دون نسيان استمرار التظاهرات وعناد المتظاهرين؟

التنازل عن “الحُكم” لابد مستحيل، أقله لممانعة فريقه المعرّض للمحاكمات فيما لو سقط النظام، وهذا الفريق لابد سيكون فريقه “الأمني” وهو الفريق الذي ارتكب من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ما لايسمح له بالفلتان من وطأة المحاكمة.

والتنازل عن “الحُكم” لابد مستحيل وهو مطوّق باشتراطات الحلفاء وأوّلهم ملالي طهران وحزب الله، فإذا ما سقط الرئيس سقط معه المشروع برمته.

وفي الحلين فالتنازل ممنوع، وما عليه سوى التقدّم في المغامرة إلى الأمام، بما يعني احتمال واحد:

ـ مواجهة الناس بالبارود.

وحده الاحتمال الممكن، ووحده الاحتمال الذي سيلقي بالنظام إلى الهاوية بعد أن ترنّح طويلاً على الحافة.

هو بالع السكين، ففي الحالين سيكون السكين قاتلاً.

لهذا صمت السيد الرئيس.

ولهذا ثمة من يستعيد الصبوحة:

ـ اشتقنا لطلاّتك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى