fbpx

هل تغرق إسرائيل أنفاق حماس بمياه البحر؟

مرصد مينا

جمعت إسرائيل “نظام مضخات كبيرة” يمكن استخدامه لإغراق شبكة أنفاق حركة “حماس” تحت قطاع غزة بمياه البحر، وهو التكتيك الذي يمكن أن يدمر الأنفاق ويقود المقاتلين خارج  ولكنه يهدد في الوقت نفسه إمدادات المياه والنظم البيئية في القطاع.

صحيفة وول ستريت جورنال أوضحت أن الجيش الإسرائيلي انتهى منتصف شهر نوفمبر الماضي، تقريباً من تجميع مضخات كبيرة لمياه البحر على مسافة ميل تقريباً (نحو 1.6 كلم) شمال مخيم الشاطئ للاجئين، مشيرة إلى أنه “يمكن لكل مضخة من بين 5 مضخات جمعتها إسرائيل على الأقل سحب المياه من البحر المتوسط، ونقل آلاف الأمتار المكعبة من المياه كل ساعة إلى الأنفاق الممتدة لنحو 300 ميل (نحو 483 كلم)، ومن ثم إغراقها في غضون أسابيع”.

بحسب الصحيفة إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بهذا الخيار لأول مرة في أوائل الشهر الماضي، ما أثار نقاشاً بشأن جدوى وتأثير ذلك على البيئة في مقابل القيمة العسكرية لتعطيل الأنفاق، مشيرة إلى أن المسؤولين الأمريكيين لا يعرفون مدى اقتراب الحكومة الإسرائيلية من تنفيذ الخطة.

وأكد مسؤولون أميركيون سابقون مطلعون على القضية أن المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين “ناقشوا بالفعل” غمر الأنفاق بمياه البحر، ولكنهم قالوا إنهم لا يعرفون الوضع الحالي للخطة. وأشار إلى أن  هذه العملية ستضع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في موقف بالغ الحرج، وربما تثير إدانة دولية، ولكنهم وصفوها بأنها “واحدة من بضعة خيارات فعالة” لتعطيل منظومة أنفاق حماس بشكل دائم.

وول ستريت جورنال أشارت إلى تباين ردود الأفعال الأميركية حيال هذه الخطة، إذ أعرب بعض المسؤولين الأميركيين في جلسات خاصة عن قلقهم بشأنها، فيما قال آخرون إن الولايات المتحدة تدعم تعطيل الأنفاق وإنه ليس هناك بالضرورة أي معارضة أميركية للخطة. وحدد الإسرائيليون نحو 800 نفق حتى الآن، برغم إقرارهم بأن شبكة الأنفاق تفوق ذلك العدد بكثير.

وقال شخص مطلع على الخطة للصحيفة إن عملية غمر الأنفاق بمياه البحر، والتي تستغرق أسابيع، ستدفع مقاتلي “حماس” وربما الرهائن إلى الخروج من الأنفاق، فيما لم يتضح بعد ما إذا كانت إسرائيل ستبحث من الأساس استخدام المضخات قبل إطلاق سراح جميع الرهائن من غزة من عدمه.

وذكر فيم زوينينبرج، الذي درس تأثير الحرب على البيئة في منطقة الشرق الأوسط أنه  “بافتراض أن نحو ثلث شبكة الأنفاق تعرض بالفعل لأضرار بالغة، فسيتعين على إسرائيل ضخ مليون متر مكعب تقريباً من مياه البحر لتعطيل الثلثين الآخرين”.

المصدر المطلع أضاف: “لسنا متأكدين من مدى نجاح عملية الضخ، لأن لا أحد يعلم تفاصيل هذه الأنفاق والأرض المحيطة بها”، مؤكداً أنه “من المستحيل أن تعرف ما إذا كان ذلك فعالاً أم لا، لأننا لا نعرف كيف سيتم صرف مياه البحر في أنفاق لم يدخلها أحد من قبل”.

وقالت “وول ستريت جورنال” إن المداولات بشأن خطة إغراق الأنفاق توضح “التوازن” الذي يجب على القوات الإسرائيلية المحافظة عليه بين السعي لتحقيق أهدافها من الحرب والضغوط الدولية المكثفة التي تواجهها لحماية المدنيين.

وأدت الحملة العسكرية الإسرائيلية إلى تدمير أحياء بأكملها، كما أدى القتال إلى نزوح ما يزيد عن 1.9 مليون من سكان غزة من منازلهم في القطاع المكتظ بالسكان.

مسؤول في الجيش الإسرائيلي رفض التعليق على خطة غمر الأنفاق بالمياه، ولكنه قال للصحيفة إن “الجيش الإسرائيلي يعمل من أجل تفكيك قدرات حماس الإرهابية بطرق متنوعة، وباستخدام أدوات عسكرية وتكنولوجية مختلفة”، على حد قوله.

 جون أولترمان، النائب الأول لرئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ومقره واشنطن، قال  لـ “وول ستريت جورنال”: “نظراً لأنه ليس من الواضح مدى نفاذية (خاصية من خصائص التربة تخص قدرة السوائل على التدفق خلال الصخور) الأنفاق، وكمية مياه البحر التي سيتم تسريبها إليها وإلى أي مدى، فإنه من الصعب إجراء تقييم كامل لتأثير ضخ مياه البحر إلى هذه الأنفاق”.

وأضاف: “من الصعب القول ما يمكن أن يفعله ضخ مياه البحر بالبنية التحتية للمياه والصرف الصحي، وباحتياطيات المياه الجوفية، وتأثيره على استقرار المباني المجاورة”.

يشار أن معظم سكان غزة لا يستطيعيون حالياً الوصول إلى المياه النظيفة. كما تم مؤخراً تعطيل محطات التنقية التي تُعد أحد مصادر مياه الشرب في غزة. وقبل 7 أكتوبر كانت 3 خطوط إسرائيلية تمد غزة بالمياه، ولكن أحد هذه الخطوط تم إغلاقه فيما يعمل الخطان الآخران بمستويات منخفضة للغاية.

وفي ذروة عملها، كانت هذه الخطوط تمد غزة بالمياه بمعدل 83 لتراً للشخص على أساس يومي، أما الآن فلا تزيد هذه الكمية عن 3 لترات يومياً، وفقا لبيانات الأمم المتحدة، فيما قالت المنظمة الدولية إن الحد الأدنى يجب أن يكون 15 لتراً في اليوم.

وذكر  زوينينبرج، الذي يعمل لدى PAX، وهي منظمة سلام مقرها هولندا، إن الخزان الجوفي في غزة الذي يحصل منه السكان على المياه، سواءً للشرب أو لاستخدامات أخرى، بات بالفعل “أكثر ملوحة” بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، ما يتطلب مزيداً من الطاقة لتشغيل محطات تحلية المياه التي يعتمد عليها السكان.

وأضاف زوينينبرج، عبر رسالة بالبريد الإلكتروني إلى الصحيفة الأميركية، أن “غمر الأنفاق بالمياه يمكن أن يؤثر على تربة غزة الملوثة بالفعل، كما يمكن أن تتسرب المواد الخطرة المخزنة في الأنفاق إلى الأرض”.

 نائب مساعد وزير الدفاع والضابط السابق في سلاح مشاة البحرية ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ميك مولروي، قال إن الجيوش المكلفة بـ”تطهير الأنفاق”، بما فيها الجيش الإسرائيلي، تستخدم “الكلاب والروبوتات” للتحقق من التهديدات والبحث عن رهائن قبل إرسال قواتها البرية.

وأضاف أن الكلاب تكون “أكثر فعالية”، لكن يجب أن تتبعها القوات لـ”تطهير الأنفاق”، موضحاً أن “الروبوتات تتحرك ببطء وتتحطم، كما أن استخدام العناصر البشرية يكون محفوفاً بالمخاطر”.

وأشار مولروي إلى أن استخدام المياه لفترة طويلة “سيجبر مقاتلي حماس على الخروج”، أما “إذا تم تمليح المياه، فقد يؤدي ذلك إلى تفاقم الأزمة الإنسانية”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى