fbpx

التعلم الافتراضي سبيل الطلاب في إدلب

مقدّمة:

شكّلت المنافذ التعليميّة الافتراضيّة التي توفّرت خلال سنين الحرب السوريّة لمُتناوَل طلّاب الداخل السوريّ، بوابةً تعليميّة واسعة حصدوا من خلالها كماً وفيراً من الخبرة والتحصيل العلميّ فضلاً عن شهادات أدخلتهم سوق العمل، محطّمين في ذلك العزلة المفروضة عليهم بفعل الحدود ومناطق السيطرة بين أطراف النّزاع وغيرها، في الوقت الذي تغيب فيه منافذ التعليم التقليديّة المُعتمدة وخاصةً في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، ولم يقتصر هذا الإقبال فقط على الطّلاب وإنما على الأكاديميّين وحملة الشهادات الراغبين في استكمال تعليمهم أو الحصول على تدريبات تزيد من خبراتهم.

كسر احتكار التعليم التقليدي:

ساهم التعلّم الافتراضيّ في كسر احتكار التعليم التقليديّ لدى الطّلّاب، وبعد توفّر خدمة الإنترنت في شتّى المناطق السوريّة دخلت هذه الميزة ليستفيد منها أعداد كبيرة من السوريّين وخاصةً ممّن قطنوا المناطق المحاصرة خلال السنوات القليلة الماضية، أو الذين منعهم السفر ومشقاته الماديّة عن إتمام دراستهم كما بات دخول الجامعات السوريّة أمراً مستحيلاً لطلّاب المناطق الخارجة عن سيطرة النظام نظراً للملاحقة الأمنيّة، الأمر الذي أدّى إلى انحسار الخيارات التعليمية للطالب ودفعه لطَرْق باب التعلّم الافتراضيّ. لجأ “سامر الحمصيّ”، وهو مهجّر من ريف حمص الشماليّ إلى الدراسة في جامعة افتراضيّة دبلوم في السياسة واستمر فيه حتى وصوله إلى منطقة الشمال السوريّ، يوضحّ أنّ الدراسة “عن بُعد” كانت سبيلهم الوحيد خلال سنوات الحصار في ريف حمص، ما زاد توجّه الشباب الراغب في الاستمرار في تعليمه إلى الدراسة “أون لاين” وتعلّم دبلومات مهنيّة (افتراضيّة)، إذ أنّه بات على مقربة من التخرج في “دبلوم السياسة”. وأضاف لـ “مينا”: “على الرغم من توفّر بعض الجامعات بعد وصولنا إلى ريف إدلب، إلّا أنّها تفتقر للاعتماديّة، وهنا تتفوق الافتراضيّة من جهة الاعتماديّة، إذ تحظى على اعتراف وإن كان جزئياً فهي في غالبيتها دبلومات مهنيّة وكورسات أكاديميّة فقط، ولا ترقى لمستوى تعليم جامعيّ عالميّ”. لكن “الحمصيّ” وضع بعض الملاحظات على التعلّم المهنيّ، قائلاً: “تغيب الرقابة المؤسساتيّة عن التعليم الافتراضي من ناحية خطط الدراسة ونوعيّة المناهج وسويّتها، وكذلك غياب التنظيم والتنسيق بين الجامعات أو الأكاديميّات، إلّا أنّها في المقابل مناسبة لطلاب الحروب والنزاعات، أمنيّاً ومادياً، فهي توفر عليك عناء السفر والتنقّل بين المناطق”. ترفّع وظيفي.. تدريبات أكاديميّة: وفّر التعلّم الافتراضي أمام الأكاديميين في ريف إدلب، آفاق واسعة للتدرّب على مختلف المهارات أبرزها اللغات والحاسوب والبرمجيّات، التي صارت في متناول الجميع من خلال شبكة الإنترنت، فضلاً عن بعض الموادّ المتخصصة كـ “الإعلام، المحاسبة، والإدارة”، ساهمت في رفع سويّتهم التعليمية وخبراتهم الأكاديميّة، فضلاً عن دخول سوق العمل وتحديداً العمل ضمن المنظمات المنتشرة في مناطق الشمال السوريّ من أوسع أبوابه، إذ أنّ غالبيّة هذه التدريبات تراعي وتنسجم مع سوق عمل المنظّمات، بحسب ما يحدّثنا “صهيب زكور” موظف في إحدى المنظمات الدوليّة في إدلب. ويحكي “صهيب” لمرصد “مينا” عن تجربته: “في بداية عام 2013 شاعت التدريبات الافتراضيّة، وصارت ضرورة ملحّة خلال عملنا الإنسانيّ في المخيمات والمناطق الخارجة عن سيطرة النظام، لزيادة الكفاءات والخبرة على الصعيد العمليّ مع تزايد المهام المتعلقة بالشأن الإنسانيّ وسوق عمل المنظمات، كما أنّ غالبيتنا كعاملين منقطعين عن جامعاتنا بسبب الملاحقة الأمنيّة، فوفّرت سواء التدريبات المهنيّة أو دراسة الموادّ العلميّة بيئة تعليميّة رديفة، تكاليفها منخفضة ورأس مالها من الوقت زهيد جداً”. وأضاف: “صرنا نستفد بشكل كبير من منح التدريب المجّانيّة، منها دورة المشاريع والتسويق الإلكترونيّ وبرامج الحاسوب، التي رفعت من رصيد الخبرة الأمر الذي أتاح أمامنا فرص عمل إضافيّة في المنظمات والمؤسسات بمختلف أشكالها”. فرص عمل: بطريقة عكسيّة، ترجع فوائد التعلّم الافتراضيّ على العاملين فيه، وليس فقط على الطلاب المستفيدين، إذ وفّرت التدريبات والكورسات الافتراضيّة العشرات من فرص العمل لدى المدرّسين والمعلّمين في ريف إدلب مع توفّر الإنترنت واندماجهم مع ثقافات التعامل مع التعليم الافتراضي وما يلزمه من برامج لإكمال عمليّة (التدريس عن بُعد). “علي بربور” مدرب في مجال حماية الطّفل، حصل على شهادة (التوت) في التدريب عبر أكاديميّة افتراضيّة، وشقّ طريقه في مجال التدريب هو أيضاً على الصعيدين سويّةً الافتراضي والتقليديّ، بحسب ما قال لـ”مينا”، وأوضح خلال حديثه أنّ “التدريب الافتراضي صار مصدر رزق له عوّضه قلّة الفرص في العمل، بيدَ أنّ التدريب الافتراضي وسّع من مداركه وفتحت له آفاق علميّة جديدة”، على حدّ قوله.

مرصد الشرق الاوسط وشمال افريقيا الاعلامي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى