fbpx

أمّة في متاهة

التشظي العربي تجاوز السياسة، ووصل إلى سلطات عربية منقسمة حتى على موعد يوم العيد وإرادة “الهلال”. ما بين دولة وجوارها.. هنا عيد وهنا ما يزال الصائم بانتظار مدفع الإفطار، بل ما بين زقاق وزقاق، هنا صائم وهنا مدفع إفطار. مدفع عيد أم رشقات صواريخ لايهم. المهم ديمومة الانشقاق العربي.. التشظي العربي، متاهة كل المشاريع التي يمكن أن تجمع، والأمر كذلك. المشروع القومي العربي، أطيح به، وأول من اطاح به، هم أولئك الذين بنوا سلطتهم عليه، وهذا “بعث” سوريا، وهو صاحب أخشن وأعلى صوت في الكلام عن المشروع القومي العربي بدءاً من شعاره (أمة عربية واحدة)، هو أول من انقضّ على المشروع القومي العربي، وكان ابتدأ انقضاضه ذاك آن أن انطلقت الحرب الإيرانية العراقية، واستمر بانقضاضه عليها حتى لم يعد يميز ما بين يعرب بن قحطان، وآية الله الخميني، وهاهو مستمر في (تفريس) سوريا، بدءاً من نشر حسينياتها وبلغتها الفارسية، وصولاً لأسواقها وقد تفرعت على كتف المسجد الأموي. المشروع الإسلامي؟ كذلك، هو احتراب الإسلام مع الإسلام، حتى بات (الكافر) هو واحد من المقتتلين على أطراف الصراع وهاتوا تياراً مسلماً واحداً لايكفّر تياراً مسلماً آخر، ويكفره، مرة بالدم، ومرة بالعقيدة والدعوى. وحين نأتي إلى اليسار العربي، فها هو يهرول وراء العربات.. مرة وراء القاطرة الأمريكية، وثانية خلف القاطرة الروسية، وفي كل الحالات انحصرت مهامه في جرّ العربة لا ركوبها. حتى في الدائرة الأضيق، ونقصد فلسطين، الحراب تشهر على الحراب، حتى بات الصراع الفلسطيني / الفلسطيني أولوية الأولويات. وحين يأتي الكلام عن الجماهير العربية، فهي المتاهة بعينها، وحين تعثر على طريق لتتحرر من كابوس النهب، الإذلال، التهديد بالحياة، تأتي الجماهير المضادة لتبويس أقدام النهب، الإذلال والتهديد بالحياة. بلاد ممزقة، والواضح أنها إلى مزيد من التمزق، فما من قوّة بوسعها اليوم أن تعيد البلاد إلى البلاد، وهاهي ليبيا نموذجاً، والنموذج الليبي يجد مثيله في النموذج السوري، أما عن اليمن فحدّث ولا حرج، ولا ندري نحو أي اتجاه ستتدحرج كرة النار السودانية. متاهة العرب، هي الاستثمار الأعظم للإيرانيين، وكذلك هي الاستثمار الأعظم للأتراك، وهي مجموع الاستثمارات في اليد الامريكية، وعلى طاولة الاستثمارت ثمة روسيا وإن بحصّة قد لاتكون مستقرة إلى زمن بعيد. آذان العيد، كشف المتاهة، لا لأنه الحدث الأبرز، لا، هو الحدث الثانوي، غير أن عمر الشجرة يمكن معرفته من أي مقطع عرضاني في أي من أغصانها. شجرة العرب يابسة، مع ذلك نقولها: كل عام وأنتم بخير. الخير أن تعثر هذه الأمة على طريق يجنبها المزيد من الإمعان في الدماء. يظهر أنه الطريق الذي لن نعثر عليه. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى