fbpx

جريمة نيوزيلندا؛ خسارة للديانات السماوية الثلاث

كافة الديانات السماوية خرجت خاسرة في أعقاب جريمة مساجد نيوزيلندا التي هزت مشاعر العالم أجمع، فما حدث لا علاقة له بالأديان، ولا بالأوطان، ولا بكافة اشكال الصراعات السياسية التي تجاوزها الإنسان منذ قرون طويلة. ففي القرن الوسيط وأثناء حرب جيوش أوروبا في المشرق العربي، كان التجار العرب يتوافدون على القسطنطينية، فكسروا من خلال الروم الشرقيين حواجز التواصل الحضاري، وفي القدس قبيل استردادها من قبل صلاح الدين الأيوبي أبى دخولها بالسيف احتراماً لقدسية الأديان، فحدث الاتفاق الشهير بتسلمه القدس ثم تسليمه القبر المقدس للمسيحيين الشرقيين القائمين عليه قبل بدء الحروب، وبذلك ما انجزه صلاح الدين ليس مأثرة الانتصار بالقوة، لكن بطولته كانت بذلك الاتفاق السياسي الذي بموجبه جفف منابع الصراع الديني بين الشرق والغرب. وفي أثناء محاكم التفتيش استقبلت البلدان العربية أبناء الديانة اليهودية، وفي اثناء الرعب والقتل الذي ساد بلدان العالم الإسلامي وقفت أوروبا وعموم الغرب واستقبلوا اللاجئين المسلمين، ومنحوهم فرصة الحياة وحقوق اكتساب الجنسية مثل أبنائهم. هذا هو العالم الذي عرفناه، وهذا هو العالم الذي سيأتي، ولا يمكننا أن نتخيل عالماً يقوم على قاعدة مختلفة بتاتاً. ليس هناك شيء اسمه صراع الحضارات، فالغرب والشرق والشمال والجنوب تجرعوا مرارة الحروب، ولم تعد الأجيال الجديدة قادرة على صناعة مساحة الكراهية التي تحتاجها تلك الحروب حتى تشتعل من جديد، لأن فرص التعليم بدلت الثقافات ووحدتها نحو ثقافة إنسانية شاملة. فنحن تجاوزنا حتى فكرة (التدافع الحضاري) والتي كانت تعتبر حالة متطورة من التعاون الإنساني. وبدأنا نسير في طريق مرحلة جديدة وغير مسبوقة وهي مرحلة التعاون الحضاري، هذا التعاون الذي بات يسهم فيه الجميع من أبناء البشرية، بقومياتهم وأديانهم المختلفة، وهكذا لم يكن المهاجرون غزاة، ولن يكونوا، ولن تعود الدولة الحديثة إلى الوراء، إلى عصر الصراعات القومية أو العرقية والاثنية وغيرها، لأن الذين سيعودون إلى تلك الصراعات سوف يهبطون من قطار المستقبل، حيث مسار التاريخ السليم الذي يجمع الجميع ويوحد المصالح والهموم. في أستراليا موطن مرتكب الجريمة، كان لافتاً للأنظار ذلك الطفل المراهق الذي تصدى للسيناتور الاسترالي (فريزر انينغ) وقذفه بالبيض في الصورة الشهيرة في وسائل الإعلام، وكان أهم ما في الحكاية، أنها رسالة الأجيال الجديدة التي تنشأ رافضة لفكرة الكراهية ولو كانت من سيناتور. وأما في الجانب الآخر المظلم من المعادلة، فقد وقفت إيران تريد استغلال الحادثة بحجة الدفاع عن المسلمين في الكون، وهو ما لا يليق بها، فالذي استباح العراق، وقتل مئات الاف السوريين، وصنع أخطر منظمة حزب الله الإرهابية في الشرق الأوسط والعالم وفتح بوابة جهنم في اليمن، وأدخل التطرف إلى مختلف دول الخليج، وأخذ ينقل الإرهاب الى أوروبا عبر الاغتيالات لمعارضيه وغيره. لقد كان العالم أكثر جمالاً قبل مجيء الثورة الإيرانية، بالرغم من الظروف السياسية التي سادت خلال أربعين عاماً الماضية، وسيكون أفضل، بمجرد إعادة إيران الى حجمها الطبيعي، لأن إيران هي من تسببت في أكبر أزمات اللجوء والتي باتت أزمة إنسانية عالمية، ناهيك عن أن شعارات الحرب التي ترفعها إيران، ورعايتها للإرهاب، هو عامل إضافي لانتشار الكراهية. في نيوزيلندا.. كانت خسارتنا كبيرة .. لقد خسرنا جميعاً.. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى