fbpx

في كردستان؛ الصراع على السلطة بين الحزبين هل هو في صالح الكورد؟

تعقد حل المسألة الكردية أكثر وسط الخصومات بين السلطات الإقليمية والقوى الدولية من جهة والخلافات الحزبية الكردية من جهة أخرى، فبينما تناور إيران وتركيا وبعض الدول العربية من أجل الهيمنة في العراق وسوريا تؤدي الانقسامات بين الأكراد إلى تحويلهم إلى وكلاء يجذبون إليهم هذه الدول لتزيد فجوة الخلاف بينهم، وتصطف الفصائل المختلفة مع مختلف الرعاة الخارجيين؛ القوى العالمية التي تزيد بدورها تأجيج هذه الأزمات الداخلية بينهم، وفي النهاية لا يرجح قيام دولة كردية عابرة للمناطق، فهذا الاحتمال ترفضه القوى كافة، بسبب الانقسام السياسي بين الكرد أنفسهم، ويبقى الخلاف على السلطة وتمجيد شخصيات من يعدّونهم قادة؛ يتنازع أنصارهم على توسيع دائرة نفوذه وتخليد اسمه بوصفهم عبيداً وهو معبود، ربما لأنهُ من بقايا تقاليد ورثناها لتمجيد الزعماء الاستبداديين في الشرق الأوسط، وجعلنا من أنفسنا أتباعاً “فلولا العبيد لما كان السيد”.

  • جوهر الخلاف بين حزب (pdk- pkk) الصراع على السلطة

منذ حوالى قرن من الزمن لاح في منطقة الشرق الأوسط الاستعداد لوجود دولة كردية مستقلة، وأصبحت المسألة ملحة مجدداً بعد 2003 وحصول الإقليم على حكم ذاتي شبه مستقل وفق الدستور، لكن مع انهيار سوريا واستمرار الاضطرابات في العراق لم يعد السؤال يدور عما إذا كانت ستنشأ دولة كردستان مستقلة ولكن عن عدد دول كردستان التي ستظهر من جراء النزاعات في المنطقة ومن سوف يديرها، فتشكل دولة كردية وتحقيق الحلم الكردي، إلا أن الواقع الكردي يشكو من الخصومات الداخلية والانشقاقات والانشطارات الحزبية، وحالياً الصراع على السلطة بين حزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود برزاني وحزب العمال الكردستاني بزعامة عبد الله أوجلان الذي يمتلك فرعاً قوياً في سوريا يعرف بحزب الاتحاد الديمقراطي الـ( ب ي د) وتعود العداوة بين هذين الحزبين إلى زمن بعيد فهما يختلفان في الأيديولوجيا اختلافاً صارخاً، فما زال الديمقراطي الكردستاني متمسكاً بشدة بالبنى القبلية التقليدية في حين لم يتمكن حزب العمال الكردستاني من زعزعة جذورها الماركسية اللينينة الثورية على الرغم من ادعائه الديمقراطية، وكل حزب يرى نفسه الزعيم الشرعي للقضية الكردية وتتفاقم هذه الاختلافات وسط مطامع الدول الإقليمية والعالمية لاقتسام أراضيها.

  • (سنجار/ شنكال) مسمار جحا لتأجيج النزاع بين حزب الـ pdk) ) و(pkk)

ومن جملة الخلافات التي يمكن ملاحظتها بوضوح في مدينة (سنجار/ شنكال) ذات الأغلبية الأيزيدية في غرب العراق حيث تخندق مقاتلون موالون لحزب العمال الكردستاني بعد أن ساهموا في طرد داعش منها، وقد أوضحوا منذ ذلك الحين نيتهم في إقامة حكم ذاتي في هذه المنطقة وكأنها ملك له، وبدوره يرفض الحزب الديمقراطي الكردستاني وجود هذه القوات ففرض حظراً على مناطق شمال سوريا التي يسيطر عليها الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني.

  • اتفاقيات كردية برعاية رسمية جرى تجاهلها

وكان من جملة الاتفاقات التي جرى التوقيع عليها بلاغ (هولير1) بين المجلس الوطني الكردي السوري ومجلس شعب غرب كردستان الذي أشرف عليها السيد مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان، لتشكيل هيئة عليا مشتركة بين الطرفين باسم (الهيئة العليا للكرد(. وجاء هذا البلاغ بين الطرفين على شكل اتفاقية تاريخية، لاتخاذ موقف موحد حيال المستجدات التي تحصل في سوريا، في إطار التمسك الكامل بحقوقهم، لأن تحقيق الأهداف لا يكون إلا بالمحافظة على وحدة صفوف القوى الكردية والعلاقات الاستراتيجية مع القوى الديمقراطية في عموم سوريا مع اندلاع ثورتها. ليكون نص إعلان اتفاقية (هولير2) بين “مجلس شعب غرب كردستان والمجلس الوطني الكردي” في 11/7/2013 استكمالاً لما جرى الاتفاق عليه في وثيقة (هولير1) في 11/6/2012 بينهما بهدف وضع الآليات اللازمة لتفعيل الاتفاق وبلورة مشروع سياسي موحد يرتكز على الثوابت الوطنية والقومية للشعب الكردي في سوريا والعمل مع مكونات الشعب السوري جميعها من أجل إسقاط النظام القمعي الاستبدادي الذي أوصل البلاد الى مستنقع الحرب الأهلية، وبناء سوريا ديمقراطية وفق دستور جديد يقر بالتعدد القومي وبالشعب الكردي وبحقوقه القومية بحسب العهود والمواثيق الدولية وحل القضية الكردية في إطار اللامركزية السياسية وإلغاء القوانين والمراسيم الاستثنائية العنصرية كافة وإزالة آثارها وتعويض المتضررين.

  • الهيئة الكردية العليا بشقيها لم تلتزم ببنود اتفاقية (هولير)

كانت مهمة الهيئة الكردية العليا رسم السياسة العامة وقيادة الحراك الكردي في هذه المرحلة المصيرية، واعتماد مبدأ المناصفة في هيكلية اللجان كافة والتوافق في اتخاذ القرارات، وتشكيل ثلاث لجان تخصصية لمتابعة العمل الميداني، وتأكيد وقف الحملات الإعلامية بأشكالها كافة، وتحريم العنف ونبذ الممارسات كلها التي تؤدي إلى توتير الأجواء في المناطق الكردية، واعتماد اللائحة الداخلية الملحقة بوثيقة (هولير2) التي تتضمن آليات العمل، وتشكيل اللجان خلال أسبوعين من تاريخ التوقيع على الاتفاق، وكان هذا الاتفاق نصاً متكاملاً لا يجوز الإخلال بأي بند من بنوده التي أقِرَّت من الطرفين.

  • ممارسة سياسية “العصى الغليظة”

وبعد مضي عام على توقيع الأطراف الكردية في غرب كردستان على “اتفاقية هولير” وتشكيلهم للهيئة الكردية العليا، نجد طرفي الهيئة يتحملان مسؤولية ما آلت إليه الاتفاقية من فشل، فالمجلس الوطني الكردي لم يكن من الانسجام اللازم بحيث يمضي في الاتفاقية ويدفعها الى الأمام ويصحح مسارها ويصوبها في العمل الميداني بحيث تخلّف عن تشكيل اللجان المختلفة بمختلف الحجج والذرائع، والطرف الثاني في الهيئة الكردية العليا (مجلس شعب غرب كردستان)، لم يلتزم بكثير من بنود الاتفاقية، وبات يتصرف بشكل منفرد في محاولة للسيطرة على هذه الهيئة، وجعلها غطاءً سياسياً لما يقوم به، وشرعنة ممارساته تحت مسمى “الهيئة الكردية العليا”، وتشكيل قوة عسكرية باسم وحدات الحماية الشعبية (YPG) وقوات الأساييش، والادعاء بأنها تتبع للهيئة الكردية العليا، والتضييق على الأطراف الأخرى داخل الهيئة، وممارسة سياسية “العصا الغليظة” تجاه كوادر هذه الأحزاب وناشطيها، بل ذهبوا أبعد من ذلك كثيراً، وقاموا بحملة اعتقالات واسعة بين صفوف الناشطين والسياسيين الكرد في المناطق الكردية في غرب كردستان، بحجج واهية “تلفيق التهم” غير لائقة بحق السياسيين الكرد على مدار نضالهم السياسي، وقاموا بقتل المتظاهرين السلميين في عفرين وكوباني، ومؤخراً ما جرى في مدينة عامودا، وإراقة الدم الكردي بيد أخ كردي، والدخول في الممنوع كردياً، وهو الاقتتال الكردي- الكردي، ولم يستجب الـ(PYD) لبند “تحريم العنف ونبذ الممارسات التي تؤدي إلى توتير الأجواء في المناطق الكردية” فهناك جملة من القضايا كالاختطاف والاحتجاز، وهذه الأمور تستلزم توضيحاً بشأن ذلك، فليس من المنطق في شيء أن يكون الشريك محل إشارات استفهام باستمرار، إضافة إلى استحواذ (مجلس شعب غرب كردستان) الكامل على الموارد المستحصلة من جباية الضرائب من الأشخاص والبضائع عبر المعبر الحدودي، من دون حصول الشريك في الهيئة الكردية العليا (المجلس الوطني الكردي) على أي من عائدات هذا المعبر.

  • التشكيك في انتخاب أعضاء المرجعية الكردية أفشل اتفاقية (دهوك)

انتهت الجولة النهائية من المناقشات الحاسمة بشأن مصير اتفاقية دهوك التي لم ترَ النور، حيث بدأت أولى مشكلاتها عند انتخاب أعضاء المرجعيّة السياسيّة التي انتهت لمصلحة حركة المجتمع الديمقراطي ( Tev –Dem)  ما أثار حفيظة المجلس الوطني الكردي ودفعه إلى اتخاذ قرار حاسم بفصل ثلاثة أحزاب رئيسة واتهامها بالتصويت لمصلحة حركة المجتمع الديمقراطي  ( Tev –Dem)إذ اتفق المجلسان في (هولير) عاصمة إقليم كردستان على المضي في اتفاقية (دهوك) وإعلان إنهاء الخلاف الحاصل بين الطرفين بشأن عضوية الأحزاب الثلاثة، وبعد مدّة استؤنفت الحوارات من جديد بإشراف مباشر من الدكتور (حميد دربندي) ممثلاً عن فخامة الرئيس مسعود بارزاني فقد توصل الطرفان إلى تذليل العقبات التي كانت تعترض انعقاد المرجعية السياسية الكردية والاتفاق على تنفيذ اتفاقية (دهوك) نصاً وروحاً.

  • الـ (knk) حلم كردي يذوب بين طيات الخلاف على تمجيد اسم الزعيم الكردي المنتظر

عقد أعضاء مجلس المؤتمر الوطني الكردستاني (KNK) في هولير مؤتمراً صحافياً كشفت فيه “وثيقة مبادئ عمل المؤتمر الوطني الكردستاني”، وأُعلِن خلال المؤتمر الصحافي الذي تحدث فيه أعضاء مجلس “المؤتمر الوطني الكردستاني” عن مساعي المؤتمر لتوحيد صفوف الشعب الكردي منذ تأسيسه، وأشاروا إلى المتغيرات المتسارعة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وأجزاء كردستان الأربعة منذ عام 2011، وجرى التطرق إلى نتائج اللقاء التشاوري الذي انعقد في مدينة السليمانية تموز/ يوليو الماضي، وجرى تأكيد أن القوى المشاركة في اللقاء التشاوري طالبت بتعزيز مساعي الوحدة الوطنية في أجزاء كردستان كلها وأوروبا، وعليه قرر المجتمعون عقد لقاء موسع يجري خلاله تشكيل لجنة تحضيريه لعقد “المؤتمر الوطني الكردستاني”، وجاءت الوثيقة التي صدرت لتتضمن جملة مبادئ عمل عامة، وعملت اللجان التنفيذية والتشاورية على عقد “المؤتمر الوطني الكردستاني” لينتهي الخلاف وتذلل العراقيل بين حركة المجتمع الديمقراطي والأحزاب المنضوية تحت مظلتها السياسية وأيضاً الأحزاب المنضوية تحت مظلة المجلس الوطني الكردي، إلا أن الخلافات نفسها حالت دون انعقاده حتى الساعة. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” هذه المادة تعبّر عن وجهة نظر الكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي المرصد. حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى