fbpx

السيد الرئيس وقد أضحكنا

مع أول اطلالة للرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، (وقبل الرئاسة كان ممثلاً كوميدياً)، خاطب شعبه بالقول: “في الماضي كنت قد أضحكتكم، وأعدكم أنني في السنوات الخمس المقبلة لن أبكيكم”. ثم طلب من الشعب أن لايعلقوا صوره في مكاتبهم وبيوتهم، بل أن يعلّقوا صور أطفالهم. زيلينسكي شاب في الوحد والأربعين، ولا شك بأنه بات رئيساً لبلد محكوم بالطموح وبالمخاطر، وكما درجت العادة، يجعلان من الحاكم ديكتاتوراً.. هكذا درجت العادة، وهي العادة التي طالما أودت بالبلدان المحكومة بالطغيان أن لاتحقق طموحاً ولا تنجو من مخاطر. فوق ذلك هي البلدان التي تعلّق صور رؤوسائها لا في المكاتب الحكومية فحسب، بل وفي غرف منامة ناسها، وحين تضيق الأمكنة تعلق صورهم على أقفية الحمير، وقد سبق وحصل ذلك في بلد على شاكلة سوريا. زيلينسكي، وهو الشاب الوسيم، يطلب عدم تعليق صوره على جدران بلده، فيما تقتضي واجبات بلدان أخرى أن يعلّق شعوبها صور رؤوسائهم بالغي الدمامة في كل زاوية من كل مكان، ولا نظن أن عيدي أمين كان بالغ الوسامة ولا علي عبد الله صالح قمر زمانه، أما عن وسامة بشار الأسد، فلابد أنها تظهرت في ابتساماته التي يوزعها على شعبه فيما أطفال البلاد يموتون تحت الردم، وبقية الناس يتوهون ما بين سجين وقتيل ومتشرد، وصوره لابد وأنها أنهكت المطابع وعمال تزيين المدن المهدمة. أمام مشهد زيلينسكي، لابد للشباب العرب من التساؤل: وما هو ذنينا نحن حتى تكون مهامنا عبادة السيد الرئيس وتعليق صوره؟ وما هو ذنبنا حتى لانأخذ فرصتنا في ممارسة الحكم والتقدم بخطوات واثقة نحو انتخابات تكشف عن خيارات الناس؟ ومتى سيحدث كل ذلك؟ في السنتين الأولين من السنوات العشر الفائتة، احتل الشباب ساحات المدن، ورفعوا أصواتهم وأناشيدهم، ومن الساحات أطلقوا رموزاً شبابية لن تكون أقل كفاءة في حكم بلادها ومن زيلينسكي.. تحت وابل الرصاص والاعتقالات ابتكروا أساليب كفاحية كان يمكن أن تكون رائدة في رسم ملامح بلاد تدخل فعلياً صيغة الطموح والمخاطرة، وكان الرهان على أن يحققوا لبلادهم الطموح ويتداركوا المخاطرة. بين ليلة وعشيتها، غيب الشباب عن ساحات بلدانهم، وغيبوا بفعل تحالف فساد السلطة ومعارضاتها، وبفعل عنف السلطة ومعارضاتها، وبفعل حضور السلاح والسلاح المضاد، ولم يتبق من شباب هذه البلدان سوى شباب متشرد يبحث عن لجوء في مكاتب اللجوء الأوربية، أو شباب كل ما تبقى منهم صورة تذكارية مكتوب على رأسها:

  • الشهيد.

هذا ما حدث، فكيف لن يغار شباب بلادنا من بلاد صعد إلى رئاستها شاب كوميدي.. نعم كوميدي، وهذا لاينتقص من شأنه فمن عمل على إسعاد الناس من حقه أن يأخذ فرصته في قيادتهم. ثمة شاب يعلق على كلام زيلينسكي بالقول:” وعندنا أيضاً رئيس أضحكنا بعتهه، وأبكانا بحيونته”. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى