fbpx

تذكرة عودة إلى دمشق.. دخول الحمّام ليس كما الخروج منه

الكاتب: أحمد الخليل رغم مرور سنوات على هروب ملايين السوريين من بلدهم خوفًا من الموت والقصف والاعتقال والإختطاف، إلا أن حلم العودة إلى البلد مازال يراود كل شخص هاجر مجبرًا تاركًا وراءه ذكرياته وتفاصيل حياته وعمله وممتلكاته، ولم يستطع البدء من جديد في بيئة غريبه عنه، أو لم يمكنه التأقلم في مجتمع جديد ولغة جديدة، لذلك بقي لديه هاجس العودة القريبة، ففي المنافي تموت أرواح البشر قبل اجسادهم، وإذا كان حلم العودة قد تلاشى لدى معارضي النظام ومن يعملون في تيارات أو مؤسسات معارضة نتيجة استعادة النظام لأغلب المساحات الجغرافية التي خسرها في السنوات الأولى للحرب واستعادة سطوته في أغلب المناطق، فإن أغلب اللاجئين الذين فروا من العنف  يحلمون بالرجوع لديارهم ولبيوتهم ولبيئتهم ، فقسم كبير من اللاجئين في الدول المحيطة بسورية يعيشون في مخيمات وضمن ظروف تفوق أحيانًا ظروف الحرب قسوة وذلاً وخوفًا .. لهذا يرون في العودة تخلصًا من ذل المخيمات، رغم خوفهم الشديد أيضًا من العيش مجددًا في ظل سطوة النظام الساعي للانتقام من كل سوري لم يتحمل أن يبقى عبدًا الى الأبد . وحتى اللاجئين في أوروبا الذين يعيشون في ظروف جيدة مقارنة بلاجئي المخيمات ينتظرون اللحظة المناسبة للعودة الى البلد . والسؤال: هل هناك ضمانة بعودة آمنة للاجئين الى مدنهم وقراهم وبيوتهم ؟ حين نصح العميد عصام زهر الدين الذي قتل في شهر تشرين من العام الماضي 2017 كل المهاجرين بعدم العودة الى سورية معتبرًا أنهم جميعهم خونة !! تردد الكثيرون بالعودة، فتصريحه الذي حاول تعديله فيما بعد لم يكن نشازًا في سياسة السلطة ، وإنما كثف رغبتها في عدم عودة اللاجئين الى سورية، فعلى أرض الواقع تتم مصادرة أملاك الكثير من المهاجرين بتهمة مساندة الإرهاب، كما يتم الإستيلاء على بيوت وأملاك قسم من المهاجرين من قبل المليشيات المساندة للنظام، وحتى المعارضة الناعمة في الداخل السوري لا تسلم من الاعتقال أو الضغوطات الأمنية اليومية، وفي الفترة الأخيرة فصلت السلطات عشرات المعلمين من وزارة التربية بناء على تقارير تفيد بأن لهم موقف (سلبي) من النظام أو بناء على كتاباتهم ومنشوراتهم في مواقع التواصل الاجتماعي . كما أنشأ أحد المواقع الاعلامية المعارضة محرك بحث يتضمن أسماء مئات آلاف المطلوبين للاجهزة الأمنية السورية ، وهذا كما يرى كثيرون لا يعدو كونه لعبة استخباراتية  من النظام لتخويف الناس من أية عودة الى البلد، أي الموقع فعل ما يريده النظام بدقة، رغم أن الموقع الاعلامي توهم أنه استطاع القيام بسبق إعلامي ثمين!! ونتابع يوميًا قصص الإعتقال اليومية لبعض الناس العائدين من لبنان أو الاردن ..الذي صدقوا الضمانات الروسية  الخلبية …هذا غير منع الناس من ترميم بيوتها المدمرة أو ابتزازهم من قبل الحواجز أو دوائر البلديات والاستيلاء على أية مدخرات مالية (ان وجدت) معهم ، إضافة لحوادث الاختطاف اليومية التي تحدث في مناطق تسمى آمنة نسبيًا كما في الساحل السوري ..هذا اذا تغاضينا عن عدم توفر فرص العمل وانهيار قيمة العملة السورية والغلاء الفاحش الذي يعاني منه كل من بقي في البلد سواء أكان مواليًا أو معارضًا أم صامتًا. وتلجأ أجهزة الأمن أو الموالين لبث الاشاعات ضد اللاجئين حتى لمن خرج بفيزا نظامية عبر المنافذ الحدودية السورية لدب الرعب في قلب كل من يحلم بالرجوع الى البلد، فأحد الأصدقاء خرج بفيزا الى المانيا وكان موظفًا في احدى المؤسسات الحكومية ويجدد باستمرار اجازته السنوية ورغم ذلك اتصل به أحد أقربائه وسأله: هل صحيح أنك محكوم بالإعدام وفي حال عدت سيلقى القبض عليك!!! وبعد كل ما يجري في سورية إلا أن قسم من اللاجئين يعد العدة للعودة غير آبه بكل ما يدور في البلد، فالحلم يطغى على الخوف والذكريات والحنين يبني لهم وطنا مشتهى !! قرار العودة محسوماً!!  مئات الأمتار فقط هي التي كانت تفصلنا عن مبنى الإتحاد الأوروبي في بروكسل، حيث جلسنا منذ عدة أشهر في مطعم صغير يديره رجل سوري هاجر منذ زمن طويل الى بلجيكا، في تلك الجلسلة استفاض رجل أعمال سوري لاجيء بالحديث عن الوضع السوري، “مصطفى” المتلقي للاعانة الشهرية الآن بعد أن دُمر معمله في الشيخ نجار بحلب وأصبح (على الحديدة) يسرد بتفصيل كيف سرقت المعارضة المسلحة معمله بالكامل وباعته في تركيا، لذلك هو لا يخفي موقفه المناصر للنظام في سورية، ويؤكد أنه سيعود الى سورية حالما يستقر الوضع في حلب ولو بنسبة معقولة، ويحلم مصطفى بإعادة بناء مصنعه والإنطلاق من جديد، خاصة وأنه – كما يقول – يملك خبرة كبيرة في صناعة النسيج وتحديدا في انتاج الستائر ..، فهو لم يعد يحتمل ذل الإعانة الشهرية وصفة اللاجيء التي يحملها مكرها في بلجيكا …، لذلك هو على تواصل دائم مع زملائه الصناعيين الذي حالفهم الحظ بالبقاء في البلد . في الجلسة نفسها ساند ريمون ابن مدينة حلب مواطنه مصطفى بآرائه، فريمون صائغ الذهب والرجل الثري سابقا وسليل عائلة حلبية صناعية اشتغلت بالخيط والنسيج أيضا ، يحضر نفسه للعودة، فحياته هنا بلا معنى كما قال انها موت بطيء …  وفي سياق الحديث يتذكر الرجلان بحرقة وبشوق حاراتهما وبيوتهما وعملهما في حلب أيام العز قبل (مجيء زعران الريف الحلبي) ونهب المعامل والبيوت …، مصطفى وريمون يبرءان النظام ويعتبرأن ما قام به رد فعل طبيعي على ما يسمى ثورة أتت على العباد والبلاد فأصبحت أثرا بعد عين…!!!! أما وليد الممثل والمخرج المسرحي فلم يستطع تحمل العيش في ألمانيا لأكثر من سنة ونصف، كان يعتقد أن بوصوله المانيا سيسطع نجمه ويصبح فنانا معروفا ، لم يكن يخطر بباله ولو للحظة أنه سيعيش في مخيم للاجئين كلاجيء همه الأساسي الحصول على إقامة وانتظار البريد يوميا والدخول في متاهات البيروقراطية الالمانية، هذا غير مشاكل الحياة المشتركة مع ناس من عدة دول …، الالمان لا يهمهم ماذا كنت في بلدك الاصلي وماذا فعلت يهمهم ماذا تستطيع أن تكون هنا ..! لذلك أنت هنا حسب وليد لاجيء ولست فنانًا أو ممثلاً ، هنا أنت جاهل باللغة وبذهنية الالمان وعليك أن تبدأ من الصفر، وكل ما أنجزته في بلدك عليك نسيانه ..وبعد معاناة وتردد وصراع داخلي حسم وليد أمره وقرر العودة، ولخوفه من أن يكون مطلوب لأحد الأجهزة الأمنية – رغم أنه لم يكن لديه في السابق أية مشاكل مع السلطة ولم يتعاط السياسة لكن (الحذر واجب ) – أجرى صديق له اتصالات مع ممثل سوري (توفيق اسكندر) أصبح عضوًا في مجلس الشعب وعمل خلال سنوات الحرب كقائد لمجموعة من الدفاع الوطني في حمص ، وسرعان ما طمنه عضو مجلس الشعب أن وليد يستطيع العودة (لحضن الوطن) فسجله الأمني أبيض …ويمكنه معاودة نشاطه المسرحي في مديرية المسارح والموسيقا … الطريف أن زميل وليد الذي تدخل لصالحه كان لاجئًا أيضًا في الدانمارك، حيث جاءها من خلال لم الشمل الذي أجرته زوجته له ..حاول محمود العمل في إطار الفن والمسرح في الدانمارك، لكنه فشل في الدخول الى هذا المجال في منفاه ولكونه تجاوز الخمسين لم تعد لديه القدره الذهنية لتعلم لغة جديدة واتقانها والبدء من جديد، وباعتبار أنه كان ممثلاً مسرحيًا وعمل في كثير من الادوار التلفزيونية الثانوية الا أنه صنع شيئًا مهما في حياته المهنية، ومن الاستحالة نسف كل ماضيه والعمل من جديد في مهنة جديدة كالتنظيف أو المطاعم، فهما المهنتين الوحيديتين المتوفرتين بكثرة للاجئين في أوروبا وخاصة في أول خمس سنوات، وهكذا قرر محمود العودة ! وبالنسبة إليه كما قال “العودة للبلد أفضل” كونه أمن أولاده وزوجته في الدانمارك ،وحياتهم تسير بشكل جيد بعيدًا عن الخوف والرعب الموجود في البلد. بعثي متدين يكسر البصلة على أنفه بينما البعثي ومدير المدرسة الابتدائية السابق أبو حسان والملتزم دينيًا (كسر على أنفه بصله) وعمل مع شركة تمديدات صحية رغم تجاوزه الخمس والخمسين سنة، فهو لم يستطع تجاوز امتحان مستوى اللغة الاول (B1) لذلك كان محظوظا كما قال أنه وجد عملاً ، فهو بعكس وليد ومحمود لا يهمه ماذا كان في سورية المهم بالنسبة له العمل وتوفير (قرشين) لترميم بيته في حي صلاح الدين الحلبي الذي فتحوا فيه ثغرات وطلاقات (مجاهدي) عبد القادر الصالح وتم نهب جميع محتويات البيت، وأطلعني أبو حسان على فيديو لبيته المدمر جزئيًا، ويتحسر ويتألم على ضياع تعبه لسنين طويله حتى استطاع بناء هذا البيت، ابو حسان يرسل شهريا مبلغًا من المال لأخيه لمتابعة ترميم المنزل، فهو سيعود بأقرب فرصة، والحافز الأساسي لعودة أبو حسان الى البلد هو الخلافات المستمرة مع زوجته والخروج على أوامره!! فهي تعمل في مطعم كبير رغم اعتراض زوجها (فالمرأة مكانها البيت لخدمة زوجها وأولادها )!! لذلك انفصل أبو حسان عن زوجته وكل منهما يعيش في غرفة ضمن بيت واحد، وفور عودته كما قال سيتزوج من امرأة أخرى ليربي زوجته الاولى التي تختلط مع الالمان في العمل ، ويقول بحرقة لو كنا بسورية لكانت زوجتي ملتزمة ببيتها وزوجها …ولما استطاعت تحدي زوجها “هون بألمانيا صار لها لسان تحكي.”، ويستطرد أبو حسان “يارجل هناك نسوان خلعوا الحجاب بألمانيا …أليس هذا كفرا وخروج عن الدين “؟!!! واذا كان البعض يريد العودة لمتابعة حياته ومهنته في بلده هناك آخرون فضلوا العودة للموت في البلد، فهم لايريدون لاجسادهم أن تسكن قبرا باردا في المنفى البعيد، فأبو هيثم الرجل السبيعيني – والذي كان عنصر أمن في حمص- الذي اضطر للمجيء الى المانيا برفقة ابنته وحفيده ضمن برنامج الأمم المتحدة لتوطين قسم من اللاجئين المتواجدين في لبنان- اكتشف بعد عدة شهور من وصوله ألمانيا اصابته بسرطان الرئة، ولحسن حظه تزوجت ابنته عرفيًا من رجل سوري على يد شيخ جامع في ميونخ، فاطمئن ابو هيثم على ابنته انها بعهدة رجل سوري يستطيع حمايتها مع حفيده، وسارع لانهاء إقامته بشكل رسمي وعاد أدراجه الى لبنان حيث أولاده الذكور يعملون ، ولم تمض أربع شهور على عودة أبو هيثم الى لبنان حتى أخبرني أحد معارفي أن أبو هيثم توفي هناك ودفن في مقبرة لبنانية، ولم يتحقق حلمه كاملاً فلطالما حلم بالموت في حمص حيث عاش حوالي السبعين عامًا !!  أسباب العودة   يؤكد كثير من اللاجئين في برلين أن السفارة السورية مكتظّة هذه الأيام للحصول على جوازات سفر أو تجديد الجوازات، فبعد عامين من تدفق اللاجئين الى اوروبا وخاصة ألمانيا (2015)، بدأت ظاهرة الهجرة المعاكسة، ومن يرصد المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة “الفيس بوك” يتوصل الى أن هناك الاف الأشخاص يفكرون جديًا بالعودة ، وتتعدد أسباب الهجرة المعاكسة بين الأسباب الشخصية والأسباب الثقافية أو العائلية . مثلا محمد ابن ادلب والذي أصبح بالغًا في المانيا بعد تجاوزه سن الثامنة عشرة فقد فرصة لم شمل أهله، فالحرب أفقدته طفولته ومراهقته ولا يريد أن يفقد شبابه بعيدًا عن أهله وعائلته، لذلك يفكر جديًا بالعودة رغم نجاحه في كورس اللغة وتقدمه في اللغة الالمانية عائلة محمد كما كثير من العائلات السورية التي لا تملك المال أقدمت على إرسال أحد أفراد العائلة الى المانيا ومن ثم يقوم هؤلاء الشباب عند وصولهم إلى أوروبا بتقديم طلب لم الشمل لأسرهم، ولسوء حظ قسم كبير من اللاجئين تغيرت هذه السياسة في ألمانيا العام الماضي. وحصل قسم كبير على إقامة مؤقتة ولم يعد بإمكانهم لم الشمل …فقرر قسم منهم العودة الى البلد. أما بالنسبة للسوريين الأكبر عمراً في ألمانيا، فالمشكلة في بعض الأحيان ثقافية، حيث يسود بين السوريين قلقٌ من التأثير الذي ستتركه الثقافة الألمانية على عائلاتهم كما هي حالة أبو حسان فحسب قناعته أثرت القوانين والثقافة السائدة في المانية على علاقته بزوجته !! وهذا ما حدا بأبي عبده بتزويج ابنته لابن عمها في لبنان وخوفه من أن تؤثر الحياة الاجتماعية والقيم الاوروبية على عقل ابنته وترتبط بشخص الماني، فاتفق مع أخيه على تزويج ابنته من ابن عمها واستخرج لها جواز سفر سوري مستعجل من السفارة ببرلين كلفه 750 يورو ، وسيرسلها بعد شهرين الى لبنان بعد أن ينهي الأوراق اللازمة. وبالنسبة للأشخاص الذين كانوا أغنياء في سوريا، من الصعب عليهم تقبل خسارة المكانة الاجتماعية التي كانوا يحظون بها وتحولحهم الى متعيشين على الإعانة الشهرية كما في حالة ريمون ومصطفى ! لا الجنّة ولا العسل واللبن.. كل ما وصله 300 رسالة من الجوب سنتر والبعض الآخر تناثر حلمه بعد وصوله ألمانيا أو دول اوروبية أخرى، فالجنة الموعودة حيث الكسل وأنهار العسل واللبن والاعانة الشهرية لم تكن جنة إنما جحيم للبعض حيث عليهم تعلم لغة جديدة صعبة والبحث عن عمل وتحمل ضغوطات الجوب سنتر والمجتمع الأوروبي ومتاهات البيروقراطية ورسائل البريد اليومية وصعوبة التعامل مع البريد وفهم الرسائل والبحث عن معارف المان للمساعدة في التعامل مع ذهنية المؤسسات الاوربية والالمانية، فمحمود الشاب الفلسطيني قال لي : “في حياتي  كلها في سورية وصلني ثلاث رسائل بالبريد، وخلال أربع شهور في ألمانيا وصلني 300 رسالة !!، من مركز العمل ودائرة الاجانب ومدرسة اللغة،  ومع كل رسالة يصيبني الارتباك وأتسائل ماذا سأفعل …وكيف سأجيب على الرسالة ” ويؤكد محمود: “الحياة بسورية أسهل بألف مرة من ألمانيا، ويتابع: (لو أن لي بيت والأمور ميسرة لي كفلسطيني لكنت عدت وانتهيت من (هالشرشحة) على الأقل الواحد اذا كان لديه معاملة معقدة في دوائر الدولة بيكلف معقب معاملات يتابع له الامور وبشوية مصاري بيريح رأسه”. ومن القصص الطريفة لأسباب العودة قصة ابو محمد زياد (من ريف أريحا في ادلب) أبو محمد رجل أمي لم يسبق له الدخول الى أية مدرسة في سورية ، تم الزامه بالخضوع لكورس في اللغة الالمانية حسب ما هو متبع في قوانين اللجوء ..وخلال تسعة أشهر فشل أبو محمد في كتابة أي حرف من حروف الالمانية!! أبو محمد الذي كان يعمل في لبنان في مقلع للحجارة قال لي: “أن العمل بمقلع الحجارة أسهل من تعلم اللغة الالمانية …!” زياد لديه ستة اولاد أكبرهم فتاة بعمر 15 سنة وأحد ابنائه معاق ورغم ذلك كما قال لي: سيعود فور عودة ادلب الى كنف الدولة ..فهو لا يستطيع الاستمرار في المانيا فهو يتعرض لضغوط شديدة فيما يخص اللغة والعمل وهو غير قادر على تعلم أي حرف . مخاطر العودة تشبه مخاطر القدوم الى المانيا! قسم من العائدين من ألمانيا الى سورية (حسب بعض المجموعات على الفيس بوك ) يسافرون إلى اليونان بوثائق سفرهم الألمانية. ومن هناك، يستقلون باصأً إلى نقاط حدودية عديدة يقترحها المهربون على طول الحدود التركية، وإما أن يجدو جسراً ليعبروا فوق نهر ماريتسا، أو يتواصلوا مع مهرب متمركز هناك بشكل دائم ويمكنه أن يأخذهم عبر النهر في قارب مقابل 100 او 200 يورو. وكما هو الحال في الطريق إلى أوربا، فإن العائدين في طريقهم المعاكس لرحلتهم الأولى عليهم الوثوق بالمهربين والذين عادةً ما يضللونهم فيما يتعلق بالوضع الحقيقي ويجعلونه يبدو أسهل مما هو عليه….فهدفهم الأول والأخير هو قنص أكبر مبلغ ممكن من المال، وعندما يصلون إلى تركيا، فإن بعض السوريين يبيعون وثائقهم الألمانية لسوريين آخرين بسعر قد يصل إلى 3000 دولار. ويمكن للمشتري أن يطير إلى ألمانيا باستخدام الوثائق، قبل أن يقدم طلب لجوء لنفسه عندما يصل إلى هناك بأمان. أحدهم كتب على صفحته (أنا ذاهب من ألمانيا إلى تركيا، إذا وجدتم شخص يشبهني، يمكنه أن يأخذ جواز سفري ويسافر به إلى ألمانيا). وبالنسبة للكثير من السوريين، فإن بيع وثائقهم الأوربية يسمح لهم بتغطية مصاريف رحلة العودة. ويعتقد البعض أنه بسبب عدم وجود المساعدة ووسائل العودة القانونية فإن السوريين ليس لديهم خيار إلا أن يرجعوا بطريقة غير شرعية – مثل ما جاؤوا – ويتبعوا نفس الطرقات التي عبروها منذ ثلاث أو أربع سنوات ولكن بالاتجاه المعاكس. بعض اللاجئين يلجأ الى طرق قانونية للعودة الى البلد من خلال المنظمة الدولية للهجرة التي تدفع تكاليف رحلتهم. وحسب بعض السوريون فإن السفارة السورية في ألمانيا تسهل رحلات العودة عن طريق إيران. فإذا كان لديك جواز سفر سوري، يمكنك أن تذهب إلى السفارة السورية في برلين وتقول إنك تريد العودة إلى سوريا، و سوف يساعدك موظفو السفارة على السفر بالطائرة إلى طهران ومن هناك إلى مطار دمشق… أما المعارضين للنظام والذين يرغبون بالعودة، فغالبا ما يعودون عن طريق تركيا عبر مهربين الى مناطق سيطرة المعارضة في الريف الحلبي أو ادلب … على صعيد النخب السورية اللاجئة في دول أوروبا وخاصة المعارضة منها فإن العودة للبلد تعتبر عودة الى حضن النظام، فلا يعتدون بكل ما سبق من أسباب وغالبا ما يتم تخوين العائدين الى (حضن الوطن) وخاصة لمن كان محسوب على هذه النخبة وانشق عنها وتصالح مع النظام …بعد خصومة مؤقتة !! مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” هذه المادة تعبّر عن وجهة نظر الكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي المرصد. حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى