fbpx

الأردن ينعي الشاعر "أمجد ناصر"

نعت وزارة الثقافة الأردنية، الأربعاء، الشاعر العربي والأردني الكبير “أمجد ناصر” الملقب بـ “عرار الأردن الجديد”، الذي وافته المنية صباح الأربعاء، عن عمر يناهز 64 عاماً بعد صراع مع المرض.

وأشارت الوزارة إلى أن الشاعر الأردني، كان قد بدأ رحلته مع الكتابة قبل نحو أربعين عاماً من عمان، وتنقل ما بين بيروت، وقبرص، وصولاً إلى لندن التي استقر بها في سنواته الأخيرة، بعد محطات من الهجرة التي حملت معها محطات في الكتابة في الشعر والسرد، تشعبت بين كتابة عن أمكنة، وعن أدب الرحلة، والرواية.

وقال وزير الثقافة الدكتور “محمد أبو رمان”: ” أمجد ناصر سيبقى في ذاكرة الأردنيين، وفي ذاكرة عمان التي انطلقت منها كلماته الأولى، وكتب فيها ديوانه الأول “مديح لمقهى آخر”، والذي تحدث فيه عن شوارع ومقاهي عمان.

وذكر تجربة الشاعر “ناصر” الشعرية، التي وصفها بأنها كأحد أبرز رواد الحداثة الشعرية، وقصيدة النثر، ونتاجه الإبداعي، ومساهمته كشاعر، ودوره الكبير في إثراء المشهد الشعري العربي من خلال مؤلفاته الشعرية، ومن خلال مشاركاته المتعددة في المهرجانات العربية والدولية.

حيث كان أول شاعر عربي يقرأ في الأمسية الافتتاحية لمهرجان لندن العالمي للشعر، ومشاركته في لجان تحكيم الجوائز العربية والدولية في الأدب والصحافة.

وبحسب وكالة الانباء الأردنية، فقد حصل الشاعر الراحل على جائزة الدولة التقديرية في حقل الآداب، ووسام الإبداع والثقافة والفنون الذي منحه إياه الرئيس الفلسطيني محمود عباس تقديراً لدوره بإغناء الثقافة العربية، وتحديداً الأردنية والفلسطينية.

كما أصدر عبر مسيرة إبداعية وصلت إلى 40 عاماً عدداً من الدواوين من بينها “مملكة آدم”، “مديح لمقهى آخر”، و”بيروت” و”منذ جلعاد كان يصعد الجبل”، و”سُرَّ من رآك”، و”حياة كسرد متقطع”.

ولد الشاعر “يحيى النعيمات” المعروف باسم ” أمجد ناصر” في الرمثا عام 1955، ودرس العلوم السياسية في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وعمل في الصحافة العربية في بيروت وقبرص، وساهم في تأسيس صحيفة “القدس العربي” سنة 1987 في لندن التي أقام فيها، وتولّى إدارة التحرير والإشراف على القسم الثقافي في الصحيفة منذ 1989.

وفي عام 2006 نال جائزة محمّد الماغوط للشعر من وزارة الثقافة السورية، وتُرجم عدداً من أعماله الأدبية إلى اللغات الفرنسية والإيطالية والإسبانية والألمانية والهولندية والإنجليزية.

وكان الشاعر “ناصر” قد رثا نفسه في تدوينة وقصيدة مطولة، بعد أن عرف وفق التقارير الطبية أن أيامه في الحياة أصبحت معدودة، بعد أن تمكن المرض منه، لا سيما بعد أن سأل طبيبه، عما إذا كان يعرف عدد الأيام المتبقية له في حياته، لأنه يريد أن يكتب أكثر من كتاب، مكتفيا بالقول إنها أيام قصيرة.

فيما يلي بعض مما دونه الشاعر الأردني أمجد ناصر، والتي كتبها في الـ 13 من شهر مايو الماضي:

في آخر زيارة إلى طبيبي في مستشفى تشرينغ كروس في لندن، كانت صور الرنين المغناطيسي عنده من علامات وجهه شعرت بنذير سوء.

قال من دون تأخير: الصور الأخيرة لدماغك أظهرت للأسف تقدماً للورم وليس حداً له أو احتواء، كما كنا نأمل من العلاج المزدوج الكيمو والإشعاعي.

كان مساعده دكتور سليم ينظر إلى وجهي وفي عيني مباشرة، ربما ليعرف رد فعلي.

قلت: ماذا يعني ذلك؟
قال: يعني أن العلاج فشل في وجه الورم.
قلت: والآن ماذا سنفعل؟
رد: بالنسبة للعلاج، لا شيء. لقد جربنا ما هو متوافر لدينا.
وفي ما يخصني ماذا عليّ أن أفعل؟
قال: أن ترتب أوضاعك. وتكتب وصيتك!
قلت: هذا يعني نهاية المطاف بالنسبة لي.
ردّ: للأسف.. سنحاول أن تكون أيامك الأخيرة أقلّ ألماً. ولكننا لا نستطيع أن نفعل اكثر.

قبل أن أغادره قال: هذه آخر مرة تأتي فيها إلى عيادتي. سنحولك إلى الهوسبيس. وكانت آخر مرة سمعت فيها هذه الكلمة، عندما دخلت صديقة عراقية أصيبت بالسرطان في المرحلة النهائية. يبدو أن الهوسبيس مرفق للمحتضرين أو من هم على وشك ذلك.

قلت له: لدي أكثر من كتاب أعمل عليه، وأريد أن أعرف الوقت.

حدد وقتاً قصيراً، لكنه أضاف هذا ليس حساباً رياضياً أو رياضيات. فلا تتوقّف عنده.

الطريق إلى الكتلة

عدو شخصي

ليس لي أعداء شخصيون
هناك نجم لا يزفُّ لي خبراً جيداً،
وليلٌ مسكون بنوايا لا أعرفها.
أمرُّ بشارعٍ مريبٍ وأرى عيوناً تلمع
وأيدياً تتحسس معدناً بارداً،
لكن هؤلاء ليسوا أعداء شخصيين،
فكيف لجبلٍ
أو دربٍ مهجورٍ أن يناصباني العداء،
أو يتسللا إلى بيت العائلة؟

أيها الشيء القاتم الذي أخذ أمي وحبيبتي الأولى
والأنفاس التي رفعت عليها مداميك حياتي إلى الجانب الآخر من التراب
ما أنت؟
ما مشكلتك معي
إن كنت رجلاً اخرج إليَّ من مكمنك
تعال نلتقي في أي جبَّانة تريد
وجهاً لوجهٍ
لسوف ألقنك مواثيق الرجال
كما لقنتني إياها الصحراء والغدران الجافَّة
أرني وجهك قبل أن تنتضي قناعك الذي تسمّيه عقاباً إلهياً
فأنا لي آلهتي أيضاً لكني لن أدعوها لنزال الوجوه السافرة
إن كان لك دين عندي
أو مشكلة شخصية كأن أكون خطفت هيلين الشقراء من حضنك
ومرغت شرفك في الوحل
مع أني لا أذكر شيئاً كهذا
لا تسترد دينك من الذين يمرون في هذه الدنيا
كما تمر أنفاس الرعاة في قصب الناي..

روح حرَّة
إلى هند

أيَتها الروح الحُرَّة.
لم تنطفئ شعلتك رغم الريح التي تهب في غير موعدها،
رغم الأيام الجافة
الأيام الماطرة
النجوم التي صارت صخوراً بعدما هجرتها الأغاني
وهذه الليالي المرسومة بالفحم
كيف كانت ستدلني على الطريق.
زرعنا زيتونةً فأثمرت.
شتلة عنب فغطّت سياج الجارة التي لم تعرف
كيف نصنع من أوراقها الخضر طعاماً وخارطة
يدُكِ تقلب التراب فتعثر على دودة
تعيدها إلى مكانها،
شذرة ذهب فتطمرها
لعلها علامة الغريب الباحث عن كنز أجداده الذين مروا من هنا.
كنزك لا يلمع. بل يطلع من غصن يابس، وجذرٍ ذاوٍ.
ها نحن نرفع يداً فيرتد أربعون ظلاً على حائط الحمائم المطوَّقة
لم يعد، هنا، للكلام معنى إلا في رواسبه الغائرة
فقد أودع الأيدي سعفٌ كثير لأيام الأسبوع.
أيتها الروح الحرة
لا الأحمال هدَّتك
ولا طول الطريق.
الرحلة التي بدأت برقصة تحت نجم
لم تبلغ تلال الوعد السبعة بعد.

لم تكن لهذه الكلمات مناسبة. هكذا خطر في بالي حينها. إنها ليست أكثر من تحية لرفيقة رحلة شاقة. ولكن كلا، ففي ثناياها، في ما لم أره من وجوهها المحجوبة عني، حتئذ، تمدد شريط من الورم بين جسدين. عندما، لا تجد أي خيار، وربما بمحض اختيار حر، “تتبرع” ببضعة من لحمك “كلية” لتمشي خطوات أكثر مع رفيقة / رفيق حياتك، قد يكون هذا أقصى ما بوسعك عمله، ثم تظن أنك قدمت، أخيراً، “هديتك” أو ربما “أضحيتك”.

تُقبل “الأضحية” وتقوم بعملها على أفضل وجه.. إلى حين، لكنه حينٌ طويل بعض الشيء “ست سنين”، إلى أن “تتسرطن”، وتفشل.. ثم يصار إلى استئصالها ورميها في مختبر ما لمزيد من “الدراسة” والتحليل.

ثم أردفها بقصة طويلة تحاكي مرضه من بدايته.

مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى