fbpx

الاقتصاد السوداني في عين العاصفة

على وقع الاضطرابات السياسية بالسودان، ووسط غموض في المشهد يثقل كاهل الوضع الاقتصادي، ويترك ندبا سلبية، يصعب ترميمها، يترنح الواقع الاقتصادي في البلاد الذي كان قبل الحراك الشعبي السوداني والإطاحة بعمر البشير، في حالة لا يُحسد عليها، من تآكل احتياطي النقد الأجنبي، وانتشار السوق السوداء للعملة، إلى انحسار القدرة الشرائية، بالتزامن مع ارتفاع الأسعار واستشراء البطالة والفقر والفساد.

لكن السؤال الأكثر الحاحا هو، هل من الممكن ان يتعافى السودان الذي فقد معظم موارده النفطية بعد انفصال جنوبه، وتشهد مؤشراته المالية والاقتصادية والنقدية تدهورا كبيرا؟ سؤال ربما قد يُعجز عن تفكيك عقده، في ظل أزمات معيشية هي الأكثر إيلاما للمواطن السوداني، بسبب الزيادات اليومية المضطردة في أسعار السلع الاستهلاكية الضرورية.

ومن رحم ما يكابده الشعب السوداني من مشقات العيش، يقول الناشط الحقوقي “عبد الرحمن طه” لمرصد مينا ان “الأهالي والعاملين في القطاع العام والخاص، يعانون من وضع اقتصادي ومعيشي سيئ في ظل انعدام السيولة وارتفاع الأسعار بشكل عام وعدم تناسب الدخل مع المصروفات، لافتا الى ان مرتبات العاملين في القطاع العام لا تكفي 10% من حجم الإنفاق العام الشهري في ظل ضعف الحد الأدنى للأجور الذي لا يتجاوز 425 جنيها.

الأوضاع المعيشية الصعبة في السودان، دفعت السيدة ايمان أحمد حبو، وهي تدير متجرا صغيرا في العاصمة الخرطوم- للحديث مع مرصد مينا، حول ما يتعرض له التجار من غلاء الأسعار، لافتة الى تعاظم نسبة الركود وضعف القوة الشرائية، وما يترتب على ذلك من خسائر باهظة، قد تدفع بالكثيرين من أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة الى إغلاق متاجرهم ومحالهم، مترقبين تحسن الأوضاع.

ومع انخفاض المبيعات بنسب عالية، يقول أبو الفاضل لوكالة الصحافة الفرنسية في مكتبها بالخرطوم “انخفضت المبيعات إجمالا من 20 إلى 25 بالمئة وبنسبة تصل إلى 40 بالمئة في قطاعات محددة في نشاطي التجاري” لبيع المنتجات المنزلية والأثاث المكتبي، اذ يملك هذا التاجر “خمسة مراكز تجارية في العاصمة باستثمارات يصل حجمها إلى مليون دولار. ويعتمد في غالبية نشاطه على الاستيراد. وقد عمد أخيرا إلى شراء بضائع أقل سعرا أو وقف الاستثمار في البضائع غير الأساسية” ويؤكد على ان “حجم الاستيراد عموما تراجع. وأوقف عدد كبير من التجار الاستيراد”.

ويقول التاجر أبو الفاضل “في ظل عدم وجود حكومة “تعلن سياستها الاقتصادية، أنا كمستثمر لا أستطيع اتخاذ القرار في حالة الغموض الحالية” وهو ما يتفق معه رجل الأعمال محمد حسين مضوي الذي يملك شركات في القطاعين الزراعي والصناعي توزع الورق والبلاستيك. ويقول “بسبب ضعف الإقبال وتراجع قيمة الجنيه، خفضتُ نسبة الاستيراد ما بين 20 إلى 30 بالمئة”، مشيرا الى أن الحركة “شبه متوقفة”.

وتقول هنادي محمد، وهي أم لسبعة أطفال بينما تتسوق في مركز أبو فاضل في شمال الخرطوم “لا أستطيع الشراء لأنه لا توجد سيولة. ولا أعرف كم من الوقت يمكن أن نعيش هكذا؟”، فيما تتكدس أدوات منزلية على الرفوف رغم الحسومات الكبيرة.

وبالرغم من عودة الحياة لطبيعتها في الخرطوم وفتح المحال التجارية أبوابها مجددا، يلاحظ تراجع الإقبال وضعف حركة البيع والشراء في الأسواق، ويقول عماد بابكر، وهو ربّ عائلة، فيما يدفع بعربة تسوق خاوية أمامه، لوكالة فرانس برس الفرنسية “الأسعار تضاعفت ثلاث مرات منذ نهاية 2018. نذهب فقط للمحال التي تعلن عن حسومات، لكنّ قدرتنا الشرائية ضعيفة جدا”.

الصحافي والاقتصادي البارز خالد التيجاني زاد بدروه متحدثا عن الحركة التجارية التي “تعمل في الحد الأدنى أساسا منذ كانون الثاني/يناير الفائت”، مشيرا الى أن هناك قطاعات لا تزال تعمل مثل “الكهرباء والوقود والمواد الغذائية، لكن لو استمر الوضع الحالي حتى هذه الأشياء لن تكون موجودة”.

ويضيف أبو الفاضل “رغم الثورة والضغوط، فالوضع الاقتصادي ليس أسوأ مما كان (قبل سقوط البشير). لكن إذا استمرت حالة الترقب والغموض فالاقتصاد سينهار”، ولا يعرف على وجه التحديد حجم احتياطي النقد الأجنبي الحالي في السودان. ويستنزف الاقتصاد السوداني المعتمد على الاستيراد والذي يعاني عجزا في الميزان التجاري منذ سنين، هذا الاحتياطي. وتراكمت الديون الخارجية إلى أكثر من 55 مليار دولار.

مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الاعلامي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى