fbpx
أخر الأخبار

كورنا.. إني أغرق أغرق أغرق

إعلان الرئيس فلاديمير بوتين عن اكتشاف لقاح لفايروس كورنا، قد يحمل واحد من احتمالين، (وليس في الاكتشافات المخبرية احتمال ثالث فإما صح وإما كذب).

إن كان اعلانه جدًا فهذا سيقرّب خلاص العالم من فايروس لم يبق من العالم القديم سوى هيكله العظمي.

وإن كان كاذبًا فلن يزيد البحر ملوحة.

غير أنه إن كان صحيحًا (ونرجو ذلك)، فالعالم مقبل على معركة كبرى هي معركة الشركات الدوائية التي تعتبر ثاني أو ربما أول مصدرًا لتراكم الأموال والرساميل، في صراع كسر عظم ما بين الشركات الدوائية، ولهذا فما أن نطق بوتين حتى انبرت منابر إعلامية، بعضها يعتمد مواقف شخصية / انطباعية، وبعدها يشتغل برعاية شركات دوائية الى التشكيك ببوتين وسياساته، بل حتى بالبعد الأخلاقي لبوتين ونظامه السياسي. وهذا ليس جديدًا على عالم الدواء، فما أن يعلن علماء وشركات وحكومات عن قرب إطلاق لقاح  مأمول فى الأسوق (كورونا أو سواه) ، حتى يرد عليهم عالم أو خبير ليؤكد أن اللقاحات التى تم الإعلان عنها لاتزال فى طور التجريب، وأن ما أعلن عن اختبار فاعليتها هو مجرد تكهن، أو رغبة من الشركات لحجز مكان لها فى سباق محموم بين شركات الأدوية الكبرى لحجز مكان تحت الشمس أو بالأدق حجز جيوب للأموال التى سوف تتدفق على الشركات المنتجة.

اليوم السابع المصرية كما سواها من المنصات الاعلامية حكت بالموضوع، متكئة على بعض الآراء العلمية وبناء على هذه الآراء  لا يمكن إعلان رأى حاسم عن موعد طرح اللقاح المضاد لكورونا، لأن الأمر لا يعدو أن يكون دعاية تسويقية تضمن ارتفاع أسهم الشركات، وفى نفس الوقت تصدر الصورة وعمل دعاية للأدوية الأخرى، التى سوف تحصل على دفعات تمكنها من الحياة فى سوق دواء عالمه لا يرحم.

لعبة اللقاح والدواء على طرفى نقيض (وهو تعبير لليوم السابع)  ففى حين تريد شركات الأدوية ألا يتم طرح اللقاح الآن، لأنها تحقق أرباحا جيدة من بيع أصناف من الأدوية المتعلقة ببروتوكولات العلاج المختلفة، وتفضل شركات الدواء إنتاج وبيع الأدوية دائمة الاستعمال، أو الأمراض المزمنة والمستمرة التى تمثل مصدرا مهما لدخل هذه الشركات، وأرباحا دائمة طوال الوقت.

 وعلى العكس، فإن التوصل إلى لقاح مضاد للفيروس، ربما يكون عائقا أمام رواج منتجات الشركات الكبرى التى تفضل استمرار الدائرة المغلقة لتواصل الأرباح تدفقها، ولهذا فإن الشركات الكبرى تتسابق لا لإنتاج أدوية الإيدز، وأيضا أدوية الالتهاب الكبدى، قبل ظهور السوفالدى، ولهذا تفضل إنتاج الأصناف الخاصة بكل مرض مزمن، مثل أدوية السكر والقلب والضغط والأمراض التى تستمر مع المرضى طوال حياتهم، ولا يمكن للمريض أن يتوقف عن تعاطيها.

 ولا تميل شركات الأدوية للأدوية التى تعالج فورا، فيحصل المريض على الشفاء، ونفس الأمر فيما يتعلق باللقاح، الذى قد يستعمل لأيام أو يختفى الفيروس بمجرد ظهور الدواء، وقد سبق وتم التوصل إلى لقاح لسارس، واختفى الفيروس، فضلا عن ظهور أعراض جانبية، حيث يصاب بعض من تم تطعيمهم باللقاح بمرض النوم.

وبسبب هذه التجارب، فإنه يبدو أن الشركات الكبرى أحجمت عن دخول منافسة التوصل إلى لقاح لفيروس كورونا، وتركت الفرصة لشركات غير معروفة، بينما ركزت هذه الشركات فى تسويق منتجاتها من الأدوية الأساسية والمعاونة فى علاج كورونا، وهى أصناف يمكن أن توفر لهذه الشركات دخلا لعدة شهور، وحتى تنتهى أزمة كورونا من العالم.

ثم إن الشركات لا تميل لإنتاج لقاح مضاد لفيروس قد يرحل فى أى وقت ويترك لها الحسرة، شركات الدواء تعرف أنها شركات استراتيجية، تنتج سلعة لا يمكن مقاطعتها أو تخفيض الجرعات، ولا يمكن استبداله أو الاستغناء عنه، وهو تفكير يبدو أن الشركات فيه تحرص على الربح، بصرف النظر عن باقى التفاصيل، وتبرر ذلك بأنها تنفق على الأبحاث كثيرا، وفى حال عدم تعويض الخسائر، سوف تغلق هذه الشركات أبوابها.

لكن الواقع أن شركات الدواء تمثل أحد أهم أضلاع لعبة كبرى، لا تختلف كثيرا عن تجارة السلاح، وتتطلب جهدا ووقتا لمكافحتها.

بالنتيجة نعود إلى المقدمة:

ـ إذا كان اللقاح قد أنجز فعلاً فهو مكسب للبشرية سواء كان منتجه أصفرًا أو أحمرًا أو أسودًا، وإذا كان كذبة فالحجّة على من ادّعى، وهذا البحر وذاك الغطس، أما ععن المصابين بالفايروس فليس أمامهم سوى ترداد عبد الحليم حافظ:

ـ إني أنفس تحت الماء.. إني أغرق أغرق أغرق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى