fbpx

الإخوان المسلمون في سوريا أخطاء وخطايا!

تصر جماعة الإخوان المسلمين في سوريا على تكرار أخطائها في كل أزمة تمر بالوطن؛ لتخالف بذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين). لكن هذه المرة رفض المجتمع السوري أن يلدغ من الجحر الإخواني ثانية بعد ما عاناه بسبب أخطائهم في ثمانينيات القرن المنصرم. الإخوان عنصر تطييف في المجتمع السوري إن أول أخطاء الإخوان، كونهم عنصر تطييف في المجتمع السوري متعدد الأقوام والطوائف، إذ ما دمنا نتحدث عن حزب ديني فهذا يعني أننا في مقابل حزب طائفي، يقوم على استقطاب طائفة أو جزء من طائفة ضد بقية الأقوام والطوائف، الأمر الذي يجعل منه عنصر تطييف، وهذا يعني أيضاً أننا في مقابل حزب يغذي الهويات الفرعية والعمودية في المجتمع ضد الهويات المدنية والوطنية، ما يعني أيضاً أن الإخوان في هذه الحالة هم قوة دافعة إلى الخلف، أي تسير بعكس التطور التاريخي، وهم يشكلون قوة فرملة في وجه الحداثة ومفهومات حقوق الإنسان والديمقراطية. الإخوان ضد الديمقراطية على الرغم من ادعاء الإخوان أنهم مع الديمقراطية، إلا أنهم في حقيقة الأمر يقفون ضدها، لأنهم يأخذون من الديمقراطية الأكثرية العددية (وهذا وهم آخر سنتحدث عنه لاحقاً) التي تعينهم على الوصول إلى السلطة، ما يعني أن إيمانهم بالديمقراطية عملياً هو إيمان براغماتي وليس إيماناً حقيقياً، فهم يريدون من الديمقراطية أن توصلهم إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع بعد أن فشل السلاح في إيصالهم إليها، ولهذا هم يقبلون من منجزات الحداثة والغرب الديمقراطية فقط، في حين يرفضون الباقي مثل العلمانية وحقوق الإنسان وحق المرأة وغيرها. إن موقف الإخوان من هذه القضايا يكفي لفضح ازدواجيتهم في هذا المجال. إن مسار الإخوان ضمن الثورة، يبين نوع الديمقراطية التي يؤمنون بها، فقد أفشلوا الكيانات السورية المعارضة التي دخلوا فيها كلها، بدءاً من المجلس الوطني وليس انتهاء بالائتلاف الوطني المعارض، حين أرادوا الهيمنة عليها من دون سواهم، إذ لم يعترفوا بغيرهم أبداً، وهذا يبين نوع الديمقراطية التي يؤمن بها الإخوان، ولهذا انتهت هذه الكيانات كلها إلى الفشل الذريع، إذ انسحب منها أغلب أعضائها والأحزاب التي شاركت فيها حين رؤوا هيمنة الإخوان وسعيهم للاستئثار، ولإدراكهم أن الإخوان يريدون من الجميع أن يكونوا أدوات لهم فقط. الأمر نفسه انطبق على الجانب العسكري في الثورة السورية، إذ استغل الإخوان تشكل الجيش السوري الحر، وبدؤوا يعملون تحت يافطته على تشكيل كتائب خاصة بهم بهدف الهيمنة، ما أدى إلى انكشاف أجندتهم، فلعبوا بذلك دوراً كبيراً في تخريب فكرة الجيش السوري الحر، لمصلحة الكتائب ذات الطابع الإسلامي، علاوة سعيهم لوضع تلك الفصائل تحت إمرة قوى إقليمية، ما خرب في النهاية العمل المسلح، لأن الجيش الحر كان يشكل فكرة تجمع عدداً كبيراً من السوريين حولها، في حين إن الكتائب الإسلامية والجهادية كانت عنصر تطييف وتفريق، ما يعني أن الإخوان ساهموا في تخريب الثورة سياسياً وعسكرياً. هل يمثل الإخوان السنة في سوريا؟ يتوهم الإخوان حق تمثيل السنة في العالم العربي وفي سوريا، فهم ينطلقون من فرضية خاطئة تقول إن السنة كلهم إخوان مسلمون، ولهذا يواجهون الحقيقة المرة دائماً، حين يكتشفون أن أكثر السنة يقفون ضدهم ولا يوافقونهم على تطرفهم الديني، وهنا يكون سعيهم لتطييف الثورة فاشلاً، ظناً منهم أن الأمر سيدفع السنة نحو الإحساس بطائفتهم والتكتل حول الإخوان، فيفاجؤون بأن التطييف ارتد عليهم سلباً لمصلحة خصمهم النظام الذي يعرف كيف يدير اللعبة الطائفية في حين يفشلون فيها دائماً. الإخوان يريدون السلطة بأي ثمن ليس للإخوان قضية حقيقية سوى السلطة، فالدين والديمقراطية والأيديولوجية ليست سوى أدوات للوصول إلى السلطة، والبراهين على ذلك كثيرة، وهي براهين نأخذها من تاريخهم السياسي الحديث، فقبل الربيع العربي كان النظام الإقليمي مستقراً ولم يكن هناك ما يشير إلى إمكان رحيل الأنظمة المستبدة، ولهذا كان جلّ ما طمح إليه الإخوان هو المشاركة في السلطة، وقد بدأت حوارات بينهم وبين النظام، كان الوسطاء فيها محليين وإقليميين، وقد أعلن الإخوان وقوفهم خلف النظام إبان معركة إسرائيل ضد غزة عام 2008 على اعتبار أن النظام يدعم المقاومة، وقد شكلوا سابقاً جبهة الخلاص الوطني مع كل من عبد الحليم خدام ورفعت الأسد، علماً أن الرجلين كانا من أكثر رجال النظام تشدداً ضد كوادر الإخوان إبان أزمة الثمانينيات، ما يوضح لنا أن الإخوان يهدفون إلى الوصول إلى السلطة من دون سواها، ولو على حساب دم أبنائهم. مساهمتهم في توفير الأرضية للجهاديين باعتبار أن الإخوان حزب طائفي من جهة وديني من جهة أخرى، فهذا يعني عملياً أنهم يوفرون الأرضية اللازمة لانتشار المد الجهادي والإسلاموي، فكانوا الخطوة الأولى التي عبر من خلالها الجهاديون نحو الثورة السورية، وهذا ما جرى أيديولوجياً من جهة وعبر الغطاء الذي وفره لهم الإخوان من جهة أخرى، علماً أن أيديولوجية الإخوان هي أيديولوجية إقصائية وجهادية في العمق، على الرغم من محاولات الإخوان كلها لإظهار أنفسهم حزباً مدنياً. رهن القضية السورية للدول الإقليمية عمل الإخوان على وضع الثورة في جيوب دول إقليمية وأخرى صغيرة، مثل تركيا وقطر، إذ صرح قادة الإخوان مبكراً منذ بداية الثورة أنهم لا يعتبرون الوجود التركي في سوريا احتلالاً، ما يعني أنهم يقبلون بالاحتلال التركي، وخروجهم من دائرة الوطنية السورية نحو ارتباطهم بمشروع أردوغان العثماني، فهم جزء من التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، ومن ثم فإن الوطنية السورية غير موجودة لديهم، وهذا ما أدخلهم في عداء مبكر مع الوطنيين السوريين الساعين لدولة حرة ديمقراطية، في حين يسعى الإخوان لجعل سوريا محض ولاية عثمانية عند السلطان العثماني الجديد أردوغان. هذه الأخطاء وغيرها من لخطايا كثير، هي ما جعلت السوريين ينفرون من الإخوان وتيارات الإسلام السياسي كلها، الأمر الذي يضعنا في مواجهة سؤال: هل وصل المشروع الإسلامي إلى نهايته، وهل بات يلفظ أنفاسه الأخيرة حقاً؟ مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” هذه المادة تعبّر عن وجهة نظر الكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي المرصد. حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى