fbpx

العراقيون سيدفعون ثمن الصراع الأمريكي – الإيراني.. فساد إيران ينهش العراق

بالتعاون مع نقاش أعلن العراق رسمياً وعلى مضض التزامه بالعقوبات الأميركية على إيران، وهو قرار ليس بالسهل على بلد تمتلك أحزابها الشيعية الحاكمة علاقات وثيقة مع طهران، فالعراق طالما كان ساحة صراع بين الطرفين، يخشى اليوم تكرار ذلك”، كان ذلك اختصاراً لاستخلاص تقرير مطوّل لموقع نقاش- احاطات من داخل العراق”. وفي إضاءاته للاستخلاص السابق، يقول التقرير:”دخلت العقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران حيز التنفيذ، وأكثر المراقبين ينظر بقلق للتداعيات في العراق الذي يمتلك حدوداً برية طولها (1458 كلم)، ويقوم نظامه السياسي بعد العام 2003 على نفوذ ايراني متجذر، ويعتمد نظامه الاقتصادي على الصادرات الإيرانية على نحو كبير”.

  • فلم القلق؟

ليس غريباً أن العراق رغم انه حليفٌ للولايات المتحدة اعلن تحفظه على قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي في أيار (مايو) الماضي، بل ان وزير الخارجية إبراهيم الجعفري وصف القرار الأميركي “بالأحمق”، فالعراق يعرف اكثر من غيره ما تعنيه تلك العقوبات الاقتصادية، ويعرف جيدا تداعيات هذا الصراع عليه. لم يكن امام الحكومة العراقية أي خيار الا الالتزام بالعقوبات الأميركية خشية رد فعل اميركي غاضب قد يطيح بالاستقرار النسبي الذي تشهده البلاد بعد انتهاء المعارك ضد تنظيم “داعش” بمساعدة “التحالف الدولي” الذي تقوده واشنطن. “نقاش” نقل عن المتحدث باسم الحكومة العراقية سعد الحديثي إن “الحكومة العراقية ليست مقتنعة بجدوى العقوبات الاقتصادية، هي في الغالب تضع المزيد من الصعوبات على الشعب، ولكننا سنلتزم بالاتفاق حفاظاً على مصلحتنا الوطنية”. ويضيف أن “العقوبات المتعلقة بالتعاملات المصرفية سيلتزم به العراق، ونتمنى ان يتم حل المشكلة عبر الحوار والقنوات الدبلوماسية وهو شعار تلتزم به الحكومة العراقية”. السؤال الكبير المطروح حاليا هو هل يستطيع العراق فعلا الالتزام بهذه العقوبات؟، خصوصا وان النظام المصرفي في البلاد غير رصين ومتهم بالتورط في عمليات غسل أموال يومية، كما أن فصائل عراقية موالية لإيران لها نفوذ واسع على الارض تعتبر ان العقوبات الاميركية هو اعتداء على “رمز التشيع”. العراق بنك إيراني في آب (اغسطس) الماضي قال رئيس غرفة التجارة الايرانية حميد حسيني ان بلاده تصدّر يوميا ما قيمته 20 مليون دولار من السلع (اي ما يقارب من 7 مليارات دولار سنويا)، وأضاف أن العراق هو ثاني اكبر وجهة تصدير لايران وتشمل مواد بناء ومنتجات بترولية ومواد غذائية. ويعتمد العراق بشكل أساسي على إيران في تأمين حاجته اليومية من المواد الغذائية منذ سنوات، ازمة الجفاف دمرت قطاع الزراعة بشكل شبه كامل خلال العقد الماضي، وهجر الفلاحون مهنة الزراعة، والشيء نفسه مع قطاع الصناعة، وجعلته يعتمد على الاستيراد، ومن الصعوبة على ايران والعراق ايقاف هذا التبادل التجاري. يقول الخبير الاقتصادي انور كاظم الموقع:” إن “إيران ستسعى الى وقف انهيار عملتها المحلية عبر الحصول على الدولار باي ثمن، والعراق اقرب هذه الدول، وستسعى للحصول على الدولار عبر زيادة صادراتها الى العراق وباقي الدول الحليفة لها كما حصل في العام 2009 عندما وقعت عليها عقوبات مماثلة”. ويضيف “ايران استفادت من العراق في العقد الماضي عبر تصدير اطنان من السلع وابرزها السيارات التي امتلأت بها شوارع العراق، وتبين لاحقا انها رديئة الصنع، ولكن اسعارها الرخيصة دفعت آلافاً من العراقيين لاقتنائها، والنتيجة خسر العراق المزيد من الدولار، وتضرر بسبب هذه السيارات”. كاظم يشير الى ان القضية اخطر وهي عمليات غسيل الاموال ونقل الدولار من العراق الى الخارج عبر مزاد بيع الدولار اليومي في العراق والذي يواجه فعلا انتقادات كثيرة لغياب ضوابط صارمة”، فالبنك المركزي يقوم يوميا ببيع نحو 200 مليون دولار الى مصارف وشركات صيرفة وفق آلية غير واضحة. وعلى مدى السنوات الماضية ناقش البرلمان هذه القضية ولكن دون حل، ويقول النائب مشعان الجبوري عضو لجنة النزاهة في البرلمان ان “لا احد يستطيع منع مزاد بيع العملة، لان هناك سياسيين يمتلكون مصارف وهمية يستفيدون من ذلك”. ميدان صراع مسلح ما زال العراقيون يحملون ذكريات سيئة عن سنوات العنف الطائفي، ويتذكرون كيف تحولت مدنهم الى ساحة حرب قادتها الفصائل الشيعية الموالية لإيران ضد القوات الاميركية في صراع لم يكن للعراقيين فيه أي مصلحة. ارتفاع أعداد القتلى الاميركيين اجبر الحكومة العراقية في العام 2007 على محاولة جمع الغريمين المتصارعين على طاولة الحوار، وعقد فعلا لقاء تاريخي بين سفيري واشنطن وطهران برعاية الحكومة العراقية لوقف العنف، ولكن الاجتماع لم يحقق غرضه. اليوم ما زالت هناك العشرات من الفصائل الشيعية الموالية لإيران تهدد القوات الاميركية الموجودة حاليا وان كانت اعدادها ومهماتها مغايرة عما كان عليه قبل عشر سنوات، فأعدادهم اليوم لا تتجاوز ستة آلاف يقومون بمهام استشارية ومع ذلك تتلقى تهديدات بشكل متكرر، وتضغط هذه الفصائل على الحكومة لإخراجهم باعتبارهم محتلين. منذ أيام بدأت وسائل إعلام تابعة الى فصائل شيعية عراقية الترويج لأخبار عن نية الولايات المتحدة خلق تنظيم إرهابي جديد في العراق ليكون ذريعة لبقائها في العراق، وابلغ مسؤولو “كتائب حزب الله” وفدا من الامم المتحدة الشهر الماضي أنها “لن تسمح بولادة تنظيم إرهابي جديد برعاية الولايات المتحدة”، هذه الأخبار في الواقع هو جزء من دعاية بدأت بعد انتهاء المعارك ضد “داعش” نهاية العام الماضي. في أيار (مايو) الماضي نشرت صفحات تابعة الى هذه الفصائل مقطعا فيديو يظهر طائرات أميركية وهي تهبط في الانبار، وقالت الفصائل ان هذه الطائرات تقوم بنقل مقاتلي “داعش”، تزامنت مع مطالبة قادة هذه الفصائل بخروج القوات الاميركية من البلاد والا سيتم استهدافها. ويرتكز وجود القوات الاميركية في الانبار عند قاعدة “عين الاسد”، وتقوم بعمليات تدريب لقوات الامن العراقية ومقاتلي العشائر وتوفير معلومات استخباراتية عن اماكن المتطرفين، وهذه المهام لا غنى عنها كما يقول رشيد المحلاوي احد مقاتلي العشائر في الانبار. ويقول المحلاوي لـ”نقاش” إن “الوضع الأمني في الأنبار جيد، ولكن لا يمكن ضمان استمراره، وجود القوات الأميركية مهم، مشكلة الحدود الطويلة مع سورية خطيرة ولن نستطيع حماية الحدود دون الخبرات الأميركية، ولكننا ننظر بقلق الى تهديدات بعض الفصائل المسلحة العراقية لاستهداف هذه القوات والمطالبة بخروجها من الأنبار”. ويضيف “قبل عشر سنوات كانت هناك فصائل مسلحة سنية وشيعية تقاتل القوات الأميركية المحتلة، ولكن القوات الموجودة اليوم ليست محتلة وإنما مستشارون بموافقة الحكومة العراقية، ونخشى من أن تدفع إيران بعض الفصائل لتهديد القوات الأميركية بسبب العقوبات الاقتصادية الأخيرة عليها، لان العراقيين هم من سيدفعون ثمن ذلك”. هذه المادة تعبّر عن وجهة نظر الكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي المرصد. حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى