fbpx

هل يستهدف الإعلام الروسي الأكراد في سوريا؟

لا يمكن إغفال المخاطر التي تهدد مستقبل الأراضي السورية عبر تقاسمها بين الفاعلين الدوليين، ومن أبرز تلك المخاطر هو ما بات يطلق عليه اسم مناطق شرقي الفرات، حيث تدعم واشنطن حليفها المحلي، المتمثل بوحدات حماية الشعب، الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني، المصنف على قوائم الإرهاب في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، تحت مسمى قوات سورية الديمقراطية، فيما تسعى أنقرة حثيثا الى التوغل في تلك المنطقة، بحجة تأسيس منطقة آمنة شمال شرقي سوريا، تبتر عبرها أهداف عدوها التاريخي في تأسيس اقليم انفصالي يهدد أمنها القومي على خاصرتها الجنوبية، أما روسيا فهي تستعجل حسم الاستحقاقات المؤجلة في تلك المنطقة، وضرب المشروع الكردي شمالا، عبر مجموعة تدابير، تتولى أبرزها، أذرعها الإعلامية “سبوتنيك الروسية، وروسيا اليوم” النافذة الروسية الى المنطقة العربية، فيقرأ ويشاهد منهما الجمهور العربي الحدث، من زاوية النظر الروسية.

ويختص الموقعان في نشر الأخبار الهامة التي عادةً ما تثير القلق السوري من مواضيع حساسة ومفصلية، كالأخبار الكردية، والتسريبات المتعلقة بها، لكن السؤال الملّح هنا، هل يختص الموقعان الروسيان بإثارة القلاقل؟ أم فعلاً ينقلان الحقيقة التي لا يريد غالبية السوريون رؤيتها؟

منذ عام تقريباً وتتحدث الوكالات المذكورة عن تقارب قوي بين قوات سوريا الديمقراطية والنظام السوري، الأمر الذي تسارع قوات سوريا الديمقراطية قسد- ومجلس سوريا الديمقراطي مسد- في انكاره عن بيانات والتنديد بما يروج له المصدر الروسي.

آخر الأخبار الجديدة القديمة هو الحديث عن “طلب قوات سوريا الديمقراطية من النظام السوري، التدخل لإيجاد حل لما يحدث في الشمال السوري”.

سبقه بنحو أسبوع خبر نشرته وكالة سبوتنيك جاء فيه “أن ثلاثة وفود من قوات مجلس سوريا الديمقراطية قد توجهت إلى دمشق والأردن وموسكو، وسوف يتم نشر قوات النظام في المناطق التي تسيطر عليها قسد”.

أصدر مجلس سوريا الديمقراطي المعروف اختصاراً بـ “مسد” بيان “توضيح” أنكر ما جاء في خبر الوفود الثلاثة جملةً وتفصيلاً، لكنه لم يوضح أو ينكر ما جاء في خبر التقارب القوي بين قوات سوريا الديمقراطية “قسد” الجناح العسكري لمجلس سوريا الديمقرطي “مسد”، والنظام السوري.

كما نفت الرئاسة الكردية خلال هذا الشهر أخبار تقول بأن هناك تعاون نفطي بين الأكراد والنظام الذي سحقهم في السنوات الأربعين الماضي.

ثلاثة احداث في أقل من عشرين يوماً، فما الذي يجري في الشمال السوري؛ هل الإعلام الروسي يقول الحقيقة أم أنه يلعب بالورقة الكردية أسوة بكل اللاعبين الدوليين؟

تريد موسكو التي تسيطر على مفاصل الدولة في دمشق بشكل كامل، أن تنتزع الورقة الضاغطة على تركيا من يد الأمريكيين، لذا تعمد على استضافة الوفود الكردية التي تتلقى هي بدورها الدعم من واشنطن بشكل مباشر.

لم يقطع النظام السوري صلته بالمنطقة الشمالية التي تسيطر عليها الوحدات الكردية نهائياً، فما زال هو الحاكم الصوري، وما زلت المناطق الشمالية تمثل جزءً من الدولة السورية التي تديرها دمشق، هذا بزعم الأكراد ظاهراً.

يسيطر الأكراد على المناطق الشمالية الشرقية بشكل كامل، والكلمة والقرار لهم، لكن وجود النظام السوري الصوري، حامٍ لهم من البطش التركي المتربص بالعدو التاريخي للدولة التركية.

تسعى روسيا في إبقاء حبل الود بين دمشق والأكراد في الشمال إلى استمالة الأكراد، فإن لم يتقبلوا منها الدعم بشكل مباشر، فهي ستستجرهم لذلك عبر بروبغندا إعلامية يقودها الموقعان الإعلاميان الروسيان “روسيا اليوم، وسبوتنيك”.

في اتصال هاتفي لمرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يقول أحد القادة الأكراد الذي نتحفظ عن ذكر اسمه وهويته ” إن الإعلام الروسي يعمد إلى مثل هذه أخبار بين الفينة والأخرى ليستخدمنا ضد الأتراك”.

ورفض القائد الكردي كل الأخبار التي تنشرها الوكالتان الروسيتان، لكنه لم يكن يملك أي دليل على رفضه، بينما كانت الأدلة التي تثبت تعامل بل ولجوء الأكراد مع النظام السوري واضحة.

قبل عام زار وفد من قوات سوريا الديمقراطية “قسد” دمشق، عن هذه الزيارة قال “رياض درار” الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية، عبر لقاء تلفزيوني له مع قناة روسية قال:” إن هذه الزيارة تأتي بناء علي دعوة من دمشق لمناقشة عدد من الترتيبات الأمنية والسياسية للمرحلة القادمة منها عودة الجيش السوري إلي منطق سيطرة ” قسد “

ونفي “درار” نية قسد تسليم مناطق السيطرة النفطية ما عدا منشأة سد الفرات، ما يعني صحة الأخبار التي خرجت قبل أيام والتي تقول بأن هناك اتفاق كردي مع النظام السوري حول انتشار النظام في ؛تل بريش ومدخل القامشلي والعوينة بالإضافة إلى الكصير، والتي نفاها مجلس سوريا الديمقراطية ببيان رسمي عبر موقعه الرسمي.

حيث أصدر مجلس سوريا الديمقراطية بيان نفى فيه هذا الخبر، ووصفه بـ “التشويش”، لكن أخباراً مؤكدة ظهرت السبت الفائت 24 آب الحالي، تقول “طلبت قوات سوريا الديمقراطية قسد- من دمشق إيجاد حل يتناسب مع الوضع الراهن لشمال شرق سوريا عامة، وللقضية الكردية بشكل خاص، من خلال التفاوض مع ممثلي الإدارة الذاتية وقسد”.

فلماذا يرفض الكرد الحقيقة ويصفونها بالتشويش؟

يقول القائد الكردي الذي تواصلنا معه ” يعني إذا تركيا بدها تحتل المنطقة وحاشدة على الحدود أكيد النظام سيحاول استغلال الوضع الجديد لاسرتجاع الكثير من المناطق” لكنه رفض أن يكون كلامه دليلاً على عودة الكرد إلى نظام البعث الذي حرمهم حقوق المواطنة منذ أربيعن سنة وساهم في تهميشهم بشكل كامل، قائلاً: ” أبداً ليس لجوء ، اليوم النظام يحاول استرجاع خان شيخون من السيطرة التركية”، الكلام الذي لا يمكن تفسيره إلا باتجاه واحد.

بالرغم من أن ضرب المشروع الكردي المتحالف مع واشنطن هو من أوليات دمشق وطهران وموسكو دفعة واحدة، فلماذا يلجأ الكرد إلى قاتليه كلما سنحت لهم الفرصة، على أن أمريكا لم تكن يوماً واحداً صديقة للكرد بقدر ما كانوا لها بندقية.

فالكرد هم الجزء الأقوى في اللوحة السورية من زاويتها الشمالية والشمالية الشرقية، ولن تكتمل صورة سوريا إلا بالأيادي الكردية والعربية وغيرها من الفسيفساء السورية الملونة، متماسكة بصورة وطنية، دون أن يخون أحدهم الأخر ويصفه بمعارض اليوم، وسند البعث في قتل المكونات السورية سابقاً.

مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الاعلامي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى