fbpx

لبنان ما بين الإسرائيلي وظل الامام

كانت الحرب الأهلية اللبنانية، وكان، أن استظلت كل واحدة من طوائفه بظل دولة ما.. دولة في الإقليم أو دولة من عواصم العالم الكبير، ومع الحرب الأهلية لم تعد (الوطنية اللبنانية) هي القاسم المشترك الكبير، فقد حلّ حماية الطائفة مكان بقاء الوطن، وهي صيغة، على عبثيتها، وسوء نتائجها، بل وانحطاطها، الصيغة الممر الإجباري للعديد من اللبنانيين، بتحوّلات الولاءات، من زمن إلى زمن وصولاً لاجتياح بيروت.
مع الاجتياح كان احتلال الجنوب، وقد استمر حتى عام الفين وكان التحرير، وما بين الاحتلال والتحرير، كان أن وقعت مجموعات سكانية من الجنوب تحت الاحتلال، وهي مجموعات تتوزع على كل طوائف لبنان وإن بنسب مختلفة، وكان ثمة أمر واقع هو واقع الاحتلال، ليأتي التحرير، ومن بعده بقي من بقي، وعاد من عاد، وهاهو لبنان اليوم يتنازع مصائر من بقي في إسرائيل، وقد اختلفت تسمياته لتتدرج ما بين (مبعدين) و(عملاء).
واقع الحال، أن جزءًا كبيرًا مما بقي من الجنوبيين في إسرائيل، بقيوا فيها كنتيجة لعامل يتصل باستحقاقات البقاء، كما لو مشاريع اقتصادية، وعمل ووظائف، ومدارس أطفال، وجزء آخر بقي في إسرائيل يوم باتت خياراته تتأرجح ما بين البقاء تحت سلطة حزب الله، أو البقاء تحت سلطة إسرائيل، وفي البقاء تحت سلطة حزب الله يعني العنف والمجاعة وقبول الارتهان لقبيلة ما قبل الدولة وقد ارتدت عباءة القائد المرشد، في دولة “ظل الإمام”، فكان ظل إسرائيل أهون عليهم من الاحتكام لظل المرشد الإمام، وهكذا إلى أن طرحت مشكلتهم الآن، ومع مشكلتهم على اتساعها طرحت مشكلة عنوانها:
ـ من حمل السلاح الإسرائيلي بمواجهة لبنان؟
ليس أمرًا واردًا الدفاع عن من حمل السلاح الإسرائيلي بمواجهة لبنان، ولكن مع هذا السؤال، يطرح سؤال آخر:
ـ وهل يختلف من حمل السلاح الإسرائيلي في مواجهة لبنان عن من حمل السلاح الإيراني بمواجهة لبنان؟
اكثر من ذلك وهل يختلف من حمل السلاح الإسرائيلي بمواجهة لبنان عن من حمل سلاح النظام السوري في مواجهة لبنان؟
لا السلاح الإسرائيلي رحم اللبنانيين، ولا السلاح الإيراني وسلاح أقبية “عنجر” رحمهم، فكلاهما سلاح، بفارق أن الثاني ارتكب سلسلة لاتحصى من الانتهاكات.. اتنهاكات توزعت بين توطيد الفساد وبين سلاح الاغتيالات، وإذا ما عدنا بالذاكرة وقد ابتدأت بسليم اللوزي ولم تنته بالمفتي حسن خالد، بل استرسلت لتطال مجموعة واسعة من اللبنانيين من مهدي عامل إلى رفيق الحريري، عداك عن احتلال العاصمة والأطراف، ما يدعو للقول أن اللبنانيين واجهوا احتلالين، احتلال رحل عن الجنوب، واحتلال مازالت مفاعيله وسلاحة يجثو على صدور اللبنانيين، وإذا كانت وحدات القياس تتصل بـ “العدالة / الحق”، فالطبيعي أن يحاكم كل من غرق بدم اللبنانيين، وهذا يقود إلى ما لاينتهي من المحاكمات.. محاكمات كما تطال من حمل السلاح الإسرائيلي، لابد وأن تطال من حمل السلاح الإيراني، فالسلاح مهنته القتل، وقد أفلح السلاح الإيراني في انجاز مهمته في لبنان.
اليوم، تقدمت هذه المشكلة على مجموعة كبيرة من المشاكل في لبنان، حتى احتلت موقع الصدارة فيه، فجماعة امل وحزب الله، يهتفون بقطع أعناق من تعامل مع إسرائيل، فيما يرون العمالة لإيران واجبًا مقدسًا يحميه الغيب، وفي الطرف الاخر ثمة أصوات ترتفع لتقول بأن فتح صفحات الماضي يتطلب فتح صفحات اليوم، وفتح الصفحات لايعني سوى إطلاق فتيل الاشتعال بين اللبناني واللبناني، بما يقود إلى حواف حرب زواريب، فإذا ما أنت قلعت لي عين، وأنا قلعت لك عين فلابد أن نغدو كلنا عميان.
لبنان، الذي يعاني من قطرة الماء ومصروف المدرسة ووصفة الدواء، لم يكن ينقصه توليد مشكلة جديدة هي مشكلة قد تتحول إلى مشكلة عصية على الحل، فالوطنية اللبنانية اليوم، تتطلب أول ما تتطلب ازاحة كل مايولد فتيل الاشتعال.
حزب الله، يعلنها:
ـ هو فوق الدولة الوطنية.
وبالتالي لن يختلف عليه الأمر سواء انهار البلد أم لم ينهر.
وبقية اللبنانيين من الخندق الثاني يجلسون في مقاعد الانتظار.
لبناني من مرفأ بيروت، يقول للمذيعة:
_ حمى الله لبنان.
يقول ذلك دون أن يحدد يحميه من من؟

Read More

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى