fbpx

الزراعة غرب حلب.. بين محاصيل غائبة تماماً وأخرى متدهورة

مقدّمة: تُجمع مختلف المناطق الزراعيّة المختلفة في سوريا، على عدّة صعوبات ومشاكل تعيق تقدّم أو تعافي العمليّة الزراعيّة فيها، في ظل سنوات الحرب بانعكاس الأحوال السياسيّة والاقتصاديّة على القطّاع الزراعيّ في سوريّا، وربّما تختلف من منطقة إلى أخرى ببعض الجزئيات والتفاصيل المتعلقة بأنشطة العمل الزراعيّ، إلا أنّها تتأثر بعوامل أساسيّة في جميع البقع الزراعيّة السوريّة، ومنها منطقة ريف حلب الغربيّ وهي ما سنحاول الوقوف عليها من خلال التقرير. غلاء في المستلزمات الزراعيّة: يعتبر ارتفاع التكاليف الإنتاجية واحدة من أبرز أسباب تدهور القطّاع الزراعيّ، إذ أنّ المزارع بات يواجه خسائر كبيرة سنويّاً، لعدم توافق منتوجه الموسميّ مع التكاليف المرتفعة للعمليّة الزراعيّة، منها البذار والأسمدة، حيث يتراوح سعر طن السماد المستخدم في الزراعة، بين 410 دولار أمريكي إلى 470 دولار، وفقاً لنوعيّة السماد المستخدم، كما تسجّل المحروقات أسعاراً مرتفعة تجاوزت الـ 120 دولاراً للبرميل الواحد من النوع الجيّد، وكذلك اليد العاملة التي صارت قليلة من حيث الخبرة، ومرتفعة الأجور. تراجع كبير في زراعة القمح.. والسبب! يشهد إنتاج الحبوب في ريف حلب، تراجعاً بشكل عام، والقمح على وجه الخصوص، حيث وصل هذا التراجع إلى وضع خطير يهدد الأمن الغذائي السوري، بحسب ما يُعبّر “جمعة لولا” نائب مدير المؤسسة العامة لإكثار البذار، موضحاً خلال حديث لـ”مينا”، الأسباب التي أدّت إلى تدهور (المحصول الاستراتيجيّ)، أبرزها، التدهور الملحوظ بنوعية الأصناف المخصصة للبذار، وكذلك تراجع المساحات المزروعة بالقمح، وانخفاض العائد الاقتصادية للهكتار الواحد المزروع مقارنة مع المحاصيل الأخرى مثل الحبة السوداء والكمون، التي حوّل المزارعون زراعتهم إليها، وبالتالي أدت إلى خسارة القمح الكثير من المساحات الزراعيّة. ويتابع “لولا”: “يُعتبر أيضاً ارتفاع تكاليف إنتاج الطن الواحد من القمح نتيجة ارتفاع مستلزمات الإنتاج من محروقات وأسمدة ومبيدات، في مقدمة الأسباب المسببة في عزوف المزارعين عن محصول القمح، بالإضافة إلى إدخال أصناف أجنبية من بذار القمح (التركية والإسبانية) من قبل التجار غير المختصين بالعمل الزراعي، وذلك خلال العامين الماضين، دون مراقبة أو معرفة مدى جودة هذه الأصناف، ونجاحها في الظروف المحلية وذلك بسبب غياب الجهات الفنية المختصة بمراقبة إدخال هذه الأصناف، وهي ما يُعرف بـ(الحجر الزراعي). جهود مستمرة لتعافي محصول القمح: تنصب الجهود المحليّة، والتي تشرف عليها (المؤسسة العامة لإكثار البذار) بتأسيس برنامج مشترك لاستعادة أصناف القمح المحلية السورية والعمل على رفع النقاوة الصنفيّة، من خلال محطات (إكثاريه) في محافظتي إدلب وحلب تهدف إلى إنتاج المراحل الأولى من البذار، إذ أنّ المشروع وصل في مراحله، إلى زراعة 17 صنف من أصناف القمح القاسي والطري. وأوضح “لولا” لمرصد “مينا” أنّ المشروع بدأ منذ ثلاث سنوات، بإبرام عقود مع مزارعين (إكثاريين) لإنتاج المراحل الأخيرة من بذار القمح وفي هذا العام تبلغ مساحة المشروع 1000 هكتاراً، متوزعة بين محافظتي (حلب، إدلب)، حيث من المتوقع أن ينتج عن زراعة المساحات السابقة حوالي 4 آلاف طن بذار، سيعمل المشروع على غربلتها وتجهيزها من أجل بيعها للمزارعين، علماً أنّ احتياجات محافظتي حلب وإدلب من البذار بحدود 20000 طن موسميّاً، بحسب إحصاء المؤسسة. البطاطا المحصول الخاسر: تعدّ البطاطا من المحاصيل التي كان يقبل عليها المزارعون بكثرة في فصل الصيف، إلّا أنّها صارت من الزراعات الخاسرة، خلال السنوات القليلة الماضية، وعلى ذلك توقّف عدد لا بأس به من المزارعين، عن زراعتها بعد الخسارة الكبيرة التي لحقتهم الموسم الماضي. وأدى ارتفاع أسعار البذار وخاصةً، البذار للنوعيّة الأجنبيّة ويعود ذلك لانخفاض كمّياتها من منشأها والذي يكون غالباً أوربيّاً، بقيمة تراوحت بين الـ 2000 إلى 40000 دولار أمريكي، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المبيدات والسماد والمحروقات، إلى ارتفاع الكلفة الإنتاجية لتصل إلى 60 ليرة سوريّة في الكيلو الواحد، في حين لم يتجاوز مبيعها في السوق عن الـ 40 ليرة، ما سبب خسارة للمزارعين، كان منهم (أنس قاسم) وهو مزارع من بلدة الجينة بريف حلب الغربي، حيث أوضح أنّ قلّة الأسواق التصريفيّة للمنتج، وغياب الاستقرار في أسعاره، ساهما أيضاً في عدم قدرة المزارع على زراعتها مجدداً نظراً لحجم الخسائر. محاصيل زراعيّة غابت عن الأرض: تغيب اليوم زراعة بعض المحاصيل الاستراتيجيّة أبرزها (القطن والشمندر السكري) عن الأرض الزراعية بريف حلب الغربي، بشكل كلي بحسب ما يذكر “لولا”، لمرصد “مينا”، حيث يعزّي أسباب غيابها إلى عدم وجود البنية التحتية اللازمة للري وهي قنوات الري وفي حال وجودها، فإنّ ارتفاع التكلفة اللازمة لضخ المياه ضمن هذه الأقنية من محروقات وديزل، يحول بين أي تقدم في هذا النحو، كما أشار إلى أن المناطق المحررة، تفتقر إلى وجود المحالج اللازمة لمحصول القطن، والمصانع المخصصة لتصنيع السكر، وبالتالي لا يوجد جهة تسويقية لاستلام محصولي القطن والشمندر السكّري، ما أدّى إلى غيابها. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى