fbpx
أخر الأخبار

بيدرسون يعدنا: ستستلمون جثث قتلاكم

وأخيرًا يكشف غير بيدرسن ذو الوجه البارد، وهو المبعوث الأممي إلى سوريا، عن تفاؤله بتغيير ولو بسيط في الأزمة السورية خلال العام المقبل 2022، هذا ما نشرته مواقع وصحف دون نسيان أن التغيير سيكون “بسيطًا”.

ما البسيط الذي يدعو إلى التفاؤل والذي يعنيه المبعوث الأممي إلى الوحل السوري؟ وعلى ماذا يتكئ؟

يتكئ على سببين وفق تقرير لصحيفة الشرق الأوسط، أولهما أن الأطراف المتصارعة هناك تعيش “حالة من الجمود” لقرابة 21 شهراً، دون تغيير في “خطوط التماس” بينها، وثانيها لأن جميع الأطراف لا تريد تحمل عبء خسارة التعايش مع “الوضع الراهن”، ولم يحك الرجل عن “الوضع الراهن”، وهو الوضع الذي يعني فيما يعنيه تمزق البلد بين “مسعفيها”، والمسعف هنا، لن يأتي سوى بمعنى “العصابة”، سواء كانت عصابة دولة، أو عصابة مدعومة ومدفوعة من دولة، وربما أكثر من دولة في تعدد المرجعيات وتعدد المصالح وتعدد “المرضعات”.

بيدرسن في إحاطة لمجلس الأمن في نيويورك، كان قد قال إنه رغم ثبات “خطوط التماس”، فقد شهد المجتمع الدولي استمراراً للعنف ضد المدنيين وانتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان، بما في ذلك ضد النساء والفتيات، وارتفعت كذلك معدلات الجوع والفقر مع استمرار الانهيار الاقتصادي، مع وصول عدد المحتاجين إلى المساعدة في سوريا إلى 14 مليون شخص وهو العدد الأكبر منذ بدء النزاع.

(14) مليون جائع، وهو يزيد عن نصف عدد السوريين بالتأكيد، فيما من تبقى من السوريين من هم “على حافة المجاعة” لابد وتنهار من تحتهم أسباب الحياة ويصطفون مع النصف الجائع تمامًا، ومع كل يوم يزداد الانهيار فيما المسألة السورية، باتت الخبر الأخير والهامشي في نشرات الأخبار،  وعشرات الآلاف محتجزين، أو مختطفين أو مفقودين، كما لا يزال 13 مليون مشرد داخل سوريا وخارجها، والغالبية منهم أطفال “لم يعرفوا وطنهم وآفاق عودتهم الآمنة والكريمة والطوعية لا تتحسن”.

الرجل يقول ما نعرفه، وما يعرفه كل سوري، وبالنتيجة لم يضف ولم يخرج “الزير من البير”، حتى بدا أمام هيئة المم المتحدة، كما لو صحفي مراسل، لا واحدًا من مفاتيح الحل في سوريا، مع أنه شدد على أن هذا الحال ” يشكل تحدياً مستمراً لجيران سوريا” ، أما ماهية التحدي فحسب رؤيته تتلخص في أن  سوريا ماتزال مقسمة إلى عدة مناطق تتباعد عن بعضها البعض أكثر فأكثر.

هل يعني ذلك أن “الجيران” قلقون على الجار؟

مايقلق وفق بيدرسون أن سوريا اليوم، وقد جثى على أرضها خمسة جيوش عدا جيش النظام، باتت تشكل ملاذاً للمرتزقة وتهريب المخدرات والإرهاب، وأنه (والكلام للمبعوث الإلهي) “رغم مرور 6 أعوام على اعتماد القرار الدولي الصادر من مجلس الأمن 2254، فإننا للأسف ما زلنا بعيدين كل البعد عن تطبيقه”.

ما يهمنا في الموضوع، ماهي التغييرات “البسيطة” التي يبشر بها الرجل؟

يبني المبعوث الأممي تفاؤله بتغيير بسيط في سوريا، على سببين:

ـ  الأول هو لأن كل الأطراف تواجه، بحسب ما أطلق عليه، “جموداً استراتيجياً” على الأرض، ثم يحكي عن الاستعصاء، فلا حسم عسكري لأي من الأطراف، ومن غير الممكن هذا الحسم حسب منظوره.

والثاني في كونه متفائلاً، هو وجود مخاطر جسيمة وتكاليف سيتحملها “كل من يحاول ببساطة التعايش مع الوضع الراهن غير المقبول”، مع أن هذا الوضع “غير المقبول” لابد وأن يكون استثمارًا هائلاً لتلك الجيوش، وتداعيات هذا الوضع لم يثبت أنها هزت أركان أي من هذه الجيوش / العصابات، وهي الجيوش / العصابات التي تربحت من التقسيم الفعلي للبلاد، فيما الارهاب هو واحد من الاستثمارات أيضًا وإلا كيف تشكلت كل تلك الثروات ما بين أيدي أمراء المتحاربين؟

حسب المبعوث إياه، فهو “يشعر” بعد اتصالاته بالمتحاربين : ” بأن هناك إدراكاً أوسع من ذي قبل، بالحاجة إلى خطوات سياسية واقتصادية، وأن هذه الخطوات لا يمكن أن تتحقق إلا معاً، خطوة بخطوة، وخطوة مقابل خطوة”.

ـ ما الذي يعنيه هذا الكلام؟

لايعني شيئًا.. مجرد كلام لايصرف، والأكثر أنه يقول بأن تقييمه عقب الاتصالات مع دول المنطقة والأطراف السورية، أنه لا يزال هناك “قدر كبير من عدم الثقة بين جميع الأطراف”، والرسالة الموحدة التي يسمعها من الجميع، مفادها: “لقد اتخذنا خطوات لكن الجانب الآخر لم يفعل ذلك”.

في كل ما قاله، ليس ثمة ما يستدعي استخدام كلمة تفاؤل، فما قاله مجرد توصيف، ومن التوصيف أن الحل السياسي في سوريا، “يجب أن يكون بقيادة وملكية سورية”، و” أن تحقيق بعض التقدم، يصبح ممكناً عندما تعمل الأطراف الرئيسية معاً على خطوات متبادلة حول قضايا ذات اهتمام مشترك”.

كل ما قاله بيدرسن يأتي في خانة “كأنك يابو زيد ماغزيت”، ربما باستثناء إخبارنا بأن

فريقه المتواجد في مدينة نور سلطان، سيحضر اجتماع فريق العمل المعني بالإفراج عن المحتجزين والمختطفين، وتسليم الجثث وتحديد مصير الأشخاص المفقودين، ومواصلة الدفع من أجل إحراز تقدم ملموس في مختلف أبعاد هذا الملف، وسيقوم فريقه أيضاً بدراسة عملية الإفراج الأخيرة التي تمت تحت مظلة مجموعة العمل في 16 ديسمبر (كانون الأول) بحضور مراقبين من مكتبه، والتي أسفرت عن إطلاق سراح خمسة أشخاص بشكلٍ متزامن في شمال سوريا.

شكرًا سيد بيدرسون، ستعيد للسوريين “جثثهم”، جثث قتلاهم، وهذا كل ماوعدت به هيئة الامم بسفرائها ومندوبيها وأبوابها العالية والواطئة، وآخرهم:

ـ غير بيدرسون.

الرجل متفائل وعلى السوريين الاحتفال:

ـ اخيرًا قد تتسلمون جثث قتلاكم.

ذاك هو الوعد.

جنة استلام جثثنا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى