fbpx

تكشيرة سليماني، محل ابتسامة روحاني، ورهان أمريكي على حرب (لانجوم فيها)، وخنق طهران تستكمله الهند والصين

في تطورات متتالية متواترة، تعهد الجيش الأميركي بالإبقاء على المسارات الملاحية في الخليج العربي مفتوحة أمام ناقلات النفط، وذلك ردًا على تصريحات الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الذي هدد فيها بمنع صادرات نفط دول المنطقة إذا تم منع طهران من تصدير النفط.
وقال الناطق باسم القيادة المركزية في الجيش الأميركي، بيل إربن، إن البحرية الأميركية وحلفاءها في المنطقة متأهبون لضمان حرية الملاحة وحرية تدفق التجارة وفقا للقانون الدولي.
وجاءت تصريحات الرئيس الإيراني على هامش زيارته لسويسرا، بمنع شحنات النفط من الدول المجاورة إذا ما استجابت الدول لطلب الولايات المتحدة بعدم شراء نفط إيران.
وتزامن ذلك مع تهديدات أطلقها الحرس الثوري الإيراني، أمس، بمنع صادرات النفط من الدول المجاورة إذا تعرضت صادرات إيران للحظر بموجب العقوبات الدولية.
ونقلت وكالات أنباء إيرانية رسمية عن قائد “فيلق القدس” بالحرس الثوري، قاسم سليماني، قوله إن “الحرس الثوري الإيراني مستعد لتطبيق سياسة تمنع صادرات النفط الإقليمية إذا تم حظر مبيعات الخام الإيرانية”، فيما انضم قائد آخر وهو إسماعيل كوثري إلى درب التهديدات المعلنة، ما اعتبره متابعون بمثابة “خطف الدفة من يد روحاني، ليحل سليماني مكان رئيسه”.
– على خطى الاتحاد السوفييتي.. حرب لانجوم فيها:
وكان فيلق القدس، الذي يديره قاسم سليماني المتطرف، قد حلّ خلال الأيام الأخيرة في إدارة (خطاب التهديدات) مكان رئيسه ;laquoالمعتدل;raquo; حسن روحاني، قد هدّد ألا يتمكن أحد “من تصدير نفطه إذا لم تتمكن إيران من ذلك”، وإذا ما توصّلت الولايات المتحدة إلى خنق إيران نفطياً.
في هذه الأجواء المشحونة بالتهديد والتهديد المضاد، يذهب مستشار الأمن القومي، جون بولتون، إلى حد “التفاؤل” بأن يعيد التاريخ نفسه، والتنبؤ أن يكون عام ٢٠١٩، عام سقوط النظام الإيراني، أما وزارة الخارجية والبيت الأبيض، فيطلقان العد التنازلي للسقوط الإيراني المقبل بإعلان الرابع من تشرين الثاني المقبل، موعداً نهائياً، لإغلاق التعاملات النفطية والاقتصادية مع إيران، وإشعال الداخل الإيراني، مع الاعتقاد أنه بوسع الولايات المتحدة أن تفعل في إيران ما فعلته بالاتحاد السوفياتي، فتسقط طهران من دون تعكير مياه الخليج أو تطلق رصاصة واحدة، كما سقط السوفيات آنذاك، فما يتوسله القادة الأميركيون لإسقاط النظام في طهران هو حرب (لا حرب نجوم فيها)، ولا سباق إلى أسلحة تستنزف مداخيل الدولة الإيرانية، كما استنزفت السوفيات، وبدلاً من ذلك تستل الولايات المتحدة سلاح ;laquoالدمار النفطي الشامل;raquo; لإغلاق الأسواق أمام ٢،٤ مليون برميل من النفط الإيراني يومياً، وتجفيف عائداته المتوقع أن تتجاوز ٥٠ مليار دولار، والتي لا تزال تشكّل أكثر من ٧٥ في المئة من العائدات النقدية لموازنة طهران، فتنفجر عندئذ إيران من الداخل.
– الإسرائيليون ينصحون.. لا فائدة من المواجهات العسكرية:
في هذا السياق، كشفت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، أنّ “فريقاً أميركياً جرى تشكيله منذ اندلاع الاحتجاجات في إيران لدعم المعارضين الإيرانيين”، فمن الجهة الإسرائيلية، الداخلة على خط الصراع، وفي مقابلة مع ;laquo;لو موند;raquo; الفرنسية، ومقالة في مجلة ;laquo;ذا أتلاتنيك;raquo; كان رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق قد قلّل من فائدة أي خيار عسكري ضد إيران، وما قد يؤدي إليه من نتائج عكسية من توحيد الإيرانيين خلف النظام، وأشار على الأميركيين “بتشديد العقوبات الاقتصادية وتحميل الإيرانيين عواقب حصار جديد، وتدمير اقتصادهم اليومي وضرب مدخراتهم، وتقويض تجارتهم… وتشتعل إيران”.
– العقدة تبقى في : الهند الصين:
وكان محللون أمريكيون قد اعتبروا أن نجاح الهجوم الأميركي على إيران، يرتبط إلى حد كبير بإغلاق شرايين النفط بموقف مستوردين رئيسيين هما الهند والصين من العقوبات الأميركية المعلن، ففي امتناعهما أو موافقتهما على مواصلة شراء وتقاسم مليون و٣٠٠ ألف برميل يومياً، بالتساوي تقريباً، يتحدد مصير خمسين في المئة من العائدات النفطية الإيرانية التي يوفرها بيع مليونين وستمائة ألف برميل من النفط يومياً، إلى عشر دول أوروبية وآسيوية، والسؤال الذي يبدو ملحّاً هو ما إذا كانت الصين أو الهند ستنصاع أم لا للعقوبات الأميركية، يسود لدى المحللين الأميركيين الاعتقاد بأن الصين ستتخلى عن إيران في مواجهة الولايات المتحدة.
لكن خبير الشؤون الصينية، ليونيل فيرون، يقول إنّ الصينيين يتدارسون الموقف قبل اتخاذ قرار حاسم في شأن نفطهم الإيراني، ويبحثون عن استراتيجية تحافظ في وقت واحد على مصالح شركاتهم التي لا ينبغي أن تخضع للعقوبات الأميركية، كما تحافظ على العلاقة الاستراتيجية التي تربطها بإيران.
يتقاسم الصينيون مع الهند تقييماً مشابهاً، فالمقاربة الصينية – الهندية واحدة لخطر الانصياع للمطالب الأميركية بوقف مشترياتهم من إيران، والخوف واحد من أن يؤدي ذاك حكماً إلى وضع الأمن الطاقي (والقومي استطراداً) بيد الولايات المتحدة، وهو ما لا يمكن لأي من البلدين المخاطرة بالسير به، إذ لا تنظر الصين إلى إيران باعتبارها فقط المصدر الخامس للنفط إليها أو جزءاً من المدى الحيوي لتوسعها الاقتصادي فحسب، بل تعتبر إيران ركناً استراتيجياً في تأمين تدفق النفط اليها بصفتها مصدراً نفطياً آمناً لاستقلاله عن الولايات المتحدة، بعكس الدول الخليجية التي تخضع سياستها الخارجية والنفطية للإملاءات الأميركية.
والمفارقة، تعتبر الصين أن خروج الشركات النفطية الأوروبية من المشاريع الإيرانية بفعل الضغوط الأميركية، فرصة للشركات المحلية للحلول محلها، لا سيما بعد خروج ;laquo;توتال;raquo; من مشروع تطوير حقل ;laquo;بارس٢;raquo ويقول ليونيل فيرون إن هناك احتمال أن تتوقف الشركات المتوسطة والصغرى عن التعامل مع إيران خوفاً من العقوبات الأميركية، لكن الشركات الصينية النفطية الكبرى، “سي أن بي سي” و”سينوبك” و”بترو تشاينا”، التي تؤمن أكثر من ٩٠ في المئة من مشتريات الصين من النفط الإيراني، لا تخشى هذه العقوبات، وستواصل التعامل مع إيران عبر مصرف “كونلون” الصيني الذي أُنشئ في مرحلة العقوبات الأميركية الماضية لتنظيم العلاقات التجارية مع إيران عبر الدفع بـ”اليورو” أو “اليوان”.
– وعن الهند:
تنتظم أهمية إيران مع الهند لتتساوى مع المطالب الاستراتيجية الصينية نفسها في تأمين مصادر الطاقة والاستقلال الاستراتيجي عن الولايات المتحدة وغيرها.
تؤمن العلاقة للهند مع إيران توازناً مع الانتشار الصيني الذي يطوقها في باكستان وسريلانكا والمالديف ونيبال، وتحفظ للهند ممرها البري الرئيسي والوحيد نحو آسيا الوسطى وأفغانستان، وروسيا عبر شبكة من ٧ آلاف كيلومتر من الطرق البرية انطلاقاً من مرفأ “تشابهار” الإيراني. وكانت اتفاقية مشتركة وقعت قبل عامين مع طهران قد وضعت جزءاً منه تحت إدارة هندية لمدة عام ونصف العام.
يمثل “تشابهار” ممراً استراتيجياً يبعد ١٤٧ كيلرمتراً من مرفا “غوادار”، الذي تموّل الصين بناءه في باكستان في شبكة من الطرقات تشق باكستان من الشمال إلى الجنوب بطول ٣ آلاف كيلومتر.
وإيران هي مصدر الهند الثالث من النفط، التي تقوم أيضاً بتشغيل مصافي التكرير الهندية الكبيرة، والأرجح أن تعود الهند هي أيضاً من أجل الحفاظ على تدفق النفط الإيراني إليها إلى تفعيل اتفاقية سابقة مع إيران للدفع بالروبيه بديلاً من الدولار لحماية مشتريات شركاتها من العقوبات الأميركية.
قد تنجح الولايات المتحدة في إلزام حلفائها الغربيين بالسير في مغامرتها الجديدة ضد إيران لكن القوى الآسيوية الصاعدة التي باتت بمثابة قلب الاقتصاد العالمي، لن تنساق خلفها حفاظاً على مصالحها الاستراتيجية الحيوية.

وكالات
مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى