fbpx

القاضي الشرعي الأول يعتبره زنا.. الزواج المدني في سوريا كلام في هواء العلمانيين

ثمة من يعزوها إلى خلخلة حدثت ما بعد الحرب، وهنالك من يعتبرها “الخطوة التي لابد منها”، وهكذا انتقل الحوار في استصدار تشريعات للزواج المدني في سوريا، من أحاديث المقاهي وصفحات التواصل الاجتماعي، إلى مجلس الشعب السوري، وهو المجلس، المعطّل تاريخياً، والذي يوصف بمجلس “هزّ الرؤوس”، وهكذا فقد تواصلت المطالبة باستصدار قانون الزواج المدني، بمشاركة نواب سوريين، أملاً في مناقشته تحت قبة ما يسمى (البرلمان)، تزامناً مع طرح سياسي لدستور جديد وفق تسوية مرتقبة، وتتناسب هذه الصيحات مع ازدياد حالات الزواج المختلط العابر للطوائف، خلال العامين الأخيرين بشكل لافت، خصوصًا ما بعد الهزّات الاجتماعية التي أصابت السوريين وأسرهم في بلدان اللجوء مثلاً.. سوريو الداخل أيضاً لهم هواجسهم الاجتماعية، رغم التقييد القانوني الصارم، والبرود التشريعي حيال متطلباتهم.
عاودت صرخة الزواج المدني الاختياري حضورها على الساحة السورية، الشهر الفائت، مع طرح خجول لنواب كتلة الحزب السوري القومي الاجتماعي، الذين دعوا وزير الأوقاف محمد عبد الستار السيد إلى مناظرة تحت قبة البرلمان حول الزواج المدني الاختياري، ولم تترتب نتائج عن هذا الطرح ، ولعل أصحابه يعرفون النتيجة مسبقاً، غير أن واجباتهم الحزبية والفكرية والبرلمانية اقتضت منهم (شرف المحاولة) حسب تعبير أحد ممثليهم، وفي موازاة الدعوة إلى المناظرة الموعودة، واكبت منصات التواصل الاجتماعي التسويق للزواج المدني، عبر طرح الموضوع للاستفتاء ونشر مسوَّدة قانون الزواج المدني، بهدف طرحها على مجلس الشعب، بعد تبنيها من قبل عدد من النواب، القيّمون على المبادرة بالاشتراك مع الكثير من الساعين لإقرار هذا القانون الذين يصطدمون مع أصحاب الفكر الديني، ومن بينهم القاضي الشرعي الأول محمود المعراوي، الذي صدم الشعب السوري سابقاً بتصريح صارخ، حين اعتبر، بما يمثله من مكانة دينية ورسمية، الزواج المدني ;laquo;زنا;raquo.. فيما يرى محامون سوريون أن الزواج المدني الاختياري غير مخالف للدستور، وإن بدا متعارضاً مع الفقه الإسلامي، رغم احتمالات الاجتهاد والتأويل التي قد تأتي بحلول مرنة تقنع الجميع.
يرى محامون أن الزواج المدني الاختياري غير مخالف للدستور، وتتشابه إجاباتهم عن السؤال المتكرر المتعلق بشجاعتهم، حين أقدموا على التحدي الاجتماعي والقانوني، في إجراءات زواجهم، رافضين الإذعان لفكرة تغيير ديانة الزوج، وإلزامه باعتناق الإسلام قبيل زواجه بـ”مسلمة”، وفق القانون السوري.
وفي التوقعات حول مستقبل مشروع الزواج المدني، فإن نقاشًا بسيطًا للقيام بأي تعديل قانوني لمصلحة القوى العلمانية، يكاد يكون كافياً للتذكير الدائم بأساس القانون السوري القائم على الشرع الإسلامي، كدولة تدين بالإسلام وفق المذهب الحنفي، بما يرتد سلبًا على المطالبين بهذا القانون، خصوصًا وقد باتت وزارة الأوقاف بما تمثله شريكًا أساسيًا للنظام، بما في ذلك شراكتها في وزارة التعليم، وقد فرضت مناهجها على تلاميذ المدارس.
يجدر بالذكر، أن انتزاع قرار تثبيت الزواج المدني في المحاكم السورية، في حال حدوثه خارج البلاد، أسوةً بدول مجاورة ليست أفضل حالاً من الناحية القانونية عموماً، كلبنان مثلاً. غير أن ثمة التفافات على القوانين المعمول بها، فقد تحتج متزوجة زواجًا مدنيًا، لرفع دعوة قضائية لتثبيت الزواج على حاله، بذريعة عدم معرفتها بانتماء زوجها الديني قبل قيامها بالعلاقة معه.
صدمة الحرب وما أنتجته من اختلاط بين فئات الشعب ومناطقه، بحكم النزوح، قد تقود إلى تغيير قادم، و يبقى أن يوقف المشرّع مكابرته للتأقلم مع مقتضيات الواقع.

وكالات
مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى