fbpx

الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية؛ لماذا الآن؟

تصنيف واشنطن للحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، هو مسألة استثنائية سوف تعيد تغير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط، وتؤسس لمنعطف سياسي جديد ما يعني إن هذا التصنيف سيكون له ما بعده. فالإدارات الأمريكية السابقة، كانت تعتقد أن الأمن وسلامة مصالحها الاقتصادية في الخليج وعموم الشرق الأوسط، يبدأ بالتخلص من النظام العراقي، خصوصاً بعد احتلاله للكويت وتهديده لدول الخليج، ثم قيامه بقصف إسرائيل بصواريخ سكود أثناء حرب تحرير الكويت، واستخدامه للقضية الفلسطينية كورقة يلعب بها لاستعطاف وتحريك الشارع العربي، في الوقت الذي كانت فيه المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية قد بدأت من خلال وفود الداخل الفلسطيني في اعقاب الانتفاضة الأولى، التي كانت تعتبرها واشنطن بداية عملية سياسية مهمة سيكون لها انعكاسها على الشرق الأوسط. إزاحة صدام حسين، وتفكيك الجيش العراقي، والقضاء على منظومات سكود العراقية، كانت تعني للأمريكان بمثابة تحقيق أمن وسلامة إسرائيل، والحفاظ على مصالحها الاقتصادية في المنطقة. ولم يكن لدى الأمريكان أي قلق من الخطر الإيراني، خصوصاً وأن إيران كانت قد شربت مرارة حرب الخليج الأولى، وبالتالي إن توغلها في وحل العراق، كان يرى فيه الأمريكان سد لشهية إيران، ويكون بمثابة استنزاف لها، وسيعمل على الحد من طموحاتها السياسية. خصوصاً مع تحول العراق لساحة للجهاديين من القاعدة وغيرها، التي كانت دمشق في حينها واحدة من أهم الطرق التي سهلت وصولهم هناك. عموماً، وبعد سنوات وجد الأمريكان أنفسهم أنهم استبدلوا نظام صدام حسين بقوى هي أسوأ منه وأكثر خطراً على الخليج برمته، ووجدوا أن التخلص من صواريخ سكود العراقية لأجل حماية إسرائيل لم ينهي المشكلة، فقد باتت الصواريخ الإيرانية على الحدود الإسرائيلية في لبنان وغزة، وبينما كانت الصواريخ العراقية تقطع ألف كم حتى تصل الى حيفا، باتت تصل اليها بدقائق. لم يدرك الأمريكان حقيقة هذه المعادلة إلا بعد التغلغل الإيراني في سوريا، ثم تمدد إيران جنوباً عبر الحوثيين نحو مضيق باب المندب وما يعنيه ذلك من السيطرة على الممرات الدولية، ونفوذها في أفغانستان ودعمها لحركة طالبان، وحزب الله وصولاً إلى تجاوزها للأعراف الدبلوماسية وقيامها بأعمال إرهابية في أوروبا. عندها بات واضحاً لأمريكا وعموم الغرب، أن ثمة تشابه كبير بين النموذج الإيراني ونموذج داعش، غير أن إيران تتمتع بميزة إضافية، فهي إضافة إلى تكوينها لمئات الفصائل المسلحة من خلال الحرس الثوري الإيراني، فهناك في النهاية ثمة دولة معترف بها عالمياً اسمها إيران، ولكنها تقود كل هذا الإرهاب المنظم. اليوم أصبح واضحاً أن إيران تشكل خطراً أمنياً على عموم المصالح الغربية، وبالتالي لم تعد إيران تلك الدولة التي ترفع شعار المظلومية الدينية، ولا تلك المؤسسة الدينية التي تسعى لنشر المذهب الشيعي، فكل ذلك مجرد واجهة تختفي تحتها الأهداف الإرهابية، وهو ما أثبتته التحقيقيات الأوربية في فرنسا وغيرها، لهذا كله، بات إغلاق ملف الحرس الثوري الإيراني، هو أكثر صعوبة وتعقيداً من إغلاق ملف داعش، خصوصاً وأن الدبلوماسيين الإيرانيين أنفسهم ثبت تورطهم بجرائم إرهابية. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى