fbpx

مأساة الأهالي في حلب مستمرة

  • مقدمة

يشكل انهيار الأبنيّة السكنيّة في الأحياء الشرقيّة لمدينة حلب، خطراً جسيماً يهدّد سكّان الأحياء وينذر بكارثة إنسانيّة تودي بحياة قاطنيها المدنيين، وتشرّد آلاف العائلات وسط تحرّكات من مؤسسات النظام اقتصرت على الوعود، من دون اكتراث بواقع الأهالي في المدينة، أو إيجاد حلول بديلة، بدوافع عدّها بعض الناشطين والمتابعين للشأن الداخلي للمدينة دوافع انتقاميّة، وبعضهم الآخر عدّها حقيقية تفضح فشل النظام في دعواه إلى “إعادة الإعمار”، سنحاول في التقرير تسليط الضوء عليها

  • خطة ممنهجة

كثّف النظام السوريّ، وفي ما بعد حليفه الروسيّ قصفهما على أحياء مدينة حلب الشرقيّة، المسيطر عليها منذ عام 2012 من فصائل المعارضة، ولم يوفّرا سلاحاً مدمّراً إلا واستخدماه في تدمير أحياء المدينة على رؤوس ساكنيها، أدّت تلك الحملات إلى تحويل أحياءٍ كاملة إلى حطام وحسب، بحسب ما وثّقت وسائل إعلام عالميّة ومحليّة، وشبكات حقوقيّة، أفضت هذه الحملات الهمجيّة، في نهاية المطاف إلى تهجير سكّان المدينة، ضمن حملة ممنهجة من النظام بدأت بتدميرها وانتهت بإخلائها من معارضيه. “باسم أيوبي” ناشط إعلاميّ مهجّرٌ من مدينة حلب، وثّق أحداث القصف على المدينة، وكذلك أيّام الحصار الأخيرة، أوضح في حديث لـ”مينا”، أنّ النظام واظب خلال ست سنوات على قصف أحياء المدينة، وكان للأشهر الأخيرة حصة كبيرة، مخلفاً هذا القصف دماراً واسعاً في الأحياء، إذ وصلت نسبة الدمار إلى أكثر من 70% بحسب تقديره، وكان لأحياء مدينة حلب القديمة (الأثرية) نسبة كبيرة من القصف والدمار، أما الأبنية التي لم تدمّر بشكل كامل، فهي على وشك السقوط والانهيار، مشيراً إلى أنّ الهدف من هذا كله تعزيز فكرة التغيير الديموغرافي الذي شهدته المدينة وما يزال يجري حتى الآن.

  • مأساة إنسانيّة

استيقظ سكّان مدينة حلب، في 3 شباط/ فباير الماضي، على خبر سقوط 11 ضحيّة من المدنيين من جراء انهيار بناء سكنيّ في حي صلاح الدين ما أحدث ضجةّ في الأوساط الشعبيّة، وحالة من الخوف والذعر لدى سكّان الأحياء التي تعرضّت للقصف الجوي سابقاً، وتناقل ناشطون بعدها مقطعاً مصوراً لانهيار بناء سكني آخر، كان قد أفرغ من ساكنيه قبيل ساعات من سقوطه، وتكرر في عدد من أحياء المدينة انهيار أبنية سكنية، منها الصالحين وكرم الجبل. أحد سكّان المدينة، فضل عدم الكشف عن اسمه، قال في حديث لـ”مينا”، إنّ الوضع الإنسانيّ صعب في المدينة، وبخاصة في المناطق التي شهدت عمليات عسكرية ومعارك، وشكل انهيار هذه الأبنية نسبة خوف كبيرة لدى قاطني الأحياء الشرقيّة، بوصفهم مهددين في أي لحظة بانهيار منازلهم على رؤوسهم، وأفاد بوجود حالات تشرّد من كثير من العائلات الفقيرة التي فرّت من جحيم الانهيار. وعن المأساة التي يعيشها السكّان، أضاف: “ما زالت الأحياء تفتقر إلى أدنى الخدمات من صرف صحي ومياه وغيرها، وهي غارقة في الأنقاض ومخلفات الدمار، وكثير من الشوارع مغلقة، وسط قلة حيلة الأهالي، والأوضاع الاقتصاديّة الصعبة التي ضربت عيشهم”.

  • دعاية إعلاميّة

إضافة إلى محاولات في التغيير الديموغرافي، يحاول النظام تشويه تاريخ المدينة والأحداث التي مرت عليها خلال الثورة السوريّة، واستغلالها إعلاميّاً ليصوّر ما ألحقه (الإرهابيّون) -على حد زعمه- بالمدينة، وتحسين صورته، إلّا أنّ هذه المحاولات، تضعه في تناقض ملحوظ وفشل بحسب “أيوبي” في الوقت الذي يعلو فيه صوت النظام وحلفائه لإعادة الإعمار، وفي مدينة حلب يثبت عكس هذه الدعوات. محدّثنا من داخل المدينة، أكّد أنّ مؤسسات النظام تنشغل حالياً بافتتاح بعض الدوّارات الرئيسيّة في الأحياء الشرقيّة، للترويج الإعلاميّ فقط، والتضليل عن واقع المدينة وأوضاع الأهالي المتدهورة. كان مجلس مدينة حلب التابع للنظام، قد أعلن تدشين دوّار حي السكريّ المدمّر كاملاً بالقصف الجوي والمدفعي، إلّا أنّ تدشينه وإضاءته وسط ظلام حالك في الحيّ، جعله محطّ سخرية من الموالين للنظام وسكّان المدينة عبر مواقع التواصل، نظراً إلى الحالة الخدميّة للحيّ من انتشار القمامة والأنقاض في الشوارع ورداءة الطرقات.

  • النظام يقرّ ويتهرب

بعد تكرر حالات الانهيار وتهدّم الأبنية السكنيّة، وتفاقم معاناة المدنيين، أقرّ مجلس محافظة حلب بوجود 4 آلاف عائلة مهددة بالخطر، بعد تشكيل لجنة لجرد الأبنية الخطرة والمهددة بالسقوط، بحسب ما نقلت وسائل إعلام موالية. ووفق رصد لـ”مينا” تركّزت الإجراءات على هدم عدد قليل من الأبنية التي كانت على وشك السقوط، وبطرائق بدائية اشتكى الأهالي من خطرها، إلّا أنّ الأبنية التي عمد الأهالي إلى ترميمها على نفقاتهم الشخصيّة، لم تلقَ أي فحص أو متابعة من اللجنة المشكّلة، ما ينذر باستمرار الكارثة. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى