fbpx

معركة "ذات الأبراج".. فصائل مافيوزية تجمع ثروات طائلة من لعبة الكهرباء

تتسابق اطراف المعرضة المسلحة في الشمال السوري إلى امبراطورية مالية خاصة بكل جهة منها او منظومة او فصيل عسكري، وذلك عبر  فرض الضرائب والاتاوات المفروضة على الشعب القابع في رقعة الحرمان والعوز المعاشي، ولعل ابرز صراع بين المكونات الرئيسية للمعارضة المسلحة كان مبني على السيطرة بين كل من هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) و الجبهة الوطنية للتحرير (احرار الشام وعدد من مكونات الجيش الحر) حيث دارت معارك ضارية فيما بين تلك الفصائل المنضوية تحت سقف المعارضة للسيطرة على الرقعة الجغرافية التي تركها النظام في ادلب وأجزاء من ارياف اللاذقية وحماة وما فيها من مقدرات وعائدات مالية مثل مشروع الكهرباء الذي لاقى سجالا واسعا وطويلا عصف بمكونات المعارضة السورية وعرى اهداف بعض فصائلها المسلحة وشهر بها

  • ما هو ملف الكهرباء؟

بعد ان خرجت محطة كهرباء زيزون عن العمل في صيف عام 2015 بسبب قصف النظام المتواصل على المحطة بعد انسحابه منها من جهة وبيع التركستان ( فصيل اجنبي مدعوم من القاعدة ) لمقتنيات المحطة من جهة أخرى غرق الشمال السوري بظلام دامس غطى ادلب وأجزاء من حلب واللاذقية وحماة وبعد توقف المعارك التي انتهت بسيطرة المعارضة على ادلب وبعد انقطاع الدعم الأمريكي والإقليمي لبعض المكونات سعت بعض الفصائل وابرزها جبهة النصرة واحرار الشام في الربع الأول من العام 2016 الى التفتيش عن مصادر تمويل تمكن كل منهم الاستمرار وبناء قوة عظمة مرتكزة على الاقتصاد،  وجدت تلك الفصائل في الكهرباء القادمة من مناطق سيطرة النظام الى بعض المناطق المحررة مصدر رزق يستوجب الحرب وسفك الدماء حيث عملت تلك الفصائل منذ الربع الأول من العام 2016 الى فرض ضرائب مالية بقيمة (3000 ليرة و 4000 ليرة ) على كل منزل في المناطق المحررة تصله كهرباء النظام في حين ان تلك الكهرباء مجانية ولا تصل لمؤسسة كهرباء النظام أي فاتورة.

  • تاريخ ملف الكهرباء وأبرز مناطقه.

فرضت احرار الشام سيطرتها المطلقة على ناحية قلعة المضيق منذ العام 2015 وعدد من البلدات والقرى حولها مثل كفرنبودة والهبيط وجبل شحشبو وصولا الى خان شيخون  وباعتبار تلك المناطق كانت تتغذى على محطة كهرباء محردة الواقعة تحت سيطرة النظام بقيت فيها الكهرباء بوضعها السليم اوجدت احرار الشام ما يسمى بمديرية الخدمات ومن ضمنها المكتب الاقتصادي برئاسة المدعو روكان العلي والذي كانت مهمته جبي ضرائب الكهرباء في المناطق المذكورة بواقع 3000 ليرة على الامبير من كل منزل إضافة الى فرض ضرائب على ابار المياه الخاصة بالشرب والمخدم للتجمعات السكانية وباعتبار تلك المناطق كانت تشهد موجات نزوح الا انه ادنى عدد عائلات يقدر فيها بحوالي 15 الف عائلة أي 15 الف منزل وبعملية حسابية تكون تلك العوائل دفعت شهريا مبلغ يزيد حجمه عن 45مليون ليرة سوريا ناهيك عن الامبيرات الزائدة في الأسواق والمعامل ومع احتدام الخلاف بين جبهة النصرة  وحركة احرار الشام في العام 2017 سيطرة جبهة النصرة على قرى وبلدات جبل شحشبو والهبيط وخان شيخون التي كانت لا تزال الكهرباء تعمل فيها مما حدى بجبهة النصرة الى انشاء مكتب خدمات الهيئة والذي بدوره يعمل ضمن مهمة الجباية من المناطق المذكورة بواقع (4000 ليرة للأمبير الواحد)

  • معركة ذات الأبراج..

في صيف العام 2017 ازداد التوتر بين المديريات الخدمية التي انشاتها تحرير الشام واحرار الشام على الكهرباء لتصل رقعتها الى البرج المغذي لإدلب في بلدة معان شرق حماة حيث أرسلت هيئة الخدمات في احرار الشام مهندسين وفنيين ليانة خط معان القادم من النظام والذي سيغذي مناطق احرار الشام دون غيرها مما حدى بهيئة تحرير الشام بمهاجمة المهندسين والفنيين واعتقال عدد منهم حيث تم حل الخلاف مؤقتا بين الطرفين لتعاود إدارة الخدمات في تحرير الشام السيطرة على البرج والقيام بأعمال صيانة وتوجيه للكهرباء نحو مناطقها الامر الذي قابلته احرار الشام بنسف عدة أبراج مؤدية الى محافظة ادلب ليتطور الخلاف بعدها على صعيد عسكري عالي بين الطرفين ضرب فيها كل طرف عدد من الأبراج الحاملة للأكبال الكهربائية المؤدية الى سيطرة كل منهما وفي شهر تشرين الأول من العام ذاته توصل الطرفين الى حل يقضي بسيطرة كل منهما على عدة مناطق والتحكم بمقدرات الكهرباء فيها فكان لهيئة تحرير الشام مناطق كفرزيتا واللطامنة وخان شيخون وكفرنبل ومحطتي تحويل البارة وبسيدا المسؤولتان عن إيصال الكهرباء لمناطق كثيرة بادلب فيما اقتصرت سيطرة احرار الشام على مناطق الغاب وكفرنبودة وقلعة المضيق وجبل شحشبو والهبيط.

  • لماذا يزود نظام الأسد المناطق الخارجة عن سيطرته بالكهرباء؟

في كثير من المناطق لاسيما بحماة تتداخل خطوط التماس بين المناطق الموالية للنظام والمعارضة له لكن لايزال نظام الأسد يزود وبشكل وفير مناطق سيطرة المعارضة بالكهرباء بشكل مجاني بحت ولعل اهم الأسباب التي دفعت الأسد لإبقاء الكهرباء ضمن بعض مناطق سيطرة المعارضة يتمحور في وقوع محطة تحويل كهرباء الشريعة المسؤولة بتحويل الكهرباء وتوزيعها الى القرى والبلدات الموالية في سهل الغاب ضمن مناطق سيطرة المعارضة لا سيما ان المحطة المذكورة تعد الوحيدة غرب حماة التي تتحكم في خطوط التوتر العالي والمتوسط والتي تتحكم بشكل بواقع تحويل الكهرباء القادمة من محطة كهرباء محردة. تتحكم هيئة تحرير الشام بالخط الواصل بين كهرباء حماة وحلب حيث فرضت تحرير الشام على النظام بتزويد محافظة ادلب بـ 40 ميغا واط حتى تسمح تحرير الشام بوصول الكهرباء من محافظة حماة الى محافظة حلب الواقعة تحت سيطرة النظام من خط التوتر العالي المار في بلدة معان ومن ثم بمناطق سيطرة تحرير الشام وصولا الى حلب.

  • مناطق بدون كهرباء لماذا ؟

بالرغم من اقتسام تحرير الشام واحرار الشام لتركة كهرباء النظام في محافظة ادلب الا انه وبسبب التداخل الجغرافي لبعض المناطق وواقع السيطرة عليها  حدى بالطرفين لحرمان عدد من القرى والبلدات والمدن للكهرباء مثل مدينة معرة النعمان الخاضعة لسيطرة احرار الشام وسط مناطق تحرير الشام الا ان المدينة محرومة من الكهرباء بسبب سيطرة احرار الشام عليها.. بلدات معرتحرمة وترملا وكفرعويد محرومة تماما من الكهرباء بسبب عدم تبعيتها لهيئة تحرير الشام فيجب على كل بلدة ترغب باستجرار الكهرباء ان توقع عقد تفاهم بين المجلس المحلي وتحرير الشام يلتزم فيه المجلس بالتبعية المطلقة لتحرير الشام حتى يحصل على الكهرباء ، وفي محافظة حماة لا زالت ناحية الزيارة لليوم ومنذ 4 سنوات دون كهرباء بسبب سيطرة هيئة تحرير الشام عليها والغريب بالأمر ان الفارق بين المنازل المتغذية بالكهرباء وتلك المحرومة لا يتجاوز 100 متر كما هو الحال أيضا في منطقة جسر الشغور الواقعة ضمن سيطرة فصيل التركستان

  • لمن تعود ضرائب الكهرباء المجانية؟

منذ ما يزيد عن 3 سنوات وهيئة تحرير الشام ( جبهة النصرة ) واحرار الشام تفرض الضرائب المختلفة على السكان في الشمال السوري وبحسب مرجعية وفتاوي كل منهما التي تحرم التعامل مع النظام فان كلا الفصيلين لا يدفعان الضرائب للنظام ويحصلان عليها بالمجان، واليوم تفرض احرار الشام وتحرير الشام ضرائب على الكهرباء تقتصها من السكان في الشمال السوري الذي يعاني اسوء موجة فقر وعوز بتاريخ سوريا الحديث وحسب احصائيات لمراكز دراسات فان 66% من سكان الشمال السوري يعاني من فقر مدقع. ان تحرير الشام او احرار الشام سواء تهتم ببناء إمبراطوراتها المالية والاقتصادية وتمكينها بشتى السبل وفي سبيل ذلك تفرض الضرائب على عوام الناس لا سيما بعد توقف الدعم الدولي الخاص بالمنطقة الشمالية الغربية من سوريا وما رافقها في قطع لرواتب عناصر الفصائل وامدادها اللوجستي،  ومن هذا المنطلق فرضت تلك الفصائل الضريبة تلو الأخرى على السكان بهدف المحافظة على كياناتها وكيانات فصائل صغرى تابعة لها،  والاهم هو المال العائد للأمراء او القادة ففي منطقة سهل الغاب التي تسيطر عليها احرار الشام هناك 5 مزارع اسماك عائدة لقيادي في احرار الشام يدعى أبو عبد الرحمن الغاب ولم يكن ذلك الشخص قبل انطلاق الثورة الا موظفاً بسيطاً في محطة كهرباء زيزون لا سيما ان تكلفة مزرعة الأسماك الواحدة تفوق ال 20 الف دولار، وفي جبل الزاوية هناك سلسلة مطاعم كريسبي ميل عائدة للمدعو أبو يوسف حلفايا الذي كان عبارة عن دهان قبل 2011 لا سيما ان تكلفة المطعم الواحد فاقت ال 15 الف دولار وبين هذا وذاك وطمع الكثير منهم غرق الشعب السوري في غياهب الفقر والعوز والحرمان.

  • ما دور حكومتي الإنقاذ والمؤقتة من ملف الكهرباء في ادلب وحماة؟

عمدت حكومة الإنقاذ منذ تشكيلها ( 2 تشرين الأول 2017 ) بالتدخل بملف الكهرباء حيث أنشأت مديرية كهرباء ادلب التي كانت مهمتها فرض الضرائب والجباية من السكان وتسليمها لخزانة الحكومة العائدة لتحرير الشام وبما ان حكومة الإنقاذ غير معترف بها دوليا ولا تحصل على دعم وجدت في ملف الكهرباء خير ذريعة لاستجرار رواتب الموظفين وتغطية نفقات التحرك في حين ان تلك الحكومة ومنذ تشكيلها لم تقدم للسوريين أي مشروع حيوي يساعد على النهوض بالبنية التحتية ولم تستطع ان تنشئ ولو محطة توليد كهرباء او أي مشروع لإصلاح خطوط التوتر في أي منطقة محرومة من الكهرباء اما الحكومة المؤقتة التي يتزعمها جواد أبو حطب فهي ابعد ما تكون عن واقع السكان واحتياجاتهم في ادلب وحماة ولم تستطيع تلك الحكومة انارة شارع واحد حتى تنير بلدة او قرية ولم يكن لها أي دور في ملف كهرباء ادلب وبحسب مراقبين فان هم حكومة أبو حطب تامين الدعم الإقليمي اللازم لاستمرارية رواتب موظفيها الضاربين بعرض الحائط كل ما هو ضروري لإعادة بناء المناطق التي دمرتها الحرب وهدمت فيها البنية التحتية وهنا يتسأل مواطن :”على الرغم من تحرير مدينة الباب السورية منذ اكثر من عام واستتباب الامن فيها لماذا لم ينقل أبو حطب مقر حكومته الى سوريا ولا زال يصر على التسكع بفنادق عينتاب، فلماذا؟” في تصريح لمرصد مينا قال الناشط محمد الصالح من ريف ادلب الجنوبي ان :”حكومة الإنقاذ ليست الا واجهة للجولاني وافراد هيئة تحرير الشام تحاول الأخيرة من خلال الحكومة الصورية شرعنت اعمالها بصورة مؤسساتية لاقناع المدنيين ان الهيئة  لاتتدخل في شؤونهم انما للحكومة التصرف المطلق مع المدنيين،  الا انه من خلال تلك الحكومة تستمر جبهة النصرة بجمع ثروتها واقتصاص الضرائب من خلال المدنيين والكل عائد لخزينة الجولاني لتكون الحكومة مجرد صورة لا اكثر “. ويتابع الصالح :”وليس ببعيد عن حكومة الإنقاذ هناك الحكومة المؤقتة التي لم يسمع بها الكثير من السكان او وزاراتها القابعة في تركيا ويبدو ان هناك ارتباط بين احرار الشام والحكومة المؤقتة التي تحاول وضع قدم في محافظتي حماة وادلب ولكن هل تقبل احرار الشام بتحويل ملف الكهرباء وجبايتها المؤقتة التي تتلقى الدعم الدولي دون مشاريع على الأرض سوى ترهات بريف حلب الشمالي”؟ مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى