fbpx

ماذا لو؟

ـ ماذا لو؟

ربما هو السؤال الافتراضي الأكثر إلحاحاً على اللبنانيين.. اللبنانيون من بين سكّان هذا الكوكب، ومن بين الـ “ماذا لو؟”، سيكون :

ـ ماذا لو انتصر حزب الله في حربه مع إسرائيل؟

“ماذا لو” هذه متفرعة، عن الأوسع فالأوسع تشمل السيطرة أو نزعها، كما تشمل الاقتصاد انكماشاً أو اتساعاً كما تطال الحياة البرلمانية والديمقراطية ومصيرها، غير أنها تتركز في بعد منها على :

ـ ماذا لو، وما حال الرئاسة اللبنانية؟

من بين المجيبين على هذا السؤال كان “جان عزيز”، وهو كاتب يترك مسافة ما بين الوقائع والرغبات، ولهذا فالقصة بالنسبة له أننا أمام احتمال من اثنين:

ـ  إذا انتصر الحزب في الحرب، سيفرض مرشّحه رئيساً. وإذا خسر الحرب، ستُعطى له رئاسة .

وإنقاذا للقارئ من هول المفارقة يشرح عزيز المعضلة:” إذا خسر يمنحه الرئاسة لاستيعاب نكسته.. يعني يمنحه الجمهورية تعويضاً”.

في المقابل، وللمفارقة، يبدو كلام خصوم الحزب أكثر إنصافاً له، من كلام بعض “مريديه”. يجزم الخصوم أن لا صحّة لما يسوّقه أصحاب الرؤوس الحامية من حلفاء الحزب. فلا موازين القوى الخارجية في هذا الاتجاه. ولا الداخل على هذه الصورة من الانكسار الذي يتوهمونه.

خارجياً، يكتفي هؤلاء بمؤشّرات بسيطة، لنفيِ مقولة الصفقة الأميركية – الإيرانية كليّاً. يقولون إنّ من يعرف كيف تعمل ماكينة القرار الأميركي، عليه أن يتوقّف طويلاً عند آراء ومواقف مرجعيّة. هذه بعض أمثلتها:

ـ تحذير الكاتب توبي ماتيستن في “فورين أفيرز” من أيّ جبهة إخوانية خمينيّة إسلامية يمكن أن تنشأ من حرب غزة.

ـ دعوة مايك بنس ومايك بومبيو صراحة إلى ضرب إيران. وذلك عبر مقالهما في “وول ستريت جورنال.”

ـ كلام توماس فريدمان في “نيويرك تايمز” عن أنّ رجلين اثنين قادران على تغيير مسار الصراع في الشرق الأوسط: الرئيس الأميركي جو بايدن ووليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

ـ وصولاً إلى كلام فريدمان نفسه عن “عقيدة بايدن” الشرق أوسطية المتشكّلة من 3 مسارات كما يقول: التحالف الأمنيّ الاستراتيجي بين واشنطن والرياض، الترويج لقيام دولة فلسطين، واتّخاذ موقف أميركي حازم تجاه إيران.

فضلاً عن عشرات الأمثلة المعزِّزة لهذا الاتجاه نفسه.

حتى الكلام المناقض عن تراجع أميركا وسقوطها عن موقع القطب الدوليّ الأوّل، وسوى ذلك من توهيمات، يحيله خصوم الحزب إلى بحث فريد زكريا في “فورين أفيرز”. وفي خلاصته أنّ المسألة المتصوّرة متروكة جدّياً إلى ما بعد سنة 2050! فيما نبحث نحن وضع لبنان الآن.

أمّا داخلياً فيتابع خصوم الحزب بأنّ موازين القوى ليست كما يصوّرون إطلاقاً. وآخر تجلّياتها جلسة 14 حزيران الانتخابية. ولم يتغيّر حرف بعدها، كما يجزم هؤلاء.

ـ استطراداً يقولون:

ماذا إذا انتصر الحزب في حرب غزة؟ الجواب عبر تجربة سابقة حيّة: في تموز 2006 انتصر الحزب على إسرائيل. ثمّ انكفأ إلى الداخل لترجمة “نصره”. فاصطدم بأكثرية لبنانية. وتطوّر اصطدامه بها حتى 7 أيار 2008. فذهب بعدئذٍ إلى الدوحة حيث اضطرّ إلى انتخاب المرشّح الذي تبنّاه خصمه “تيار المستقبل” بعد 48 ساعة فقط على نهاية ولاية إميل لحّود. وهو ما يؤكّد استحالة تحويل حتى الانتصارات العسكرية إنجازات سياسية في لبنان، بشكل مغاير لثوابت هذا البلد ومرتكزاته الميثاقيّة.

ماذا إذا تمّت صفقة بين واشنطن وطهران؟ والجواب هنا أيضاً عبر تجربة سابقة. في أيلول 1988 تمّت صفقة بين الأميركي والسوري. فلم تصل إلى بعبدا إلا على بحر من الدماء. بحر قاتل انتقل بعد 20 عاماً ليُغرق سوريا كلّها بملايين القتلى والجرحى والمهجّرين ويؤدّي إلى دمار بلد كامل.

وهذا كلّه ممّا يعرفه الحزب ويدركه تماماً، ولن يغامر به.

لن يغامر به، كان هذا رأي جان عزيز.

قد لايكون هذا رأي “الأيام المقبلة”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى