fbpx

التَّـعرّي.. آخر إبداعات المسرح في المشهد الثوري!

بعد انقضاء أكثر من 90 عاماً على عرض أوّلها، لا تزال أفلام شارلي شابلن تتربع على عرش عروض الفن السابع في عدد الجوائز ونسبة المشاهدات لغاية هذا اليوم، رغم عدم وضوح صورها بالأبيض والأسود، وافتقارها لعنصر النصّ المنطوق، واقتصارها على الإيماء؛ والسبب بكل بساطة يعود لقدرة ذلك المبدع على إيصال ما رغب في من أفكار حرّكت انفعالاتنا وعواطفنا الإنسانية، فأثارت مشاعر الضحك والحزن والحبّ والغضب والخوف، بطرق عجز عنها جهابذة مخرجي وممثلي هذا العصر. لم نشهد في جميع أفلام شابلن، التي تناولت الفقر والظلم والاستعباد والحروب والسياسة وكافة مشاكل الإنسانية، مشهداً واحداً خادشاً للحياء أو مثيراً للغرائز أو مخالفاً للآداب العامة ونواميس مجتمعات الغرب والشرق على حدّ سواء؛ بعكس ما حصل مؤخراً مع (النجم) بطل زاويتنا. اليوم، ونتيجة الإفلاس الإبداعي عند بعض الممثلين والمسرحيين، راحت تظهر طرق وأساليب رخيصة، لا علاقة لها بأبعاد العرض وهدفه الإنساني- الأخلاقي، بل للفت انتباه الجمهور والرأي العام، طلباً لإثارة قضية ثانوية مستفزة، لاكتساب شهرة فردية، غالباً ما تنعكس سلباً على القضية المرجوة من العرض. على الساحة السورية، لاحظنا (الإبداعات) التي أطلقها كلّ من محمد بيازيد، صاحب فكرة الـ (buzz) الإعلامي وحادثة الطعن الكاذبة؛ ثم دريد لحّام وانتقاله من شخصية (غوار) إلى “صرماية الوطن”؛ فعباس النوري، وتحوّله من التمثيل إلى (التأريخ) في قصة صلاح الدين “الكذبة”. إلا أن المسرحي (حسين المرعي)، اللاجئ في المانيا، تمكّن من تصدّر المشهد، والتغلّب على كل سابقيه من أساطين التمثيل السوري، بعد إطلالته (العارية) في أحد عروض مهرجان قرطاج المسرحي الأخير في تونس، ما دفع بنصف الحضور لمغادرة صالة العرض. واعتبر المرعي أن المشهد يعدّ انقلاباً على “مشاكل العرب ونظرتهم للجسد”. ولكي نحيط بالأسباب الموضوعية التي دفعت بالمرعي إلى ممارسة (انقلابه) هذا، لا بد لنا أولاً من استعراضٍ ملخّصٍ لنص العرض: المسرحية بعنوان “يا كبير”، تتناول قصة أب يعمل ضابطًا كبيرًا في المخابرات السورية، وهو متورط بالدم المسفوك في البلد، يأتي خبر وفاته إلى أبنائه اللاجئين في المانيا، تقرر الابنة (المسرحية أمل عمران) العودة إلى سوريا، ويمنعها الأخ (مرعي المتعرّي). وفي النهاية يلتقي الأخ بأخته، ويبدأ الماضي بالظهور على السطح: العلاقة المشوهة بين الأب والأبناء، مرحلة من مواجهة الماضي الفاسد، تنتهي باغتصاب الأخ لأخته، التي ستقتله بعدها وتنتحر. هذه المسرحية، تم عرضها على أساس أنها تتناول ما يحصل في الانتفاضة السورية اليوم، وهدفها بالتالي، كما يُفترض، كسب إعجاب وتعاطف الجمهور مع السوريين وقضيتهم العادلة. ولنتساءل الآن: أين القضية السورية في المسرحية المعروضة؟ وما هي المكاسب التي نالتها انتفاضة السوريين، من تعرّي المرعي، عدا تكريس حالة الفوضى الأخلاقية، وتقديم صورة مشوّهة عن الانتفاضة السورية والمُهجّرين السوريين؟ مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى