fbpx

مسلمون ولكن

الكاتب: أحمد الرمح

يظن بعض المسلمين أن الانتماء إلى الإسلام ليس إلا شكليات وأقاويل، بمعنى آخر مظاهر شكلية وبعض متون العقيدة تُحفظ للمجادلة بها، وهذه مظاهر قد تكون صادقة ولكنها ليست مصيبة. لقد عرفت خلال حياتي الدعوية أناساً يتمتعون بمظاهر إسلامية ويعرفون بعض المتون العقائدية ولكن سلوكهم وأخلاقهم غاية في الكذب والدجل والنصب والارتزاق بالدين.

رافقتُ من يعرفون دقائق العقيدة وحاورتُهم فوجدتهم مخالفين لأخلاق الدين وحرماته، آمنوا بشكليات الدين، وكفروا بأخلاقياته، عرفوا بعضاً من سننه وخالفوا كثيراً من جوهره، إنهم مسلمون ولكن، نسوا أو تناسوا أن الدين أخلاق وحكمة ومحبة وإنسانية وعدل وعمل.

الدين أخلاق قبل أن يكون عبادة، والدين إنسانية قبل أن يكون حدوداً، والدين حكمة قبل أن يكون شعائر، والدين عقل قبل أن يكون أحكاماً، والدين دعوة قبل أن يكون خلوة، والدين رأفة ورحمة قبل أن يكون شدة.

لو كانت الغلظة من الدين، لما حذر الله سبحانه رسوله منها: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ. (آل عمران:159) ولم تأتِ آية واحدة في القرآن الكريم تحث على التشدد، ولكن هناك آيات تدعو إلى اليسر: يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ. (البقرة:185) لو لم يكن العفو والتسامح من الدين لما أمر الله سبحانه رسوله به: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ. (الأعراف:199).

رفقاً بالإسلام وبالمسلمين، كفانا إساءة إلى الإسلام باسم الإسلام، كفانا ادعاء بالدين باسم الدين لا يمكن أن نقهر أحداً على الإسلام وهذا ما نصح الله به رسوله: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ. (يوسف103) إنَّ إكراه الناس على الإسلام توسيع لدائرة المنافقين، والإنسان مكرم إلهياً بغض النظر عن اعتقاده ومذهبه وطائفته فلماذا ننسى هذا التكريم الإلهي: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (الإسراء:70) وإذا كان العقل مناط التكليف فإن الروح مناط التكريم الإلهي فكيف نتجرأ على إزهاقها باسم الدين؟ كل مظاهر الإسلام وأقاويله صغيرة أمام أخلاقياته وهذا ما أدركه العملاق عمر بن الخطاب بقوله: كونوا دعاة إلى الله صامتين. قالوا: كيف ذلك؟. قال: بأخلاقكم. نعم كلنا مسلمون ولكن.

مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا”.

حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى