fbpx

أبيع كليّتي لأول مشترٍ آت

مع انهيار الاقتصاد الإيراني، وهبوط سعر صرف العملة الإيرانية لمستويات متدنية خلال السنوات الماضية، يضرب الفقر والجوع طبقات المجتمع الإيراني الفقيرة والمتوسطة بشكل يومي.

في ظل ذلك، ومن أجل تلبية الاحتياجات الأساسية للعيش الكريم، الذي أصبح من أحد هواجس وأحلام المواطن الإيراني، هناك تجارة مزدهرة وغير مسبوقة تأخذ أبعاداً واسعة داخل المجتمع الإيراني، وحالة منظمة ومنهجية في السنوات الماضية.

هذه التجارة هي بيع أعضاء الجسم التي بدأت بالازدهار والانتشار في إيران منذ قرابة العشر سنوات بدءً من بيع الكلى، وتطورت بعدها لبيع أعضاء أخرى مثل، الكبد والرئة ونخاع العظام والقرنية، وبلازما الدم في نهاية المطاف.

ما يثير الاستغراب والتعجب والدهشة، هو تأييد ودعم بعض مسؤولي نظام الملالي لهذه التجارة بشكل رسمي وعلني، الأمر الذي لا يمكن أن يعزى إلا للجذور الرجعية والمتخلفة التي يقوم على أساسها نظام ولاية الفقيه.

فوفقاً لموقع منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، نقلاً عن صحيفة مشرق الحكومية (28 فبراير 2017)، تحدث الدكتور حسين علي شهرياري، عضو لجنة الصحة في المجلس، عن موضع بيع الكلى من قبل الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع قائلاً:

“ما المشكلة من القيام بذلك عندما يكون الشخص في حالة فقر، وتتحول حياته من خلال تلقيه ل 20 إلى 30 مليون تومان ( يعادل من 2 إلى 3 آلاف دولار بسعر الصرف في ذلك الوقت)؟”.

في كل تجارة قائمة ومزدهرة لابد من توفر عدة شروط، ألا وهي البائع والشاري وسوق العرض والطلب، وبالنسبة لتجارة الأعضاء في إيران فكل تلك الظروف موفرة بشكل تام وجيد.

فالبائع هو شخص عاركته الحياة بشدة، حتى وصل لنهاية مسدودة أصابته بحالة تشبه الجنون، وأجبرته على بيع أعضاء جسمه لمواجهة الضغوط الاقتصادية المميتة.

أما عن المشتري فهو شخص من الطبقات الغنية التي نجت من فيضان الغلاء والتضخم الاقتصادي في إيران، وتمتلك ما يكفي من المال الذي يعينها على تخطي مصاعب الحياة و أزماتها.

أما بالنسبة لسوق العرض والطلب، فهو سوق ملتهب، ومعظم بائعي الكلى هم من فئة الشبان الذين مازالوا في ريعان شبابهم، وتتراوح أعمارهم ما بين ٢٢ و ٣٤ عاماً، وقد لا يخلو الأمر من وجود بعض كبار السن الذين يعرضون أعضائهم للبيع دون وجود أي مشترين جادين بسبب كهولتهم وكبر سنهم.

متوسط الأسعار:
في الوقت الذي تتم فيه حوالي ٣٨٠٠ عملية زرع في إيران سنوياً، لا يوجد سعر ثابت لأعضاء الجسم، وتختلف الأسعار صعوداً وهبوطاً وفقاً لعدة متغيرات وعوامل، وهي:

عمر البائع، وحالة المريض المتدهورة (المشتري) ومدى حاجته للشراء، وإلحاح البائع، وكذلك فصيلة دم البائع.

لكن وبشكل عام، تراوحت أسعار أعضاء الجسم في إيران في عام ٢٠١٨ وفقاً لما يلي:

الكلى ما بين ٥٠ و ١٠٠ مليون تومان (٥-١٠ ألف دولار)
الكبد بين ١٥٠ و ٥٠٠ ملايين تومان (١٥ إلى ٥٠ ألف دولار)
القرنية ٢٠٠ مليون تومان (20،000 دولار)
نخاع العظم ١٠٠ مليون تومان (١٠ ألف دولار).

طريقة الشراء والبيع:

تتم عملية البيع والشراء بطرق مختلفة، وأحد هذه الطرق هي الطريقة المباشرة، حيث يقوم العديد من البائعين بعرض أعضائهم للبيع عن طريق وضعهم لقطعة من الورق على الأبواب وجدران المشافي، يضعون فيها أعمارهم وزمر دمهم وأرقام هواتفهم، متوسلين المارة بعدم إزالة إعلاناتهم بسبب فقرهم وحاجتهم الشديدة.

هؤلاء الفئة من البائعين يفضلون هذه الطريقة ليكونوا على اتصال مباشر بالمشتري قدر الإمكان، لتجنب دفع عمولة الوسيط.

لكن تجارة أعضاء الجسم في إيران لم تقف عند هذا الحد، بل ازدهرت لكي تنتج أشخاصاً ينطبق عليهم المثل الشعبي الذي يقول (مصائب قوم عند قوم فوائد).

هؤلاء الأشخاص هم الوسطاء الذين يتوسطون ما بين المشتري والبائع، وفي النهاية يحصلون على عمولتهم الكبيرة والتي قد تصل لحد ٥٠% من الصفقة.

هؤلاء الوسطاء حولوا انستغرام وتلغرام لأحد الشماعات الرئيسية لتجار الكلى، حيث يقومون بإعداد مواقع لأنفسهم، ويطلبون من البائعين تسجيل معلوماتهم على هذه المواقع، ويقوم المشترون بتحديد البائع والاتصال به من خلال هذه المواقع.
وأحد هذه المواقع هو موقع كلية سينتر المشهور في إيران وهذا عنوانه:

http://koliyecenter.mihanblog.com/

ولا يكتفي الوسطاء بالعمل على الفضاء الافتراضي فسحب، بل تراهم يتجولون في أزقة المشافي الكبيرة بحثاً عن مرضى ومشترين محتملين لكي يحصلوا على صفقة مربحة.

شارع الكلى في طهران:

شارع فرهنغ حسيني (في وسط طهران) المعروف باسم شارع الكلى تحول اليوم لبورصة لبيع الكلى في العامين الماضيين، حيث تم استبدال الأوراق بمخطوطات عريضة ذات ألوان مبهرة مثل اللون الأحمر، كتب فيها اسم بائع الكلية ورقم هاتفه.

في جميع أنحاء هذا الشارع، لا يمكنك العثور على باب أو حائط أو حتى مكان لوقوف السيارات بدون رقم هاتف أو مبيعات الكبد أو الكلى عليه.

ومن المفارقات الكبيرة المثيرة للتعجب والاستغراب أن يقع المبنى المركزي لجمعية دعم أمراض الكلى في منتصف هذا الزقاق أو الحي.

وما يثير الدهشة والاستغراب أكثر، كما تتحدث مصادر المقاومة الإيرانية، هو أن تجارة الأعضاء في إيران ازدهرت أكثر في أعقاب رفع الحظر عن الحسابات والأموال الإيرانية المجمدة، وتصدير نظام الملالي لما يقارب المليونين ونصف المليون برميل من النفط يومياً، أي أن هذه الأموال لم ولن تنفق مطلقاً على تحسين وضع الشعب الإيراني.

خلاصة القول

أغلب ثروات الشعب الإيراني يتم نهبها قبل مكتب خامنئي، الذي قدرت ثروته مؤخراً ب 200 مليار دولار، والحرس الثوري الإيراني وقوات البسيج القمعية.

وبالإضافة إلى المصارف القمعية التي تنفق في الداخل الإيراني، هناك عدة مليارات من الدولارات تنفق سنوياً لدعم الديكتاتور السوري بشار الأسد لذبح الشعب السوري، وما يقرب من مليار دولار لدعم جماعة حزب الله اللبنانية الإرهابية، ومئات الملايين للمتمردين الحوثيين في اليمن.

وفي الوقت الذي تمتلك فيه إيران، التي يبلغ عدد سكانها ١% من عدد سكان العالم، ٧% من الموارد الطبيعية في العالم، وهي واحدة من أغنى البلدان في العالم من حيث الموارد الطبيعية، يعيش معظم الشعب الإيراني (أكثر من ٦٠% من الشعب الإيراني) تحت خط الفقر، ولا يرون أي أفق مستقبلي لتحسن أوضاعهم، وتستمر مأساة بيع الأعضاء في إيران.

 

هذه المادة تعبّر عن وجهة نظر الكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي المرصد.

حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©

Read More

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى