fbpx

ما بعد سقوط “ربما” حان وقت سقوط الرئيس

مرصد مينا

كلّ فرص النجاة قُدمت لبشار الأسد، فعلى المستوى الداخلي، وما قبل 2011 لم تكن قوى المعارضة السورية لتطلب منه اكثر من إصلاحات لا تُسقِط نظاماً وتبقي على الدولة، وكان ردّه على الدوام المزيد من الصلافة والتعالي والاعتداد بالنفس بما دفع المعارضات على تلويناتها للذهاب أبعد من مطلب الإصلاح إلى مطلب الإسقاط، وحين تحوّلت البلاد إلى “الحراب”، انتشله حلفاءه الروس والإيرانيين من السقوط، فيما تراخت المعارضات وصولاً إلى استعادة مطالب “الإصلاح” متنازلة عن مطلب “الإسقاط”، فيما ذهب الأسد إلى العنجهية التي أخذته بعيداً في الاستهتار بحركة الاعتراض، مستفيداً من تشظيات المعارضة، فيما فتح الطرق كل الطرق للميليشيات التي ألغت سلطة الدولة لحساب زورايبها وصولاً لسيطرة مافيا المخدرات على البلاد ومن ثم الذهاب بعيداً في حرب السموم التي اطلقها على دول الجوار وابتعد اكثر وصولاً إلى مجموع دول الخليج حتى بات نعته بـ “بشار الكبتاغون”،.

حتى هذه المرحلة لم تتوقف مساعي إمداده بحبل النجاة فكانت مبادرات خليجية لاحتوائه وصولاً إلى اعادته وكرسيه إلى جامعة الدول العربية، ليكون ردّه مختزلاً بخطابه الإعلامي القائل بأنها “دول هرولت إليه”، ولاشك بأن كلاماً كهذا لابد ويمكن تفسيره عبر واحد من احتمالين:

إما نرجسية مرضية، وإما بضمانات قدمها الحلفاء، ضمانات سمحت له بتخطي فرص النجاة بحثاً عن نجاة يقدّمها الحلفاء، ولابد أن الاحتمال الأول هو المرجّح فمن يعرف بشار الأسد لابد ويعلم بالتمام والكمال ذلك القصور الذهني والعاطفي ومن ثم العقلي الذي يعانيه، ما جعل مجموع حبال النجاة تتقطع واحداً تلو الآخر، وهذا الأردن انتقل من مدّ اليد إلى جاره السوري، إلى مدّ جسوره ثانية للحركات الاعتراضية، أقلّه ما بعد استرسال عصابات الأسد بتوريد سموم الكبتاغون إلى العاصمة الأردنية، وكنا قد سمعنا من الوزير الأردني السابق سميح المعايطة ما يشير إلى نفاذ صبر الأردن، بل وملك الأردن شخصياً من بشار الأسد ما يجعله ينسى سياسة اليد الممدودة ليستبدلها بالقبضة المضمومة، ولم يأت هذا إلا بعد نفاذ صبر المملكة، بل ونفاذ صبر أيمن الصفدي وزير الخارجية الأردني المخضرم الذي كان اول حاملي رسائل النجاة لبشار الأسد.

ـ واليوم، ما هو المرجّح أما الجار الأردني؟

لم يتبق أمامه سوى حماية حدوده، بما يعني تحويل الحدود إلى جبهة مفتوحة ببعدها العسكري، فخطوط المخدرات ما زالت تشتغل على خط الأردن، وليس من السهل على المملكة القبول بحرب السموم التي يخوضها الجار بمواجهة الجار، في الوقت الذي لابد وباتت مافيات مخدرات الأسد أقوى من صانعها وراعيها، ما يدعو إلى الاعتقاد انه حتى لو امتلك الرغبة بإيقاف لعبة مخدراته تلك، فلن تكون له القدرة عليها، فما بين الرغبة والقدرة سور فولاذي، وهو سور ترفعه مافيا المخدرات بالترتيب الكامل مع حزب الله، وهو الميليشيا الأكثر خبرة في التصنيع والتسويق وفي رسم غطاء عقائدي للجريمة بما يجعل من الجريمة خدمة لله.

ما بين لحظة ولحظة، بات الجنوب السوري بانتظار انفجار الوضع العسكري على حدوده، دون نسيان تعاطف الجنوب مع الأردن التي يراها مدى حيوي لانتفاضاته وتحديداً ما بعد انتفاضات السويداء، هذا عداك عن البعد التاريخي الذي يسمح لهذا الجنوب بأن يكون “هواه” أردنياً، وهي مسألة متصلة بالمتراكم التاريخي، ما يسمح أن يتحوّل هذا الجنوب برمته إلى الأردن، هرباً من الخضوع القسري لتغول العصابة وسطوتها.

الأردنيون قدموا للأسد حبل النجاة، وكذلك فعل الخليجيون.

كل الفرص فرشت امامه وصولاً للسجادة الحمراء.

رعونته، حالت دون استثمار الفرص.

ربما ليس رعونته فحسب.. ربما قيود حزب الله والولي الفقيه وحدها ما منعته.

ثمة ما يزيد عن “ربما” واحدة، غير أن ما تجاوز الـ “ربما” اليوم، وبات في مصاف اليقين هو:

ـ السقوط المدوّي لرجل صعد السلطة بأقدام من فخّار.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى