لا إنتاج رئيس هناك ولا إسقاط رئيس هنا

مرصد مينا

اللبنانيون يقتتلون على إنتاج “رئيس للجمهورية”، والسوريون يقتتلون على “إسقاط رئيس الجمهورية” وفي كلا الحالين ستكون المساحة الأوسع لحزب الله، فعلى الضفة السورية يمنع حزب الله إسقاط الرئيس، وعلى الضفة اللبنانية يمنع إنتاجه، والواضح من المشهد أن حزب الله بات اللاعب الأقوى شرق المتوسط، أقلّه وهو الامتداد للاعب الإيراني وقد تمددت أذرعه مروراً باليمن والعراق، وقد بات اليمن تعيساً فيما العراق يتابع أحزانه.
مندوب الولي الفقيه في سوريا ولبنان هو المحرّك وهو المعطل، وخصومه يشتغلون في لحظة ما لحسابه، أقله بإطلاق يده في كلا البلدين، والحيلولة دون هزّ عرشه بإنتاج قوى مضادة بشقيها الإسلامي واليساري، وقد يكون لبنان هو المثال الأوضح.

هو الأوضح ذلك أن أيّ فك للاشتباك ما بين السعودية وإيران، لابد سيكون “هدنة” وليس رايات سلام، فالمشروع الإيراني ومنذ نزول “الخميني” من الطائرة القادمة من باريس، وهو يعلن “الثورة الدائمة” والتي تعني تصدير “الخمينية” إلى العالم الإسلامي باعتبار طهران بديل لمكّة، و”قم” بديلاً للنجف، اما اليسار فهو الملعون وفق الشريعة الخمينية، وهكذا حال الليبراليين والتجربة اللبنانية وحجم ضحاياها من اليساريين والليبراليين بات قائمة طويلة ربما أبرز رموزها رفيق الحريري من الليبراليين وجورج حاوي من اليساريين، أما الإسلام المعتدل فقد التهمه إسلام الخميني في العراق وفي لبنان معاً بما جعل اليد الإيرانية هي اليد الأقوى والأقسى، لينجرف خصومها وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية إلى القبول بالقوّة إياها دون اعتراض جدي يسمح بكسر اليد الإيرانية، وهي اليد التي لانفع من تقبيلها.

المشهد اللبناني اليوم هو الأكثر وضوحاً، ففي بلد الأرز والميجانا، تغوّلت الضاحية على كل لبنان، وبطريقها استهدفت أول ما استهدفت “سنّة لبنان”، مع ملاحظة أن “السنية اللبنانية” كما حال “السنيّة الشامية” هي السنيّة الوسطية التي لم تنتج تطرفاً، واكتفت ببعدها الإيماني دون الحرث في الدم والحرائق، ولكونها هكذا، فقد أنتجت الحريرية السياسية، وهي حريرية “البناء” فهذا رفيق الحريري وصل لبنان “الخرابة” وغادره بـ “الإعمار” ومن يعرف بيروت الحرب الأهلية سيعرف قيمة ما حملته الحريرية من انتشال بيروت من الخراب لتضع العاصمة في مصاف العواصم الاجمل في حوض المتوسط.

قتل الحريري اغتيالاً، ومع مقتله قتلت الحريرية، وقد حوصرت مرتين:
ـ مرة بالإيراني، ونعني حزب الله.
وثانية بخصوم إيران وحزب الله.

في المشهد إسناد سعودي غير محدود للقوات اللبنانية، وللاشتراكي اللبناني، وللكتائب اللبنانية، ووحده تيار المستقبل في العراء بعد الحصار الذي مورس على التيار وزعامته.
والبديل:
ـ هشاشة نجيب ميقاتي، وهزال مشروع أشرف ريفي، وتهافت فؤاد السنيورة، وبالنتيجة “يتم” السنّة اللبنانيين وإلقائهم إلى الفراغ، فيما تفتح كل الملاعب لحزب الله، حتى أن الوسيط الفرنسي ونعني لودريان، قد بات من حواريي محمد رعد الأشبه بالحائط، حتى بات ظهر الفرنسيين مستنداً إلى الحائط الذي سيقرر من سيكون الرئيس، كما سيقرر ديمومة الشغور الرئاسي إن لم تمش السفن على مشيئته.

لبنان بات هبة لحزب الله، وسوريا هبة كذلك، والعراق ميدان للإيرانين أما اليمن فقد ذهب أنصار الله إلى إعلان انتصار لن يتحقق سوى على حساب مدنية اليمن وتراث اليمن والمزاج اليمني الذي يوحّد الله دون أن يلعب بالسكاكين وإن تزيّن بالخناجر.

مساحات من التاريخ والناس والثقافات وُهبت للمرشد، ولكن ثمة من يعترض.
سوريا اليوم ترفع راية الاعتراض، والاعتراض يأتي من الجنوب.
كل الخوف أن يترك الجنوب لمصيره فلا يسقط الرئيس ولا يبقى الجنوب.
هو الخوف المشروع .
الخوف القادم من الجنوب.