fbpx

سوريا المشقفة

تبدأ الاحتلالات بإحداث “أمر واقع”، وليس من احتلال شهدته البشرية وطأ ارض تحت اسم احتلال، ومع التجربة التركية، لن تنعدم الشواهد، فمازالت الأاراضي السورية التي تحولت إلى أراض تركية بفعل الامر الواقع تحكي الحكاية وتقدم الشاهد، وبالوسع تعداد المدن والقرى السورية التي تحوّلت إلى أراض تركية.

وليس ثمة من يعتقد بإمكانية استعادتها لوطنها الأم وللتذكير فإن مرسين وطرسوس وقيليقية وأضنة ومرعش وعنتاب وكلس والبيرة واورفة وحران وديار بكر وماردين ونصيبين وجزيرة ابن عمر بالاضافة لواء اسكندرون.. كلها أراض سورية تشكل في مجموع مساحاتها مايساوي دولة بمساحة لبنان.

الآن يتقدم جيش اردوغان نحو احتلال اراض سورية جديدة، والمعلن من هواجسه:

ـ محاربة البي كي كي حربًا استباقية، وتحت عنوان :”الامن القومي التركي”.
ـ إعادة المهجرين السوريين من تركيا إلى الحزام الامني الذي يحكي عنه.
ـ تشابك الخيار التركي مع الخيارين الروسي والامريكي في سوريا، وبحث الاتراك عن حصتهم في هذا البلد الآيل للتقسيم.

تاريخ تركيا قام على القوة الخشنة، بمعنى على استخدام قواتها العسكرية في اجتياحات عدة من بينها قبرص، وليس بالوسع الدخول في الذهنية التركية وقد امتدت بثقافتها الاستعمارية لتطال الشرق العربي وصولاً إلى أجزاء من افريقيا عداك عن آسيا الوسطى، ويظهر أن حنين الرئيس أردوغان إلى منطق التوسع لابد وأنه يرتبط اليوم بعاملين رئيسيين:

ـ اولهما: مزاجه (السلطاني)، فطموحات الرجل لاحدود لها.
ـ وثانيها، وهو المشروع الاخواني، وهو بجوهرة مشروع استعماري، وكل المراجعات النظرية والعملية لتاريخ الاخوان بدءًا من سيّد قطب وصولا الى آخر اخواني على ارصفة المدن العربية والاوربية وسواهما، تقول بأن “كل البلاد بلاد كفر”، ولابد من اعادتها الى حظيرة الاسلام، فإن استعصت الدعوة فبالسيف، وكان سيد قطب قد تحوّل في أدبياته الى واحد من أمراء الدم.

اليوم سوريا على بوابة احتمالات لا تحد، فالقوات التركية بالتشارك مع مرتزقة سوريين يدخلون بقواتهم مناطق شرقي الفرالت، وعلى المستوى العسكري، ليس ثمة من يرجح أن تحدث هزيمة في صفوف القوات التركية، أقله والسماء مفتوحة للطيران التركي، فيما العالم يقف متفرجًا أومكتفيًا بالتنديد، وهذا يعني احتمال سقوط هذه المناطق بيد القوات التركية، ولن يتوانى الاتراك عن الاسراع في إنشاء البنى التحتية، ومن ثم ادارة المنطقة، وبكل الحالات ستكون منطقة تابعة الى تركيا بفعل الامر الواقع مؤقتًا ثم يتحول المؤقت الى أبدي.

النظام في دمشق خارج اللعبة، بل بات واقعيًا خارج سوريا، ولم يعد من النظام سوى كرسي الرئيس وربما مزين شعره في القصر الجمهوري، والمعارضات السورية معطلة بعد أن كانت مؤجلة، ومجموع قدرتها لن تتجاوز اندفاعاتها لتحقيق رغبات مموليها، وما تبقى هي اللعبة الدولية في سوريا.
ـ الولايات المتحدة، تدير اللعبة في سوريا من موقع المقاولات، وقد خلت سياساتها من اي بعد أخلاقي.
ـ الروس، جاهزون لمقايضة الشمال السوري بحميميم.

والايرانيون، لاشك سيضعون أيديهم على غوطة دمشق ومحيط دمشق.

وبالنتيجة، لن تكون سوريا عرضة للتقسيم، بمعنى أن تقسم البلاد لتدار المناطق المقسمة بأيدي سكانها.. لا، ستكون البلاد متشققة بالمعنى الدقيق للكلمة، وستدار كما لو مجموعة مستوطنات.
سيكون السوريون أمام أمر واقع.

وكل أمر واقع يبدأ مؤقتًا ثم يتحول الى أبدي.

مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي

حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى