fbpx
أخر الأخبار

قبل أن “يعضّ الرجل الكلب”.. المعبد بمن فيه

العالم يتابع نشرات الأخبار، ونشرات الاخبار تشتغل على الخبر الأكثر إثارة، أما الإثارة فمازالت متصلة بخبر “الرجل الذي عضّ كلبًا” ذلك أنه الخبر الاستثنائي فيما سيكون خبر “الكلب الذي عضّ رجلاً” خبرًا لايستحق الوقوف عنده.

واليوم الخبر الاكثر إثارة، والذي يتوقعه العالم هو:

ـ الولايات المتحدة تشتبك عسكرًيا مع الصين بسبب جزيرة تايوان.

ومع خبر كهذا لابد ويتراءى أول ما يتراءى أن ثمة اصبع تضغط على زر نووي لتنهي هذا العالم دفعة واحدة، وهو تساؤال لايطال متابعي الشاشة وحدهم بل يطال العديد من الاستراتيجيين ومفاده:

ـ ماهي إمكانية تطور الأمور إلى حد الصراع النووي بين الولايات المتحدة والصين بسبب الموقف من تايوان؟

سؤال كهذا سيواكب  التطورات المحيرة التي أثارتها التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين بسبب الجزيرة.

ما يجعل هذا السؤال مشروعًا هو تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن بالدفاع عن تايوان حال تعرضها لهجوم من الصين، والتساؤل سيقود إلى سؤال لاحق  يتعلق باحتمالات أن يحدث صدام مباشر بين القوتين النوويتين وصولاً لاستخدام القوى النووية والتي توقف استخدامها  منذ استخدام الولايات المتحدة السلاح النووي في اليابان منذ أكثر من 80 سنة.

خلال الـ 80 سنة الفائتة كانت السمة العامة لأي صراع بين قوتين نووتين هي الحرب بالوكالة، إذ كانت هناك حروب بالوكالة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. وبمجرد انتهاء الحرب الباردة، اعتقد الكثير من الأمريكيين أن أزمة الصواريخ الكوبية قد انتهت، وهو ما تأكد للبعض بعد إغلاق القيادة الجوية الاستراتيجية عام 1992.

ولكن الأسلحة النووية لم تختف إلى الأبد بالطبع، لكن حدة ظهورها في المشهد تراجعت بعد أن تحولت القيادة الجوية الاستراتيجية (التي تعد ذراع الردع النووي) إلى قيادة استراتيجية أمريكية.

ومنذ ذلك الحين، تراجعت مخاوف انتهاء الحضارة الإنسانية بسبب انفجار نووي مع تحول الولايات المتحدة إلى التركيز على صراعات في الشرق الأوسط والحرب على الإرهاب الدولي.

ومع تصدر قوة نووية كبرى على مستوى العالم المشهد وظهورها في مظهر المعتدي في أوكرانيا، يبدو أن هذا يفتح الباب أمام توقعات بأن ينشب الصراع بين الولايات المتحدة التي تتبنى رؤية داعمة لاستقلال تايوان والصين التي تعتبر الجزيرة الأسيوية خاضعة لسيادتها، وهو الصراع الذي لن يكون محدودا بأي حال من الأحوال.

فالولايات المتحدة والصين هما أول وثاني أكبر اقتصادين على مستوى العالم وكلاهما قوة نووية لا يمكن الاستهانة بها. وحال ظهور صراع مباشر بينهما، يتبادر إلى الذهن على الفور إمكانية أن يتحول هذا الصراع إلى صراع نووي.

ثمة تساؤلات كثيرة تتبادر إلى الذهن عند الحديث عن الخلاف الأمريكي الصيني بخصوص تايوان؛ والتي تتضمن ما إذا كان الصراع قد يبدأ بنية مبيتة من أحد الجانبين أم بسبب حادث عارض يطلق شرارة الحرب، علاوة على التساؤل عن مدى التزام واشنطن بالدفاع عن تايوان في وجه أي هجوم صيني، وغير ذلك من تساؤلات الحرب الباردة.

وعلى الرغم من كل التساؤلات التي يطرحها الموقف الحالي، هناك واقع على الأرض يقتضي أنه بمجرد سقوط صاروخ أمريكي واحد في الأراضي الصينية سوف يكون الرد الصيني بصاروخ مثله يطال الداخل الأمريكي لتبدأ أول مواجهة بالصواريخ الباليستية بين قوى عظمى في العالم بينما الشعوب في تلك الدول لا تتوفر لديها أي استعدادات لمواجهة مثل هذه الظروف القاسية.

التبعات التي قد تترتب على صراع عسكري بين الولايات المتحدة والصين سوف تكون خطيرة، لذا لا ينبغي لأي مسؤول في الإدارة الأمريكية أن يتعهد بالدفاع عن تايوان ضد أي هجوم من بكين إلا بعد أن يعي تماما أن الصراع مع الصين قد يكون الأعنف على الإطلاق الذي تواجه الولايات المتحدة في تاريخها.

غرفة العمليات في الولايات المتحدة لابد وستكون حريصة على أن لاتفجر المعبد بمن فيه، وكذا الحال عند الصينيين، ولكن من يضمن أن يكون حامل الحقيبة النووية ممن لايحتسبون لاحتمالات من طراز:

ـ المعبد بمن فيه؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى