fbpx

أفغانستان من الداخل 2/2

مرصد مينا- ملفات

عادة ما تلعب الصورة النمطية دوراً رئيسياً في تكوين الآراء وردود الفعل حول الأشخاص أو الكيانات، أو حتى الدول، لكن البناء على هذه الصورة النمطية، قد لا يكون صائباً على الدوام، إذ تعيش أفغانستان على سبيل المثال، مفارقة كبيرة، بين فقر مروع يستشري بين أبنائها فوق الأرض، وموارد وثروات هائلة يختزنها باطن نفس الأرض.

وتعتبر أفغانستان من الدول المعدمة، حتى أنها واحدة من أفقر دول العالم وأقلها نمواً، إذ يعيش ثلثي السكان على أقل من 2 دولار أمريكي يوميا، وعانت البلاد اقتصاديا بشكل كبير من الغزو السوفيتي عام 1979 وما تلاه من صراعات، بينما زاد الجفاف الشديد في الفترة 1998-2001 من الصعوبات التي تواجهها الأمة.

وتشير إحصائيات رسمية إلى أن حجم النشاط الاقتصادي في عام 2002، بلغ نحو 11 مليون (من أصل إجمالي مقدر بـ 29 مليون) وفي عام 2005، بلغ المعدل الرسمي للبطالة 40%، فيما يقدر عدد الشباب غير المؤهل بـ 3 مليون، وهذا العدد قابل للزيادة بمقدر 300,000 سنوياً.

يقول مختصون إن الاقتصاد الوطني الأفغاني بدأ في التحسن منذ عام 2002 بسبب جلب مساعدات دولية واستثمارات تقدر بعدة مليارات دولار أمريكي، بالإضافة إلى تحويلات المغتربين، فيما يرجعون ذلك أيضًا إلى التحسينات الكبيرة في مجال الإنتاج الزراعي ووضع حد لأربع سنوات من الجفاف الذي عمّ معظم أنحاء البلاد.

القيمة الحقيقية لإجمالي الناتج المحلي من المنتجات باستثناء المواد المخدرة، تُقدر بنسبة 29٪ في عام 2002، و16٪ في عام 2003، و8٪ في عام 2004، و14 ٪ في عام 2005.

ثلث الإجمالي المحلي بيد طالبان

يأتي ثلث إجمالي الناتج المحلي لأفغانستان من زراعة الخشخاش والإتجار غير المشروع بالمخدرات بما في ذلك الأفيون، واثنين من مشتقاته وهما المورفين والهيروين، فضلاً عن إنتاج الحشيش.

وارتفع إنتاج الأفيون إلى مستوى قياسي جديد في عام 2007 عن العام الذي سبقه حتى أنه قد تعدى الثلث، وذلك وفقًا لما ذكرته الأمم المتحدة، فيما يشارك أكثر من 3,3 مليون أفغاني في عملية إنتاج الأفيون حاليًا.

في عام 2017 كشف تقرير أصدره مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات أن إنتاج الأفيون ارتفع بنسبة 87 في المئة مقارنة بعام 2016، ليصل إلى رقم قياسي يبلغ 9 آلاف طن.

وأفاد التقرير بأن مساحة زراعة الخشخاش ارتفعت لتصل إلى رقم غير مسبوق يقدر بنحو 328 ألف هكتار، بزيادة 63 في المئة على الأرقام المسجلة خلال عام 2016، فيما تقلص عدد الولايات الأفغانية الخالية من هذه الزراعات إلى 10 ولايات بعد أن كان 13.

وتفيد وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بأن حركة طالبان كانت تشارك في تجارة الأفيون، وبأن هذه التجارة تعتبر مصدراً رئيساً. وتظهر أحدث الأرقام المتاحة أن صناعة الأفيون في 2019 حققت مكاسب تتراوح بين 1.2 مليار دولار و2.1 مليار دولار، متجاوزة بذلك قيمة الصادرات القانونية للبلاد.

يذكر أن الناطق الرسمي لحركة طالبان “ذبيح الله مجاهد” أكد في أول مؤتمر صحافي بعد سيطرة الحركة على كابول “أن أفغانستان ستتوقف عن إنتاج المخدرات بكافة أنواعها”، واضاف، “لن ننتج أي نوع منها، ولن يكون ممكناً لأحد أن يشارك في تنظيمها من هذه اللحظة”.

يشار إلى أنه في مقال نشر في واشنطن كوارترلي، ناقش كل من “بيتر فان” و”جوريت كمينجا”، أن المجتمع الدولي ينبغي أن يضع مشروع رائد، ويستثمر خطة منح التراخيص للبدء في إنتاج أدوية مثل المورفين والكودايين من محاصيل الخشخاش لمساعدة أفغانستان على الهرب من الاعتماد الاقتصادي على الأفيون.

نفط وذهب وليثيوم.. وجه اقتصادي آخر

بعيداً عن الحروب والقتال التي عرفت بها أفغانستان، والصورة النمطية التي رافقتها منذ سنوات، يوجد وجه آخر لهذه البلاد غير معروف لدى الكثير حول العالم، وهو تمتعها بعدد من الموارد والثروات القادرة على جعلها من الدول الغنية.

ويوجد في أفغانستان، التي عانت لسنوات من الحروب، مخزونات من النفط والنحاس، حيث تعد ثاني أكبر دولة في احتياطياته بقيمة تقدر بـ 88 مليار دولار، بالإضافة إلى الذهب، ومعدن الليثيوم، التي تقدر قيمتها وفقاً لمركز البحوث الأمريكية بحدود ترليون دولار.

وبلغة الأرقام تمتلك أفغانستان مخزوناً من خام الحديد يقدر بـ 2.2 مليار طن، واحتياطيات من البريليوم تقدر بقيمة 88 مليار دولار، وتجني 160 مليون دولار من بيع الأحجار الكريمة سنوياً، وفق تقديرات روسية.

وزارة الدفاع الأمريكية أصدرت في عام 2010، مذكرة داخلية بعنوان “أفغانستان المملكة العربية السعودية لليثيوم” بعد أن اكتشف الجيولوجيون الحجم الهائل للثروة المعدنية للبلاد والتي تقدر قيمتها بما لا يقل عن تريليون دولار.

ويعتقد أن أفغانستان تمتلك أكبر احتياطي في العالم من الليثيوم، المستخدم في إنتاج السيارات الكهربائية وبطاريات الطاقة المتجددة، حسب موقع “كوارتز” الأمريكي.

ويؤكد الموقع أن المسؤولين في الحكومة الأفغانية سابقاً ألمحوا في الماضي إلى احتمال إبرام عقود تعدين مربحة مع نظرائهم الأمريكيين لإغرائهم وإطالة أمد الوجود العسكري الأمريكي في البلاد.

يشار إلى أن وكالة الطاقة الدولية، كانت توقعت في وقت سابق، أن يرتفع الطلب العالمي على الليثيوم 40 ضعفاً فوق مستويات 2020 بحلول عام 2040، إلى جانب عناصر ومعادن أخرى تعتبر أفغانستان غنية بها، ما قد يعود عليها بأرباح كبيرة مستقبلاً.

حقول نفط منسية

تمتلك أفغانستان حقول نفط، كما سعت خلال السنوات الماضية إلى توسعة التنقيب عن الذهب الأسود، حيث أعلنت السلطات الأفغانية عام 2010 حقلاً نفطياً جديداً في شمال البلاد يقدر احتياطه من الخام بـ 1.8 مليار برميل، حسبما ذكرت تقارير صحفية.

ويعد الحقل المكتشف هو السادس في أفغانستان، حيث تظهر الأرقام الحكومية اكتشاف 6 مخزونات نفطية موزعة بين الشمال وحتى هيرات غرباً، وهلمند جنوباً وباكتيا في الجنوب الغربي.

وتعمل شركات نفطية فرنسية وإيطالية وكندية للاستثمار والتنقيب عن النفط، أبرزها توتال، وايني، وهريتيدج، إضافة إلى شركات صينية.

نجحت أفغانستان في استخراج النفط من إقليم الطاجيك البعيد عن مناطق القتال، والذي يضم مخزوناً ضخماً من الاحتياطي النفطي، حيث سبق أن قدرت الكميات الموجودة فيه بـ 87 مليون برميل.

هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، تقدر أن أفغانستان تمتلك بالمتوسط 1.6 مليار برميل من النفط الخام و440 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.

وبالعودة إلى الوراء، إذ اكتُشف النفط في أفغانستان عام 1959 بالجزء الأفغاني من حوض “آمو داريا”، في حين جرى اكتشاف معظم حقول النفط والغاز في سبعينات القرن الماضي خلال حملات الاستكشاف التي قادها الاتحاد السوفيتي.

ويُعَد حقل “أنغوت” المكتشف عام 1959، هو حقل النفط الوحيد الذي شهد إنتاجًا مستدامًا للخام في أفغانستان حتى أُغلق عام 2006 مع الاحتياطيات المتبقية المقدرة بنحو 6 ملايين برميل، بحسب وزارة التعدين الأفغانية.

مشروع أنبوب الغاز

في عام 1998، وقّعت شركة يونوكال الأميركية صفقة مع طالبان لبناء خط أنابيب للغاز الطبيعي (تابي) بطول 890 ميلًا من تركمانستان إلى باكستان، لكنها باءت بالفشل، بسبب استمرار الحرب الأهلية.

وأبلغت يونوكال وزارة الطاقة الأفغانية بأن صفقة خط أنابيب الغاز لن تستمر حتى تشكيل حكومة معترف بها دوليًّا في أفغانستان.

ويُعَد مشروع خط أنابيب “تابي” أحد أكبر مشروعات نقل الغاز في المنطقة، الذي كان من المتوقع عند تنفيذه أن تصبح أفغانستان مركزًا اقتصاديًا مهمًا، بحسب وزارة المعادن والنفط.

ورغم أن فكرة المشروع تعود إلى وقت التسعينات، فإنه جرى التعجيل بالمشروع فقط عام 2003 بدعم بنك التنمية الآسيوي، قبل أن تنضم الهند إلى المشروع عام 2008.

بحسب وزارة التعدين الأفغانية، يهدف المشروع إلى تصدير 33 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا عبر خط الأنابيب من تركمانستان إلى أفغانستان وباكستان والهند، وحال اكتمال المشروع، فإنه سيؤدي دورًا مهمًا في تطوير اقتصاد أفغانستان من خلال توليد إيرادات بملايين الدولارات، وتوفير فرص عمل، وتطوير البنية التحتية، كما كان من المتوقع أن يُدرّ المشروع سنويًا ما يقرب من 400 مليون دولار، فيما ستحصل أفغانستان على 500 مليون متر مكعب من الغاز في العقد الأول، وستزداد إلى مليار متر مكعب في العقد الثاني و1.5 مليار متر مكعب في العقد الثالث.

إلى جانب النفط والغاز، سبق أن أكد موقع “كوارتز” الأمريكي أن أراضي أفغانستان تحتفظ بثروات ضخمة، حيث أصبح بمقدورها استغلال رواسب ضخمة من المعادن التي تعتبر ضرورية لبناء اقتصاد الطاقة النظيفة العالمي.

يذكر أن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، سبق أن أكد أن أفغانستان تضم غابات في الجانب الشرقي تكفي لقيام صناعات ضخمة أبرزها الأثاث، حيث تحتوي تلك الغابات، وفق تقديرات الأمم المتحدة، على موارد جوفية غنية مثل الأحجار الكريمة، واليورانيوم، والمعادن الشائعة والمعادن الأرضية النادرة والنفيسة.

لكن رغم امتلاك أفغانستان تلك الموارد فإنها تعد أفقر دول العالم بسبب الحروب، حيث أظهرت بيانات بنك التنمية الآسيوي لعام 2020، أن 47.3٪ من السكان الأفغان يعيشون تحت خط الفقر، إضافة إلى أن 34.3% من العاملين يقل دخلهم عن 1.90 دولار يومياً.

 وخلال العام الماضي انكمش الناتج المحلي الإجمالي بمقدار خمسة في المئة، بالتزامن مع انخفاض نصيب الفرد من هذا الناتج بمقدار 7.2 في المئة، ودفعت هذه البيانات بنك التنمية إلى التحذير من خطورة الموقف، واصفاً أفغانستان بواحدة من أفقر بلدان العالم.

عجز تجاري ضخم واحتياط منهار

تشير البيانات إلى أن أفغانستان سجلت عجزاً في ميزانها التجاري خلال العام الماضي 2020، بلغ نحو 4.66 مليار دولار، مع تحقيق صادرات بقيمة 2.24 مليار دولار، مقابل واردات إجمالية بلغت قيمتها 6.9 مليار دولار.

ووفق هذه الأرقام تؤدي القدرة التنافسية الضعيفة إلى عجز تجاري هيكلي يعادل أكثر من 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويتم تمويله بالكامل تقريباً من تدفقات المنح الوافدة.

وخلال العام الماضي بلغ العجز التجاري لأفغانستان حوالي 31 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي البالغ 20.5 مليار دولار، حيث بلغت قيمة صادراتها خلال عام 2020 نحو 1.03 مليار دولار، بينما تجاوزت قيمة وارداتها 8.3 مليار دولار، لتسجل بذلك عجزاً في الميزان التجاري بقيمة 7.3 مليار دولار، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وفي ظل هشاشة الاقتصاد اعتمدت أفغانستان على المساعدات والمعونات والتي وصلت إلى نحو 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2009 قبل أن تنخفض إلى 42.9 في المئة خلال 2020، وخلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي تعهد مانحون دوليون بـ 20 مليار دولار كمساعدات إضافية لأفغانستان في الفترة بين 2021 و2025، لكن مصير هذه المساعدات يبقى غامضاً بعد سيطرة “طالبان” على البلاد.

أما فيما يتعلق بالملاءة المالية فيشير الباحث في الشأن الأفغاني “خير الله عاطف” إلى أن البيانات الرسمية تقول إن بنك أفغانستان المركزي يحوي نحو 9 مليارات دولار كاحتياط نقدي، سبعة منها محتفظ بها على شكل خليط من النقد والسندات الذهبية الأميركية وأوراق أخرى في الاحتياط الفيدرالي.

وبحسب “عاطف” فإنه خلال العام الماضي بلغ الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان نحو 20.5 مليار دولار، وفقاً لتقرير “الإحصاءات العالمية” الصادر عن الأمم المتحدة، فيما بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي 551.9 دولار عام 2020، مقارنة بـ 619 دولاراً في 2019.

قطاعياً، تسهم الزراعة بنحو 21.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، فيما تسهم الصناعة وخصوصاً الصناعات الغذائية بنحو 24.5 في المئة، بينما يسهم قطاع الخدمات والأنشطة الاقتصادية الأخرى بنحو 54.1 في المئة.

ويرى “عاطف” أن المعوقات التي منعت الشركات العالمية من الاستثمار في أفغانستان، تمثلت بالمخاطر الأمنية، إذ تعدّ أفغانستان حتى خلال تواجد القوات الأمريكية، بيئة عالية المخاطر بسبب وجود جماعات غير طالبان لا ترغب بالوجود الأمريكي والأجنبي على أراضيها.

بالإضافة إلى ذلك، يشير “عاطف” إلى أن الفساد المستشري في أروقة الدولة الأفغانية، تسبب في سيطرة بعض المسؤولين على سوق التعدين في البلاد، مشددا على أنه نتيجة نقص البنية التحتية مع عدم وجود صناعة تعدين، ستستغرق أفغانستان عقوداً لاستغلال ثروتها المعدنية بالكامل.

المساعدات الدولية ومعدلات نمو الاقتصاد

معدلات النمو كانت متذبذبة للغاية على مدار الأعوام الـ20 الماضية فنجدها تتخطى الـ21% في عام 2009، ثم تنهار لأقل من 0.5% في عام 2011، بحسب البيانات المنشورة على موقع البنك الدولي.

فمع تدفق المساعدات للبلاد منذ عام 2002، حافظت أفغانستان على النمو الاقتصادي السريع والتحسينات لأكثر من عقد من الزمان، وبلغ متوسط النمو السنوي 9.4% بين عامي 2003 و2012، مدفوعًا بقطاع الخدمات المزدهر الذي تحركه المعونات، والنمو الزراعي.

لكن لاحقا، أدت مجموعة من العوامل إلى تباطؤ التقدم الاقتصادي والاجتماعي، مع نمو الاقتصاد بنسبة 2.5 في المائة فقط سنويًا بين 2015-2020، وتباطؤ المكاسب مقابل مؤشرات التنمية.

في الوقت نفسه انخفضت تدفقات المعونة من حوالي 100٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2009 إلى 42.9٪ من إجمالي الناتج المحلي في عام 2020 (مع انخفاض عدد القوات الدولية من أكثر من 130 ألفا في عام 2011، إلى حوالي 15 ألف بحلول نهاية عام 2014، إلى الانسحاب الكامل حاليا.

ويرى المحلل الاقتصادي “فايز شاهين”، أن انخفاض المنح والمساعدات الدولية أدى بشكل كبير إلى انكماش طويل قطاع الخدمات، مع ما يصاحب ذلك من تدهور في التوظيف والدخل.

ويرجع “شاهين” تراجع المنح وتدهور الوضع الأمني في أفغانستان إلى غياب الاستقرار السياسي في أعقاب النتائج المتنازع عليها للانتخابات الرئاسية لعام 2014، معتبرا أن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بموجب اتفاق خارج الدستور لتقاسم السلطة، أدى إلى اضطرابات إدارية وإبطاء تقدم الإصلاح.

في مؤتمر جنيف الذي عقد في نوفمبر 2020، جدد المانحون التزامهم بدعم أفغانستان بين عامي 2021 و2024. ومع ذلك، قدم العديد من المانحين الرئيسيين تعهدات لسنة واحدة فقط، مع دعم مستقبلي مشروط بإحراز الحكومة تقدما متسارعا في جهود مكافحة الفساد، والحد من الفقر، ودفع محادثات السلام الجارية.

ويتوقع البنك الدولي الآن أن ينخفض دعم المعونة بنحو 20% عن فترة التعهدات السابقة البالغ 15.2 مليار دولار خلال الفترة 2016-2020، لكنه قد ينخفض أيضا إذا لم يتم الوفاء بالشروط أو إذا خفضت الجهات المانحة الرئيسية مستويات الالتزام وسط ضغوط المالية العامة المحلية.

ويرى شاهين أن أفغانستان تواجه الآن تحديات كبيرة في الحفاظ على مكاسب التنمية الأخيرة في مواجهة تصاعد الشكوك السياسية، وتراجع دعم المنح الدولية، واستمرار انعدام الأمن، وبالأخص مع وصول طالبان في السلطة مع تاريخها الذي قد يفقد البلاد الدعم الدولي.

التدخل الصيني في زمن طالبان

تعد الصين من الدول الأوفر حظاً للاستثمار في أفغانستان بعد سيطرة طالبان، خاصة أن هناك علاقة جيدة تجمعها بالحركة الأفغانية، إضافة إلى أنها أكبر مستثمر أجنبي في البلاد، خاصة في قطاعي التعدين والطاقة.

وبعد سيطرة طالبان على كابل سارعت الصين، على لسان المتحدث باسم الخارجية الصينية “تشاو لي جيان”، إلى التأكيد أن بكين تعتزم الاستمرار في مساعدة أفغانستان.

وفي تصريح له، منتصف شهر أغسطس الماضي، قال “جيان”، إن بلاده ستواصل جهود استعادة السلام في أفغانستان، و”سنقدم كل مساعدة ممكنة لهذا البلد لتحفيز تنميته الاجتماعية والاقتصادية”.

وسبق الموقف الصيني مما يحدث من أفغانستان تأكيد وزير خارجيتها “وانغ يي”، استعداد بلاده لتعميق التعاون في مبادرة الحزام والطريق بمناسبة حلول الذكرى الـ15 لتوقيع “معاهدة الصداقة والتعاون وعلاقات حسن الجوار” بين الصين وأفغانستان.

طالبان بدورها تريد وجود الصين في أفغانستان، حيث أرسلت رسائل لها وللمستثمرين حول إمكانية التعاون بشكل واسع معها.

وجاءت تلك الرسائل على لسان المتحدث باسم الحركة “سهيل شاهين”، في يوليو الماضي، حيث أعرب عن أمله في أن تسارع الصين في أقرب وقت ممكن “لضخ مزيد من الاستثمارات من أجل إعادة إعمار أفغانستان”.

وشدد على أن الحركة ستسهر على توفير الأمن للرعايا الصينيين في البلاد، وكذلك لكافة الاستثمارات المرتبطة ببكين، واصفاً الصين بـ”البلد الصديق لأفغانستان”.

الخبير في الشؤون الأفغانية “عمر عبد العظيم”، يرى أن إمكانية وجود الصين في أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي بغرض الاستثمار، وإعادة بناء البنية التحتية، أمر وارد، مشيراً إلى أن حركة طالبان ليس لديها أي اعتراض على الوجود الصيني.

لكن “عبد العظيم” يشكك في قدرة حركة طالبان على إدارة اقتصاد أفغانستان، مؤكدا أن التاريخ لم يشهد من قبل قيام جماعة مسلحة بإدارة ملف اقتصاد دولة بالكامل.

ويشير إلى أن فكر الجماعات القائم على السرية وعدم الوضوح وغياب الشفافية يزيد الأزمات المتوقع أن يواجهها الاقتصاد الأفغاني بعد سيطرة الحركة على الحكم، مؤكداً أن مصيرها سيكون الفشل، خاصة أن دول العالم تتخذ مواقف أكثر حذراً مع كل الجماعات المتطرفة والمسلحة.

وأوضح أن أفغانستان بالفعل تعاني أزمات بسبب الحروب الطويلة التي عاشتها، وبالتالي فإن اقتصادها بحاجة إلى برامج إصلاحية وهيكلة لكافة القطاعات، ومع وجود حكومة تشكلها حركة طالبان، وفي الغالب سيكون كل أعضائها من التنظيم، فإن الأوضاع لا تبشر بأي خير وستكون النتيجة انهياراً اقتصادياً قريباً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى