fbpx

سهل الغاب بين نيران النظام واستغلال التجّار

مقدّمة: يمتدُّ سهل الغاب على غطاء زراعيّ خصيب، جعل منه واحداً من أغنى المناطق الزراعيّة في سوريّا وأكبرها جغرافيّاً، بمساحة زراعيّة تزيدُ عن 100 ألف دونم، تعتبر مصدر رزقٍ أساسيٍّ لسكّان قرى وبلدات السهل، وسلة الغذاء الاستراتيجي لـ “المناطق المحررة”، شمالي غربي سوريّا، إلّا أنّها خلال سنوات الثورة، وما فرضته ظروف الحرب على القطّاع الزراعيّ هناك، أدّت إلى حدوث اضطرابات في الإنتاج، وتأثر النشاط الزراعيّ بشكل ملحوظ، سنحاول من خلال تقريرنا، تسليط الضوء عليها. مواسم صيفية خجولة.. والسبب! يتميّز المنتوج الزراعيّ في سهل الغاب، بموسمين زراعيين، صيفي يزرعه مالكو الأراضي، بالخضراوات أبرزها الخيار والكوسا والباذنجان والفليفلة، وآخر شتويّ، يطغى على غالبيّته محصول القمح. أدت قلّة المياه في فصيل الصيف، خلال السنوات القليلة الماضية إلى تراجع الزراعات الصيفيّة في سهل الغاب، ولجأ مزارعوا المنطقة إلى الزراعة الشتويّة، وفقاً لما أفاد مدير زراعة حماة الحرة “خالد رحيل الدرغام”، وأوضح في حديث لـ “مينا”: “أنّ زراعة المحاصيل الصيفيّة، سجّلت تراجعاً كبيراً نتيجة نقص مياه الريّ، رافقه ارتفاع أسعار المحروقات بشكل كبير ومادة (الديزل) المشغل الأساسي للمشاريع الزراعية والمولدات، ما أوجد صعوبات لدى المزارع في سقاية المحاصيل بوفرة، ما دعاه إلى الاعتماد على المحاصيل الشتويّة، بينما لجأ بعضهم إلى هجران أرضه بشكل نهائي، نظراً لمشقّة المصاريف المترتّبة على العمليّة الزراعيّة. العواصف تغرق مساحات واسعة من السهل: أغرقت العواصف المطريّة، التي ضربت المناطق السوريّة هذا العام، مساحات واسعة من الأرضي الزراعيّة في السهل، وألحقت ضرراً بالغاً في كثير من المحاصيل، أبرزها القمح (المحصول الاستراتيجي للشمال السوريّ المحرر)، وفقاً لـ “الدرغام”، مشيراً إلى أنّ صعوبة جر مياه الأمطار إلى المصارف الرئيسيّة والقنوات، التي تَهدَّم بعضها وردم بعضها الآخر بفعل القصف الجوي من قبل النظام والعمليّات العسكريّة التي شهدتها المنطقة، حالت بين عمليّات التصريف، إذ أنّ المحصول الذي انصرف القسم الأكبر من المزارعين إلى زراعته بديلاً عن المحاصيل الصيفيّة، ويشكّل نسبة 75% من نسبة المساحة العامة المزرُوعة، بات يسجّل هو الآخر تراجعاً كبيراً قياساً لباقي السنوات. كيف يحرم النظام أهالي الغاب من زراعة أراضيهم؟ يفصل نهر العاصيّ، المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوريّ والمناطق المسيطَر عليها من قبل فصائل المعارضة، في منطقة سهل الغاب بريف حماة الغربيّ، إذ أنّ النظام يسيطر على أكثر من 10 آلاف دوُنم من الأراضي الزراعيّة في مناطقة سيطرته غربيّ العاصي، ما حرم سكّانها الأصليّون من زراعتها، بعد أن تهجّروا من قراهم وبلداتهم، بحسب محدّثنا، مضيفاً أنّ الأهالي يواجهون صعوبات ومخاطر في زراعة الأراضي الواقعة على خط التماس مع مناطق سيطرة النظام، نتيجة استهدافهم المتكرر براجمات الصواريخ، ما دفع بعضهم إلى اللجوء لعمليّات تفاوض مع بعض الشبّيحة ومتزعمي المجموعات التابعة لقوات النظام، من خلال دفع مبالغ ماليّة كبيرة لهم للسماح لمالكي الأراضي من زراعتها وحصادها، كما لفت إلى أنّ أعداد المزارعين المتضررين كبير جداً، نتيجة وقوع قرى وبلدات بأكملها تحت سيطرة النظام والقسم الآخر على خط الجبهة. تصريف المنتجات.. لقمة سائغة لـ “التجار”: أشار “درغام” إلى أنّ تصريف المنتوج الزراعي، يعتبر الشغل الشاغل لدى المزارع، مع غياب جهات رسمية مُتكفلة في تصريف المنتجات، بطرق آمنة وأسعار مناسبة للمزارعين، ما يجعله عرضةً للاستغلال من قبل التجّار والسماسرة الوسطاء في تصريفها إلى مناطق سيطرة النظام (الوجهة الرئيسيّة للمُنتجات) من خلال تحكّمهم في وضع الأسعار ورفعها وخفضها حسب مصالحهم على حساب المزارع ولقمة عيشه وتعبه، الذي يعتبر الحلقة الأضعف في العمليّة الإنتاجيّة، مع رغبته الوحيدة في تصريف ما تعب عليه خلال موسم زراعي كامل، كما يتمّ تصريف جزءٍ منها في السوق المحليّ. غياب تام للمنح المالي: يبقى عامل المنح الماديّ، عاملاً أساسياً في نهضة القطاع الزراعيّ، كما يقول “محمد الجاسم” مزارع من المنطقة، ويتابع في حديث لـ “مينا”: “يغيب المنح المالي من قبل المنظمات الدوليّة وحتى المحليّة، لأي مشروع زراعيّ يساهم في تحمّل نفقات المستلزمات الأساسية للزراعة من أسمدة وأدوية زراعية، وبذار، أمام الارتفاع الكبير الذي تسجّله في أسعارها، فمنطقة مثل سهل الغاب بحاجة ماسة لمشاريع زراعية تقدمها جهات مانحة، تحيي النشاط الزراعي من جديد كما السابق”. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” هذه المادة تعبّر عن وجهة نظر الكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي المرصد. حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى