fbpx

إعلاميّات في ظل الأزمة السوريّة.. مصاعب ونجاحات

خلقت التغطية الميدانيّة، لأحداث الانتفاضة السوريّة المتسارعة بعد عام 2011 فكرة (النشاط الإعلامي)، بناءً على نشاط مجموعات من النشطاء الإعلاميين أو ما أطلق عليهم (المواطنين الصحفيين) غير المحترفين، المنتشرين في مختلف المناطق السوريّة آنذاك، بهدف توثيق أحداثها من مظاهرات وحملات الاعتقال والقصف وغيرها، والملفت أنّ فكرة العمل الإعلامي في ضوء الأزمة، على الرغم من مخاطرها، لم تقتصر فقط على الشباب المنتفض، إنّما كان للشابات والسيّدات المشاركات في الحراك الشعبيّ حضور كبير في التغطية، حققن من خلالها نجاحات في الحقل الإعلامي الاحترافيّ، بدروب طويلة من العمل الدؤوب والمصاعب. بين هيمنة الاستبداد وفرصة الأزمة: ذكر تقرير موسع صادر عن “رابطة الصحفيين السوريين” يرصد واقع عمل الإعلاميات في سوريّا في ظل الأزمة السوريّة، أنّ “دور المرأة الصحفية والناشطة الإعلاميّة، مع بدء الحراك الشعبيّ، كان بارزاً حيث رفعت العديد من القيود السياسيّة والاجتماعيّة عن النساء في بدايتها، وشاركن في التنسيقيات ومكاتبها الإعلاميّة، كما كان لهنّ دوراً محورياً في نقل الأحداث لوسائل إعلام محليّة وأجنبيّة، بعملهنّ كمصورات، أو محررات صحفيات أو ناطقات إعلاميات، كما كسر صدور بعض الصحف في بداية الحراك الشعبيّ، ممن يتولى إدارة تحريرها أو يعمل في كوادرها صحفيات، قاعدة الحظر على المرأة، مثل صحف (طلعنا على الحريّة، وعنب بلدي) وإذاعة (روزنا)، كما شكّلت حالة الانفتاح السياسي والاجتماعيّ التي رافقت السنة الأولى والثانية لانطلاق الانتفاضة حالة تمرد فريدة وكسر للقيود والولوج إلى مساحات كانت صعبة الوصول إليها من قبل النساء، بحسب ما أفاد التقرير. ولم يغفل تقرير الرابطة أيضاً، عن حالة الركود والتهميش لدور المرأة في الإعلام الرسمي التابع للنظام السوريّ، حيث تطغى “الواسطات” والتوظيف على أساس طائفي ومناطقيّ، بالإضافة لغيابها عن أي مركز لصنع القرار داخل المؤسسات الإعلاميّة الرسميّة. بداية التجربة: بدأت تجارب الكثير من الناشطات بتدريبات وورشات خجولة في حقل الإعلام، حصلن من خلالها على بعض الخبرات، وفقاً لما تحدّثنا (شادية التعتاع) وهي مراسلة صحفيّة في ريف إدلب، تدرّجت خلال خمس سنوات من عملها بين محررة ومراسلة صحفيّة زادت من خبراتها وقدراتها، إلى أن بدأت قبل أشهر عملها كمراسلة لصحيفة مطبوعة وإلكترونيّة، تعدّ التقارير المكتوبة والمصوّرة، وتشارك في مختلف الألوان الصحفيّة، معتبرة أنّها حصدت ثمار عملها وتجاربها العديدة، بعد أن دخلت هذا المجال بمحض الصدفة من خلال إحدى الورشات التدريبية في منطقتها، وتشير في حديث لـ”مينا” إلى أنّ النشاط الثوريّ المدنيّ، شجّع الكثير من الشابات الدخول في العمل الصحفيّ، وامتهانه حيث غيّرت الأزمة الكثير من القناعات في داخلهنّ، وخاصةً في فكرة “عمل المرأة”. تحديات المجتمع: فرضت طبيعة المجتمع وعاداته السائدة، على بعض الناشطات الإعلاميّات، العمل ضمن حقول معيّنة في المجال الإعلامي، مثل “التحرير وإعداد التقارير المكتوبة”، وهو العمل ما وراء الكواليس، بحسب ما تقول (التعتاع)، وتقول في حديث لـ”مينا” إنّ نظرة المجتمع تلعب دوراً بارزاً في عمل الصحفيّة أو الناشطة، حيث تعتبر تلك النظرة، أنّ العمل الإعلامي حكر على العنصر الذكريّ، وربما ينظر لعمل المرأة بهذا المجال باستخفاف، مشيرةً إلى أنّها تضطر إلى اصطحاب فرد من عائلتها عند أي تغطية إعلاميّة، تماشياً مع متطلبات المجتمع واحتراماً لعاداته، كما أنها امتنعت عن فرصة عمل إذاعيّة لذات الأسباب. الوقوف أمام الكاميرا: ليست بالتجربة السهلة، سواء مجتمعياً أو شخصياً، الوقوف أمام الكاميرا والعمل لصالح التلفزيون، إلّا أن الدافع الذاتي في النجاح، وخوض هذه التجربة الصعبة لأتميّز هو المحفّز دائماً، تقول الإعلاميّة “ميرنا الحسن” مراسلة صحفيّة في تلفزيون “أورينت” السوريّ، وتوضّح خلال حديث لـ”مينا”، أنّ أبرز التحديات التي واجهتها هي “المجتمع” والعادات والتقاليد المنتشرة فيه، باعتبارها أوّل مراسلة تلفزيونية والوحيدة في محافظة إدلب، تظهر أمام الكاميرا وسط عقليّة تحتكر هذه المهمة للرجال فقط، على حدّ قولها. وتضيف “الحسن”: “تجاوزت كل المصاعب، المجتمعيّة والأمنيّة منها، لأنّ الدافع الذاتيّ للاستمرار بعملي دفعني، للإنصات للأقوال الإيجابيّة الموجهة إليّ، وتلافي الرسائل السلبيّة وتحويلها لرسائل هادفة تغيّر النظرة النمطيّة للمجتمع، وأرى أنّي نجحتُ لحدٍ ما، كما كنت محفّزاً لزميلات أخريات”. تحديات أمنيّة وانتهاكات:  توزّعت الانتهاكات بحقّ العاملات في العمل الإعلاميّ، بين قتل واعتقال وخطف والتهديد بالقتل والمنع من العمل، بحسب ما وثّق تقرير رابطة الصحفيين، حيث أفاد أنّ 22 انتهاكاً وقع بحق الصحفيات منذ عام 2011، منها مقتل أربع إعلاميّات، و12 حالة اعتقال وخطف، وستة انتهاكات أخرى، من جرح واعتداء بالضرب والتهديد والتعنيف وضغوطات للمنع من العمل. كما تختلف الصعوبات الأمنيّة والتحديات أمام الصحفيّة، وفق رصدٍ لـ”مينا” تبعاً للجهة العسكريّة المسيطرة على الأرض، وعلى الظرف الأمنيّ الذي تتسم فيه المنطقة، من قصف واغتيالات وتفجيرات، كما تفرض الفصائل العسكريّة المسيطرة على مناطق وجيوب في أرياف إدلب وحلب وحماة، على الصحفيين أذونات تصوير، للتغطية في مناطقها الخارجة عن سيطرة النظام. محدّثتنا “التعتاع” تجدُ إلى جانب التخوّف الأمنيّ، الحصول على إذن تصوير من “حكومة الإنقاذ”، لتغطية حدث ما في المناطق الخاضعة لسيطرتها من الصعوبات التي تعترضها في عملها أيضاً. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.  

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى