fbpx

تونس.. حكومة الفخفاخ في مواجهة احتجاجات ساخنة قد تعصف بها ..

مرصد مينا -تونس

كشفت التحقيقات والجلسات البرلمانية مؤخرا عن شبهات فساد بالجملة وهدر للمال العام داخل الهياكل العليا الرسمية للدولة، التي في تطلب في الوقت من الفقراء و العاطلين عن العمل أن يتحلّوا بالصبر، وتهدد أيضا بالاقتطاع من رواتبهم وتخفيض أجورهم وحرمانهم من المنح والترقيات.

ويبدو التناقض بين خطاب الاستجداء الذي يروّج للناس وبين شبهات الفساد التي تسبح في مئات المليارات، يبدو أنه أفاض كأس الصبر لدى فئات واسعة وقطاعات كثيرة، وجدت نفسها مُجبرة على النزول للاحتجاج ورفع صوتها عاليا بوجه الحكومات التي لا يبدو أن لديها فائض وقت لتستمع إلى هؤلاء، فهي منشغلة بعقد الصفقات ونشر اللّزمات وتحصيل الامتيازات وتكديس الأرباح.

قطاعات جديدة دخلت عالم الاحتجاجات هذه المرة، ولم تعد مقتصرة على الفئات المهمشة او المفقّرة والمعطلين عن العمل، فقد اعتصم منذ ثلاثة ايام قرابة ألف شخص من حاملي شهادة الدكتوراه بمختلف درجاتها، والذين أضناهم الانتظار ولم تكلف الجامعة التونسية ومراكز الابحاث التابعة للدولة او للخواص نفسها النظر في مطالبهم وأوضاعهم، وطالبوا بضرورة تشغيلهم وانتدابهم في الوظائف التي يستحقونها والتي تستحق معارفهم وعلومهم.

هؤلاء الدكاترة لم يجدوا آذانا صاغية، فاضطروا الى الاعتصام والمبيت أمام مقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في شكل ومنظر محزن، يوحي أن البلاد فعلا قد دخلت نفقا لا يعلم الا الله متى ولا كيف ولا بأي ثمن ستخرج منه.

ودائما في مجال الاحتجاجات أيضا، هدد رؤساء جميع الأقسام الاستشفائية في مستشفى الرابطة بالاستقالة الجماعية إذا لم تستجب الحكومة إلى مطالبهم وتلبّي الحد الأدنى من محاضر الاتفاقات واللوائح التي أعلنوها وأمضوا عليها منذ مدّة ليست بالقصيرة.

أما على الصعيد الميداني، وبعيدا عن العاصمة أيضا، تتواصل الوضعية على ما هي عليه في الحوض المنجمي، حيث يتعطل الانتاج للاسبوع الثالث على التوالي، بعد غلق الطريق وتعطيل المغسلة وايقاف كل نشاط منجمي في الاقاليم الاربعة، أم العرايس والرديف والمظيلة والمتلوي، بعد فشل عديد الجلسات مع الطرف الحكومي ومع الشركة، التي تمسّك خلالها المحتجون بالتشغيل وفتح المناظرات وتطبيق الاتفاقات، في حين تمسك الجانب الحكومي بمسألة الحظائر وشركات البستنة، على اساس انه الحل الوحيد الذي تقدر عليه الحكومة، وهو ان تعطي مبالغ مالية لآلاف الشباب دون مقابل عمل، فقط كي لا يحتجوا ولا يطالبوا.

هذه الوظائف الوهمية يبدو أنها في الطريق الى تعطيل النفط والغاز في تطاوين، فقد أرسلت تنسيقية اعتصام الكامور انذارا جديدا للحكومة يمنحها فرصة ثلاثة ايام لتنفيذ الاتفاقية المبرمة في جوان 2017 والايفاء بكل تعهداتها والا فان الاحتجاجات ستعود بقوة وسيقع غلق حقل نوارة ومنع التنقل من والى الحقول النفطية والغازية الواقعة في الصحراء جنوبا.

وللتذكير فان شباب تطاوين يعانون من نفس الاشكال وهو عدم ايفاء الجانب الحكومي بالتعهدات التي يقطعها على نفسه ويمضيها ثم يحاول تجاهلها او التنصل منها او تاجيلها الى آجال غير معروفة.

الشيء نفسه ينطبق على الحظائر وعلى العمال الوقتيين والبلديين وخصوصا المعلمين والاساتذة النواب الذين تلقوا وعودا متتالية ولم تتحقق رغم مواصلتهم العمل ورغم حاجة الوزارة الملحة الى خدماتهم، وافتقار المدارس والمعاهد الى العنصر التعليمي.

ولا شك ان الاوضاع التي تتحدث عنها كل الدراسات واللجان الاستشرافية، تعكس صعوبات هامة وخطيرة تنتظر البلاد التونسية خصوصا في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، حيث من المنتظر ان تغلق قرابة العشرين في المائة من المؤسسات الاقتصادية الصغرى والمتوسطة أبوابها وتدفع بآلاف الاجراء الى عالم البطالة الذي من المتوقع ان يرتفع مرتادوه بدورهم الى أكثر من مليون عاطل عن العمل، مقابل عجز في نسبة النموّ قال عنه رئيس الحكومة الياس الفخفاخ في جلسة المائة يوم تقييم، انه قد ينزل الى ستة فاصل في المائة، في حين تقول تقارير محايدة انه سينزل الى حدود عشرة في المائة، مع حديث متواتر عن مزيد من الصعوبات يعانيها الموسم السياحي والنقل البحري والجوي وانكماش في مداخيل العُملة الواردة من الخارج، فهل ستقدر الحكومة على مواجهة الاحتجاجات المتصاعدة في مثل هذه الصعوبات الخانقة؟؟ 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى