fbpx
أخر الأخبار

عودة اللاجئين.. اللعب بالوقت

“عودة اللاجئين”، سيكون مؤتمرًا و “برعاية النظام السوري”، ولهذا العنوان معنى، ربما يُختَزل بـ “إعدام هذه العودة”، اما لماذا فهنا مربط الفرس.

لم تكن مصادفة أن تشتغل حوّامات النظام وطيلة سنوات الحرب على قصف المدن السورية، ولم يكن القصف ليطال المقاتلين من قوى المعارضة والفصائل أولوية بالنسبة لطيران النظام، فقد اشتغل وبما لايقبل الإنكار على تدمير مواطن المدنيين الخالية من السلاح.. حدث هذا في حمص وحلب وريف دمشق كما في ادلب، وسوى هذه المناطق من الاراضي السورية، والهدف بالتبسيط كان، إخلاء هذه المناطق من سكّانها وبدوافع مختلفة، قد يكون التغيير الديموغرافي واحد منها، كما إخلاء هذه المناطق من سكّانها بوصفهم سكّاناً من خارج (التجانس) الذي حكى فيه بشار الأسد مستبشرًا بـ “سوريا المتجانسة” وهي سوريا التي لاتعني سوى حواضن النظام وأنصاره.

كانت النتائج نزوح مالايقل عن ستة ملايين سوري، معظمهم توزع ما بين تركيا ولبنان، بالإضافة الى نازحين ركبوا البحر ووصلوا الغرب، مغامرين بحياتهم وحياة أطفالهم.

في لبنان، تحوّلت ورقة اللاجئين الى ورقة لعبة بيد جبران باسيل المدفوع من حزب الله، وفي تركيا اشتغل أردوغان على استثمارهم مرتين، مرة في وضعهم بمواجهة دول الغرب حتى باتت قضية اللاجئين سلاحًا حربيًا بيده، وفي المرة الثانية اشتغل على دمج اللاجئين بالصيغة التركية بحيث يتحولون الى أداة لضم أراض سورية الى تركيا واقتطاعها من البلد الأم.

دون ادنى شك، كانت مخيمات اللاجئين، أشد قسوة من معسكرات الاعتقال التي شهدتها الحروب، فكانت مخيمات تفتك بها الأمراض والجوع والبؤس، كما باتت مرتعًا خصبًا لليأس بكامل أشكاله وتداعياته، واليوم يأتي النظام الذي أغرق البلاد بالموت والرحيل ليتبنى إدارة من رحّلهم، وبالتوافق مع الروس الذين كانوا اليد الطويلة في لعبة االترحيل اياها عبر العمليات العسكرية بالتوازي مع عمليات النظام والتكامل معها.

وهنا، سيأتي صانع المأساة ليخرج ضحاياه من المأساة، وهذه واحدة من المفارقات التي لايمكن وضعها في دائرة النوايا الحسنة ولا يمكن أن تكون من مستحقات الضمير.

إذن ما الهدف؟

يدرك النظام كما الروس، أن النازحين لن يعودوا وفق الظروف الراهنة، والشروط الراهنة، فمن ذا الذي سيعود دون:

ـ ضمانات دولية في أن يعود، دون أن يزج به في سجون النظام والحجج مختلفة.

ـ ضمانات دون أن يزج في صفوف الجيش، ليكون قتيلاً ثمينًا في حرب لم تنته بعد.

ـ ومن ثم إلى أين سيعود وبيته مدمّر أو مستولى عليه؟

لارغبة النظام ولا مصالحه تدفعه لإعادة االنازحين واللاجئين، غير أن من مصالحه ودوافعه تحويل النازحين واللاجئين الى ورقة، وهي ورقة ضغط دولي، بما يسمح للنظام أن يفتح بوابات الحوار مع القطيعة الدولية التي يعانيها سواء مع دول الجوار كما تركيا / لبنان، وكذلك الأردن أو مع دول الغرب التي لن تفتح بوباتها للحوار مع النظام، ولا أن تساهم في عمليات اعادة الإعمار مادام بشار الأسد يمسك بدفة البلاد، ودون أي تغيير لا في سلوكه، ولا في تطلعاته، ولا في ثقافة القتل التي كانت منهجه وموروثه من الرئيس الأب، والجميع يعلم أن اعادة الإعمار تتطلب تنسيقًا مع النظام، وفي هذه الحال، ستكون عودة النازحين مرهونة بإعادة الإعمار، بما يعني لاعودة للنازحين مادام بشار الأسد في الحكم، ومادامت الدول القادرة على إعادة الإعمار تشترط رحيله للمساهمة في هكذا إعمار.

النظام يدرك ذلك، وكذلك االروس يدركون ذلك، غير أنهما لا النظام ولا الروس، وكذا حال الإيرانيين، مشغولين بإعادة النازحين الى بيوتهم، غير أنهم ثالوث اللعب بالوقت، فإماتة الوقت واحدة من انشغالاتهم، ولا بد أن يموت الوقت تحت وطأة لعبة مفضوحة اسمها:

ـ عودة اللاجئين.

الثالوث هو الأشد حاجة للوقت من سواه، بما يسمح لهذا الثالوث أن يلعب بالوقت ليفتح النوافذ مع القطيعة الدولية التي يعانيها، أما النازح واللاجئ، فلن تكون حياته أولوية بالنسبة الى نظام هدر حياة الإنسان وكرامة الإنسان ولو كانت خياراته مفتوحة، لرحّل من تبقّى من السوريين لتكون:

ـ سوريا المفيدة.

سوريا المفيدة هي سوريا العائلة والطائفة وسماسرة المال الأسود وتجار السلاح.

تلك هي الحقيقة وماعداها لعب في الوقت.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى