fbpx

سوريا بين احتلالين

السيد لافروف، يقول بأن سبب التصعيد مع طهران يعود إلى السياسات الأمريكية تجاهها في منطقة الخليج العربي، يقولها وكأنما يحكي مسلّمة لاتتقبل نقاشًا.

في دفاعه المستميت عن طهران، ينسى وزير الخارجية الروسي، الأيادي الإيرانية التي تعبث بمنطقة الخليج العربي، مرة عبر تفجير ناقلات نفط، وثانية بالسطو على مضيق هرمز، وثالثة في الحرب التي تجنّدت لها في اليمن، وفي كل مرة عبر تصدير الثورة الإيرانية إلى دول الخليج العربي، بتحالف بات شبه معلن مع جماعة الاخوان المسلمين.

سياسات الولايات المتحدة، قد تصل في لحظات ما إلى مايشبه السيرك، حيث الألعاب البهلوانية التي منحت طهران فرصًا تلو الفرص للتمدد في منطقة الخليج، عداك عن فتح الطريق للملالي للتمدد في العراق حتى أوشك العراق أن يتحوّل إلى مساحة لطم لمشعوذي طهران، هذا عداك عن نهب موارد العراق، ومنعه من استعادة الدولة بمؤسساتها، بما يعيد العراق الى دوره في منطقة إذا ما غاب العراق عنها تغيب.

وزير الخارجية الروسي الذي يقول ذلك، ليس على وفاق مع القوات الإيرانية في سوريا، فالكثير من المعلومات الموثقة، تحكي عن صراع روسي إيراني في سوريا، وهو صراع قد يتحوّل ما بين ليلة وضحاها الى صراع دام، تعبيراته تتمظهر في الانقسامات التي يعيشها الجيش السوري، وهي انقسامات جعلت من الجيش جيشان:

جيش مرجعيته قاعدة حميميم العسكرية، وجيش تعود مرجعيته الى قوات قاسم سليماني والحرس الثوري.
صراع مؤجل، هو الأمر كذلك، غير أن ملامحه ليست مؤجلة، وتجلياتها تتبدّى في الاغتيالات التي لحقت بقادة من الجيش السوري، صراعات لن تكون قابلة للتأجيل حين يأتي حصاد المواسم، وتتضح الخارطة السورية المقبلة، بما يقول : أنا هنا وأنت هناك.

والصراع يشتد ما بين قوتي الاحتلال على حصد أكبر قدر ممكن من النفوذ داخل سوريا، حتى بات ما يحدث بينهما أشبه بـ”حرب باردة” بين الطرفين، حتى يمكن وصفه بـ”الصراع المكتوم”.

ملامح ذلك الصراع ستتبدّى في الكثير من التفاصيل ومن التفاصيل أن روسيا لم تكتف بتكثيف عملياتها على شمال غرب سوريا، بل أصبحت الراعي الأول والأخير للاتفاقات التي تجري بين قوات سوريا الديمقراطية والنظام وتركيا في شمال شرق البلاد، بعد دخولها للمنطقة لأول مرة إثر الانسحاب الأميركي من المنطقة.

وفي الوقت الذي تكثف فيه روسيا من عملياتها العسكرية على شمال غرب سوريا، كانت إيران تواصل تحركاتها لاستقطاب المزيد من السوريين عبر “القوة الناعمة”، فلتحقيق أهدافها، اعتمدت إيران على تعزيز عمليات “التشيع” ودفع المبالغ المالية، لمن ينتسب إلى قواتها في مناطق مختلفة من سوريا.

وفيما يعد دليلا على “الصراع المكتوم” بين الروس والإيرانيين، تلك المواجهات ما بين القوات الروسية وجزء من قوات النظام مع القوات الايرانية داخل مدينة الميادين الخاضعة لسيطرة القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها، وكذا الحال في ريف دير الزور الشرقي.

سيضاف الى ذلك، صراعا بين روسيا وإيران على اجتذاب الشباب السوريين عبر المساعدات والتجنيد في قوات وفصائل تابعة لكل منهما في مناطق سيطرة النظام.

ووفقًا لمشاهدات وشهادات ميدانية فإن “الصراع الروسي الإيراني يتخذ أشكالا عدة، من بينها الصراع عبر المساعدات الغذائية واستغلال حالة الضعف والجوع وفقر الحال وضعف القوة الشرائية والتشرد والنزوح التي يعاني منها المواطنون السوريون بفعل ثماني سنوات من الحرب”.. صراعاً بين الروس والإيرانيين ليس لأجل النفوذ فقط، بل الصراع على المال كذلك، حتى أن الصراع ما بين الطرفين الحليفين للنظام السوري “تحول إلى نزاع على الحواجز والسلطة ونقاط التفتيش في البادية السورية وفي المنطقة الممتدة من حمص إلى الضفاف الغربية لنهر الفرات”.

على الجانب الآخر، “تحاول روسيا بشتى الوسائل سحب البساط من تحت أرجل الإيرانيين”، عبر تحالفات واتفاقات مع تركيا وغيرها من الميليشيات والفصائل العاملة في سوريا، كان آخرها الاتفاقات التي جرت بشأن شمال شرق سوريا بعد انطلاق عملية “نبع السلام” التركية.
وبحسب معلومات باتت مؤكدة فقد “طلبت روسيا من قادة قوات سوريا الديمقراطية ضرورة إيجاد حل لإيقاف تمدد الإيرانيين في الحسكة ومناطق سيطرة هذه القوات”.

الصراع الروسي / الإيراني المسكووت عنه اليوم، سيكون صراعًا معلنًا في الغد القريب.. بل القريب جدًا، والكل بانتظار ليلة القدر تلك.
ليلة القدر التي سيشتبك فيها السلاح بالسلاح، لتكون سوريا لواحد من اثنين: روسيا أو إيران.

أما السوري، فليس له من من تراب سوريا سوى حفنة متروكة للقبر.
احتلالان يتصارعان على بلاد كان لها ذات يوم خريطة وحدود.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى