fbpx

زراعات الشمال السوري.. التكلفة أعلى من المردود والقمح في خطر

الزراعة مصدر عيش ما يزيد عن ٦٠% من أهالي إدلب، وأبرز مزروعاتهم الزيتون والقمح والشعير والبقوليات، لكن القطاع الزراعي يواصل انهياره بسبب ارتفاع أسعار مستلزمات وأجور خدمات الزراعة، الأمر الذي يزيد من العبء على الفلاحين في ظل ضعف إمكاناتهم وغياب دعم المنظمات المعنية عنهم. معوقات ومصاعب أثرت على المحاصيل الزراعية

  • تكاليف المواد الزراعية تقصم الظهر:

المزارع أحمد العلوش من معرة النعمان يتحدث لـ “مينا” عن معاناته بالقول: “ارتفاع أسعار المبيدات الحشرية والأسمدة التي نعتمد عليها في زراعتنا يجبرنا على تقليل كميات تلك المواد، مما يسبب انخفاضاً في الإنتاج وتراجعاً بالموسم الزراعي، كما نعاني من ارتفاع تكلفة نقل المحاصيل، وصعوبة كبيرة في عمليات التسويق بسبب فرض النظام ضرائب كبيرة على سيارات نقل المحاصيل الزراعية “. كما يشكو العلوش من الأدوية والمبيدات التي يشترونها بمبالغ كبيرة بأنها لا تأتي بنتيجة مرضية بسبب قلة فاعليتها، يوضح ذلك بقوله: “أصيب حقلي المزروع بالقمح بمرض الصدأ بسبب الرطوبة العالية التي تساعد على ظهور المرض وتزيد انتشاره، ورغم استعمال الأدوية لم تأت بنتيجة تذكر رغم دفع مبالغ كبيرة “.

  • والمناخ يتواطأ ضد المزارعين:

المحاصيل الزراعية بريفي حلب وإدلب تعرضت هذا العام لأضرار كبيرة بسبب تغيرات المناخ وهطول أمطار غزيرة أدت لغرق الكثير من الأراضي المزروعة، يوضح العلوش ذلك بقوله: “بدأ الضرر يظهر على عدة محاصيل منها الفول والحمص والكمون بسبب الأمطار الغزيرة والرطوبة العالية التي أدت لتعفن الزرع وتوقفه عن النمو، وموت الأراضي الزراعية التي تعرضت للسيول.” مشيرا إلى أن ارتفاع حرارة الطقس بشكل مفاجئ بعد الأمطار الغزيرة أدى إلى ازدياد نسبة رطوبة الأراضي الزراعية وانتشار الأمراض الفطرية التي أتلفت المحاصيل، كذلك الخضار والأشجار المثمرة تعصف بها الأمراض الفيروسية والفطرية نظرا للظروف المناخية التي سادت مؤخرا.

  • البطاطا بدل القمح.. المحاصيل الاستراتيجية في خطر:

والأشد خطراً أن المحاصيل الزراعية الاستراتيجية لم تسلم من التراجع والتأثر بظروف الحرب، وعن ذلك يتحدث لمينا المهندس الزراعي رضوان الحاج أحمد من مدينة إدلب فيقول: ” تراجعت زراعة محصول القمح الذي يعد مصدر مادة الخبز والغذاء الرئيسي للسوريين بسبب تخلي الكثير من الفلاحين عن زراعته للانتقال إلى زراعات أخرى تدر أرباحاً أكثر كالبطاطا والبقوليات، كذلك يتعرض محصولا القمح والشعير للإصابة بالأمراض لعدم زراعة أنواع محسنة تقاوم الأجواء المناخية مما يؤثر سلباً على الإنتاج،  أما محصول الزيتون فيواجه أيضاً صعوبات جمة نتيجة إهمال الفلاحين لأشجارهم التي تحتاج إلى سقاية وتقليم وحراثة وأسمدة بشكل مستمر، ما أدى إلى ضعف مردودها السنوي، أما القطن والشوندر فبذارها لم تعد موجودة لأنها كانت سابقاً تستورد من الدول الأوروبية “. يضيف الحاج أحمد قائلاً: “تقدر نسبة الأراضي الصالحة للزراعة في محافظة إدلب بنحو ٥٨ %، ولاتزال مهنة الزراعة في مقدمة الأعمال التي يرغب السكان في العمل بها، ولكن ارتفاع تكاليف الزراعة في ظل الحرب باتت تثقل كاهل الفلاحين وتحرمهم من العيش الكريم، فضلاً عن هجرة عدد كبير من المزارعين وترك أراضيهم الزراعية دون عناية، والانتقال إلى أماكن أكثر أماناً نتيجة تدهور الوضع الأمني، وصعوبة وصول بعض المزارعين إلى حقولهم لقربها من حواجز النظام .”مشيراً إلى النقص الحاد في الكهرباء والمحروقات ومستلزمات الزراعة، فضلاً عن تعرض الكثير من الأراضي الزراعية للقصف من قبل النظام السوري، مما يساهم في احتراقها ويخلف أراض غير قابلة للحرث لاحتوائها على قذائف غير منفجرة، الأمر الذي أدى إلى تقلص مساحة الأراضي الزراعية بحوالي ٤٠%، وتراجع إنتاج المحاصيل الرئيسة “القمح- الشعير- البطاطا- البندورة” بحوالي ٥٠%. كما يوضح الحاج أحمد سبب ارتفاع أسعار الخضار والفاكهة في الشمال السوري مرجعاً سبب ذلك إلى زيادة تكاليف استيرادها، وانهيار الليرة السورية وسوء الظروف المناخية وعن ذلك يضيف: “تدير هيئة تحرير الشام معبري مورك والمنصورة، حيث تسمح بتمرير البضائع من الجهتين لقاء ضرائب محددة، بالمقابل يتقاضى النظام السوري أتاوات مرتفعة جداً، وهذا ما أدى إلى صعود مضاعف في أسعار البضائع في السوق المحلي لإدلب.”

  • مستزمات الزراعة بالدولار والمحاصيل بالليرة السورية:

محلياً تتم زراعة الخضار بشكل خاص في منطقة سهل الغاب لا سيما القسم الشمالي منها والمعروف بناحية الزيارة، حيث تشتهر بزراعة الخضار البلاستيكية وتعمل بهذه المهنة مئات العوائل، وتقدر مساحة الأراضي المزروعة بالخضار فيها بحوالي ٥٠٠٠ دونم. المزارع وليد الصالح من منطقة سهل الغاب يرجع سبب غلاء أسعار الخضار إلى غلاء سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية، وجشع التجار أمام غياب الجهات الرقابية واستغلال ذلك لرفع سعر التجهيزات اللازمة للزراعة إلى مستويات قياسية من بلاستيك وأسياخ معدنية وبكرات التنقيط اللازمة للري، فضلاً عن غلاء أسعار المحروقات(المازوت) إلى٢٥٠ ليرة سورية لليتر الواحد، وعن ذلك يقول: “بعد توقف الضخ من نهر العاصي إلى سد قسطول المسؤول عن تخزين المياه اللازمة لري المحاصيل الزراعية في المنطقة أصبحت زراعة الخضار لدينا تعتمد في ريها على الآبار الارتوازية، نظراً لجفاف السدود في المنطقة، دون أن تعمل حكومتي الإنقاذ والمؤقتة على استصلاحها”. ويضيف الصالح: “الخضار في الشتاء تكون غير موسمية ومكلفة جداً، حيث يقوم الفلاحون بزراعتها ضمن بيوت بلاستيكية مع تأمين حرارة مرتفعة عبر المدافئ لتنمو سريعاً، فضلاً عن أن بعض أصناف الخضراوات يتم استيرادها من مناطق النظام أو تركيا، ودفع ضرائب عالية بالدولار الأمريكي، أما صيفاً فيعاني المزارعين من ارتفاع أسعار أساسيات المواد الزراعية والأسمدة والبذور، مما حدى بالكثير منهم إلى الاقتصار على مساحات صغيرة لا يستطيع الكثير منهم تحمل نفقاتها لنهاية الموسم.” يضيف الصالح بحزن: “أمام انتشار الفقر وقلة فرص العمل تعجز معظم الأسر السورية عن تأمين حاجاتها من الخضار والمواد الغذائية الأخرى، وكذلك المهجرين من مناطق سورية مختلفة إلى إدلب تتفاقم معاناتهم في ظل ارتفاع الأسعار وعدم التكافؤ بين الدخل والحاجة”. يناشد الصالح وغيره من المزارعين في المناطق المحررة الحكومة السورية المؤقتة لدعم الفلاحين وتوفير مستلزمات الزراعة، وتأمين سوق لتصريف المحاصيل بأسعار موحدة ومحددة، والعمل على مشاريع إنتاجية للمزارعين ترفع من سوية إنتاجهم ومدخولهم. ظروف الحرب قاسمت السوريين أرزاقهم، ودمرت الزراعة التي تعد من أهم القطاعات الإنتاجية في البلاد، فهجر المزارعون أرضهم حتى باتت مساحات كبيرة من الأراضي الخصبة قاحلة، وتحت مرمى نيران القصف الأسدي. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى