fbpx

اللجنة الدستورية السورية بين الآمال والسراب، فمن المستفيد؟

أخيراً، تبصر اللجنة الدستورية في سوريا؛ النور بحسب إعلان الأمين العام للأمم المتحدة “انتطونيو غوتيريش”، لتطوى صفحة جديدة من صفحات الأزمة السورية؛ بانتظار ما قد تفرزه تلك اللجنة من مقررات واقتراحات، وانعكاساتها على الملف السوري ومعاناة السوريين الممتدة منذ سنوات، ليكون السؤال الأبرز المطروح على الطاولة “هل ستقدم اللجنة للسوريين ما لم تقدمه الحرب”؟.

إيضاحات وتساؤلات محاطة بالشك
عضو اللجنة عن تيار المعارضة الدكتور “إبراهيم الجباوي” من جهته اعتبر في تصريحاتٍ صحافية، أن موافقة النظام على شروط المعارضة السورية بأن ترعى الأمم المتحدة أعمال اللجنة على أن تتم الاجتماعات في مدينة جنيف حصراً؛ مؤشراً على أن المعارضة هي ند له، لافتاً إلى أن الرئاسة ستكون مشتركة بين الطرفين.

وأضاف “الجباوي”: “وفق الوضع الراهن فإن القرارات سيتم التصويت عليها بنسبة 75 بالمئة؛ حيث لا يستطيع النظام حتى لو ضمن الثلث الثالث كاملاً أن يخرج بقرار لا تريده المعارضة”، لافتاً إلى أن المجتمع الدولي يعمل على أن تكون اللجنة الدستورية مفتاحاً للحل.

كما كشف عضو اللجنة أن الدستور لن يوضع على مقاس النظام بل ستعمل المعارضة على صياغة دستور يلبي طموحات الشعب السوري الثائر، على حد قوله.

كلام “الجباوي” وتطميناته، لم تكن كافية لبعض المحللين السياسيين والمتابعين للشأن السوري، لا سيما الناظرين للموقف بعين المعارضة، حيث اعتبر عدد من المحللين أن تشكيل اللجنة قد يفتح باباً جديداً في المعركة السياسية حول الصلاحيات وفرض الهيمنة على المواد المقترحة، مشككين بقبول النظام وأعضائه تناول أي مواد تمس سلطات منصب رئيس الجمهورية أو ولاياته الرئاسية.

وأضاف المحللون: “النظام جمع كل حلفائه في سوريا، شرد الملايين وقتل الملايين واعتقل الملايين في سبيل البقاء بالسلطة، فكيف له أن يقبل بتسليمها عبر مفاوضات، خاصةً مع استعادته السيطرة على مساحات واسعة جداً من البلاد”، مستبعدين أن تكون اللجنة قادرة على تقديم شيء يلامس ثوابت الثورة السورية بإقصاء الأسد؛ خاصةً وأن اللجنة تشكلت بمقترحٍ من أكبر حليفين له “روسيا وإيران”.

إلى جانب ذلك، تسائل المحللون عن قدرة المعارضة على إضافة مواد تتناول الهيكلة الأمنية وتوزيع الصلاحيات على أساس فصل السلطات في الوقت الذي يرفض فيه النظام المساس بتلك السلطات أو الحد من صلاحيات منصب رئيس الجمهورية”، متسائلين: “ما هي الأوراق التي تمتلكها المعارضة السورية للضغط على النظام حتى تمرر رأيها ومقترحاتها؟”.

مواقف سلبية ورفض مسبق
على الجانب السياسي السوري؛ وبعيداً عن التحليلات، لم تكن اللجنة حتى قبيل تشكيلها محل اجماع لدى كافة الأطياف السورية وتحديداً القوى الكردية التي عبرت من خلال الإدارة الذاتية الكردية عن رفضها للجنة، مضيفةً إنها غير معنية بأي مخرجات قد تصدر عنها.

وأرجعت الإدارة في بيانٍ لها؛ موقفها من اللجنة إلى عدم دعوتها للمشاركة في تشكيل اللجنة أو عضويتها، ما بفقدها التوازن الديمغرافي.

البداية والتشكيل ونقاط الخلاف
تعود فكرة تشكيل اللجنة المكلفة بصياغة الدستور السوري الجديد إلى مؤتمر سوتشي الذي عقد برعاية “روسية إيرانية تركية” أوائل العام 2018، لتتحول في ما بعد إلى جزء من قرار مجلس الأمن 2254 الخاص بالحل السياسي في سوريا، على أن تنتج في نهاية المطاف عنها هيئة حكم انتقالي وانتخابات عامة برعاية أممية.

طرح فكرة اللجنة وتحوله إلى أمر واقع لم يمر بحسب مصادر مطلعة دون خلافات أخرت من ولادتها، حيث أشارت المصادر إلى أن أول الخلافات التي شابت مناقشات التشكيل هي نظرة كل من المعارضة والنظام للجنة وطبيعة عملها، ففي الوقت الذي رأى النظام فيه أنها مجرد لجنة إصلاح دستوري مهمتها تعديل بعض المواد الواردة في الدستور الحالي الذي أقر عام 2012، أصرت المعارضة على أن تكون لجنة تشكيل دستور جديد كلياً.

أما الخلاف الثاني فكان حول عدد وتوزيع الأعضاء، حيث طرح النظام أن يمثله ثلثي الأعضاء في اللجنة فيما يبقى الثلث الثالث من نصيب المعارض التي رفضت ذلك الطرح، حتى توصلت جميع الأطراف إلى اتفاق يقضي بأن تشكل اللجنة من 150 عضو، يختار النظام ثلث الأعضاء، وتشكل المعارضة الثلث الثاني، ليبقى الثلث الأخير من نصيب المبعوث الأممي.

ثالث الخلافات بين المعارضة والنظام ارتبط بآلية تبني قرارات ورؤى اللجنة، فقد طالب النظام بأن تتخذ قرارات اللجنة كتوصيات يتم تمريرها والموافقة عليها من قبل مجلس الشعب السوري الحالي، فيما أرادت المعارضة أن تكون قرارات اللجنة نافذة وملزمة للأطراف بحيث يتم اعتمادها أممياً كمسودة لدستور جديد للبلاد.

مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى