fbpx

سوريا.. على طريق الثورة الثانية

كلما أوغلت البلاد في المجاعة والحرائق، أوغل نظام الأسد بالكوميديا.. نعم، مايحدث في سوريا اليوم هو الكوميديا، غير أنها ليست الكوميديا التي تنتسب إلى إعادة الخلق، بل تلك التي لا تعني سوى المسخرة.

في سوريا اليوم تصل نسبة البطالة إلى 78% حتى بلغ مجموع العاطلين عن العمل نحو تسعة ملايين سوري، فيما تضاعفت الأسعار ما بين 2011 و2019 نحو 14 ضعفاً، كما أن الاقتصاد السوري خسر 226 مليار دولار من إجمالي الناتج المحلي وهو ما يعادل أربعة أضعاف إجمالي الناتج المحلي عام 2010، فضلاً عن دمار 7% من المساكن والمباني والمنشآت العامة كلياً و20% جزئياً.

هذه بعض تقديرات الأمم المتحدة التي تقول أيضًا أن سوريا تحتاج إلى 250 مليار دولار لإعادة الإعمار (غالبًا ستحتاج الى ضعف هذا الرقم)، ، وأن معدلات الفقر والعوز المالي ارتفعت بشكل حادّ من 33% إلى 80% وصار أكثر من نصف المجتمع، أي ما ينوف على 12 مليون سوري، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية المختلفة، كالغذاء والمياه والمأوى والصحة والتعليم، وباتت العائلة السورية، المكونة من 6 أفراد، بحاجة إلى دخل شهري يقارب 300 ألف ليرة سورية أي ما يعادل اليوم 400 دولار، لتوفير أهم المستلزمات والحاجات المعيشية.

هذه بعض تجليات الحالة المأساوية الذي خلّفها الصراع الدموي في البلاد، وهو الصراع الناتج عن التشبث بالسلطة، والتوغل اكثر في مضاعفة الأزمات، فالأزمات ووفق التجربة الإنسانية، لاتحل إلاّ عبر طرق ثلاث:

أولاً، الاعتراف بالأزمة، وفي مراجعة لسياسات النظام، فلقد تنكّر النظام لأزماته بدءًا من الأيام الأولى للثورة.

ثانيًا، الشراكة في حل الأزمات، والشراكة تعني قبول المعارضة ووضعها في موقع الشريك، وصولاً لنجاة البلاد من الدمار، وهو مالم يحدث، فمنذ اليوم الأول للثورة، لجأ النظام الى سياسة الحديد والنار وكانت النتائج (عنفًا يقابله عنف) والمحصلة دمار البلاد.

ثالثًا، التوقيت، فما ينبغي فعله ينبغي فعله عندما ينبغي، لأن ينبغي تتبدل، وهكذا لم يعر النظام أذنًا للوقت، حتى بلغت به الأوهام للاعتقاد أن ماقبل الثورة كما بعدها، وفي واقع الحال، مابعد الثورة غير ماقبلها.

ومع كل من هذه الشروط الثلاثة التي تعني النظر إلى رسم حلول لمصير البلاد، كان النظام يبني سياساته على أسس ثلاث:

 التوغل في الدم مما يضاعف الأزمات.

ـ شراكة الخارج عبر بيع البلاد لحلفائه من إيراني وروسي، وفصائل إرهابية هو مرجعيتها وممولها وراعيها.

 إطلاق أيدي الفاسدين الدين كانوا أساس خراب البلاد، مما ضاعف حضورهم وتحكمهم بمصير الدولة.

واليوم؟

لا تزال مافيا النظام مطمئنة لانعدام أي رد فعل عالمي جدي ضد عنفها المفرط، وهو الأمر الذي يجعلها مطمئنة من كونها قادرة على مواجهة ثورات الجوع، بالطريقة نفسها التي واجهت بها ثورات “الحرية” ما يشير إلى أن النظام سيواجه الناس بالعنف والحديد والنار، كي يحافظ على سلطته وامتيازاته، ويؤبد وجوه الفساد

والاستئثار واللصوصية التي يستخدمها رجالاته في إدارة الاقتصاد ولإعادة إنتاج هيمنتهم وامتيازاتهم، وهاهو اليوم يملأ ساحاته بالغوغاء الذين يهتفون لحياة الليرة السورية، فيما يتآكلهم الجوع والعوز وجرعة الدواء.

سوريا اليوم، على عتبة ثورة جياع، الأمر كذلك، فما يحدث في البلاد هو أن مافيا النظام لم تترك للناس أية حقيقة عيش، وفي ذات الوقت لم تقدّم للناس أي وعد.

 لاخيال وعد.

ولا حقائق عيش.

والنتيجة:

ما الذي بقي للناس ليخسرونه؟

لا شيء.

هذا الأمر سينطبق اولاً على تلك البيئات التي تدعى حواضن النظام، وبالتالي ستكون هذه الحواضن هي المرشحة أولاً للثورة بمواجهة النظام، وتكون الثورة على النحو التالي:

حركات مطلبية، لاتتجاوز شعار (بدنا نعيش).

يواجهها النظام بالعنف والاعتقالات والقتل.

رد الفعل على العنف سيكون بالعنف، وليس بعيدًا أن يتحول جزء كبير من جيش النظام إلى صفوف الناس.

جيش النظام يجوع، فيما لصوص الجيش يتحوّلون إلى غيلان مال.

سوريا على طريق الثورة الثانية.

غبي من لايرى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى