fbpx

ما حقيقة تورط الجهاز السري لحركة «النهضة» التونسية في الاغتيالات السياسية؟

مرصد مينا – هيئة التحرير

في الوقت الذي تعاني فيه حركة «النهضة» من صراع مرير مع كتلة الحزب الدستوري الحر داخل البرلمان، ومع اهتزاز صورة الحركة خارجياً، فضلاً عن لائحة سحب الثقة من رئيس المجلس راشد الغنوشي، التي تم إيداعها بمكتب المجلس من قبل أكثر من ثمانين نائباً، تتلقى النهضة تصويبات إضافية من هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد والحاج محمد البراهمي.

فخلال الندوة الصحفية الأخيرة التي عقدتها الهيئة، تحدث أعضاؤها عن تورط ما يسمى بالجهاز السري لحركة «النهضة» في الاغتيالات السياسية سواءً بشكل سابق أو لاحق مشيرة إلى أنه سبق للقضاء، وأن وجّه التهمة لمصطفى خذر أحد أعضاء الجهاز السري بعد سبع سنوات من وقوع الجريمة.

 وحول هذا الملف قالت ايمان قزارة، عضو هيئة الدفاع عن الشهيدين، إن الجديد في ملف الشهيدين هو أن مصطفى خذر مجرد حلقة وله سلسلة من العلاقات من بينها رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، مشيرةً إلى أن رقم هذا الأخير موجود بالشريحة الموجودة لدى القضاء.

الجهاز السري للنهضة

والجديد أيضا بخصوص الجهاز السري والغرفة السوداء، والذي كشفته عضو هيئة الدفاع، إيمان قزارة، أن “الاتصال براشد الغنوشي لم يكن عبر الهاتف فقط وإنما عن طريق شخص آخر” وقالت إنه يدعى كمال البدوي، وأنه أحد المنتسبين للمجموعة الأمنية للحركة سنة 1991 ومن المقرّبين جدا ً من راشد الغنوشي، ويشرف على الطاقم الأمني الخاص بهذا الأخير، مؤكدة أن «مصطفى خذر اتصل بالرقم المشار اليه لمّا تم ايقافه في مركز المروجات» وفق تعبيرها.

وأوضحت عضو هيئة الدفاع، أن المكالمات بين الرقمين متعددة خاصة في أوقات الاغتيالات السياسية، وقالت على سبيل الذكر إن عدد المكالمات بين مصطفى خذر، والرقم المشار إليه بلغ 11 مكالمة قبل يوم من اغتيال الشهيد محمد البراهمي، أيّ يوم 24 جويلية 2013 وأنها تمت بعد منتصف الليل، وأيضاً خلال فترة هروب أبو عياض، مضيفة في ذات السياق، أن الرقم المستعمل من قبل كمال البدوي مسجل باسم آخر هو ختام الزرقاوي.

ومن بين المستجدات أيضا في ملف الشهيد البراهمي، التي كشفت عنها هيئة الدفاع، قالت إيمان قزارة، إنه تم اكتشاف وثائق بالآلاف تهم21 ملفا من بينها 15 ملفا تتعلق بتحركات أبو بكر الحكيم (ارهابي مورّط في عدد من القضايا) وباتصالاته الهاتفية، والتي كانت مخفية من الملف، وذلك في 29 ماي الماضي عندما تمسّكت هيئة الدفاع بإيضاح بعض النقاط المبهمة والمنقوصة في ملف القضية والتي تفطنت لها بالرجوع الى محاضر البحث.

ووجهت عضو هيئة الدفاع إيمان قزارة، الاتهام إلى الجهاز السري لحركة النهضة في عدم كشف الحقيقة وبعرقلته الوصول اليها باستخدام نفوذه في أجهزة الدولة الأمنية والقضائية.

من الذي خطط؟

كما استعرضت هيئة الدفاع آخر تطورات ملف فتحي دمق، الذي ذكر فيه اسم الشهيد شكري بلعيد، حيث أكد أعضاء هيئة الدفاع أن حركة النهضة حاولت بكل الوسائل توجيه مسار هذا الملف، في اشارة إلى أنه وبعد سبع سنوات أقرت محكمة التعقيب بالصبغة الإرهابية لهذا الملف، وأن من لهم علاقة بفتحي دمق، هم نفس الأشخاص في علاقة بمصطفى خذر، وقد وجهت لهم الاتهامات أيضا في ملف الجهاز السري.

ومن الجدير بالذكر، أن المحكمة الابتدائية بتونس، أجّلت في جلسة سابقة عقدت في 29 ماي النظر في قضية الشهيد محمد البراهمي، الذي تم اغتياله في 25 جويلية 2013 أمام منزله بالعاصمة، إلى يوم 30 أكتوبر 2020، لتنفيذ أحكام تحضيرية.

وتواصل في الأثناء هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد، ومحمد البراهمي، الضغط بكل الأساليب القانونية والنضالية من أجل الكشف عن حقيقة اغتيال الشهيدين، ومن خطّط وأمر وتستّر وساعد على التنفيذ، حيث تطرقت هيئة الدفاع في مناسبات عدّة إلى ما أصبح يعرف بالجهاز السري لحركة النهضة الذي خطط لاغتيال الشهيدين وتوجيه التهم الى 16 شخصاً من بينهم أعضاء بالحركة وفق هيئة الدفاع.

المصطلحات هي ذاتها

وفي ردّ فعل رسمي على هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي، عقد المكتب التنفيذي للحركة اجتماعاً لمكتبه التنفيذي، وأصدر بياناً جاء فيه بالخصوص إدانة الحركة لما اعتبرته مواصلة التوظيف الإعلامي والاستثمار في الأزمات السياسية لقضية الشهيدين بلعيد والبراهمي، والانتصاب مكان الهيئات القضائية المعنية وإطلاق الاتهامات جزافاً، بما يعمّق الإساءة الى المرفق القضائي، وإلى مؤسسات الدولة عموماً، حسب البيان.

وهي ليست المرة الأولى، التي تخاطب فيها الحركة الرأي العام بنفس المصطلحات كلما تطرقت هيئة الدفاع لمستجدات في قضية اغتيال الشهيدين بلعيد والبراهمي.

وقد كان أولى وأحرى بها أن تواجه التهم بشجاعة سياسية، تعترف من خلالها بالمسؤولية السياسية عن الاغتيال باعتبار أنه وقع في زمن حكمها، وحين كانت رئاسة الحكومة بيد أمينها العام حمادي الجبالي والداخلية بيد نائب رئيسها علي العريض، وكان بإمكانها أيضا أن توضّح من اليوم الأول أنها تتحمل مسؤولية عدم توفر الحماية ربما، أو مسؤولية التقصير، أو ما إذا وقع تحريض من قبل أنصارها وقياداتها وتهديد ضد الشهيدين، وتتعهد بتوفير كل الضمانات من اجل كشف الحقيقة، والعمل على إماطة اللثام عن القتلة الحقيقيين ومعرفة الأسباب والدوافع لارتكاب جريمتيّ اغتيال سياسي، كادا أن يوديا بالبلاد في أتون حرب أهلية كانت ستدفع النهضة وغيرها ساعتها ثمنها باهظاً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى