fbpx

مظاهر تلغي الهوية السورية… منطقة درع الفرات إلى أين؟

خاص – مرصد مينا

تشهد مناطق الشمال السوري نشأة عمرانية وخدمية ملحوظة في السنتين الماضيتين، في ظل الدعم التركي المستمر لما بات يعرف بـ “منطقة درع الفرات” التي تضم بلدات ومدن جرابلس وإعزاز والراعي وإعزاز والباب ومناطق أخرى.

ومع توفير الخدمات التي تجسدت بافتتاح مراكز بريد تركية ومدارس ومناطق صناعية وسكنية بالإضافة لمشاريع أخرى توفر الكهرباء والاتصالات والتعليم الجامعي وتنظيم الطرقات تحسنت أحوال الناس المعيشية في الوقت الذي يتخوف فيه آخرون من تحول هذه المشاريع مستقبلاً إلى وسيلة لسيطرة تركية شاملة وسبباً لإلغاء الهوية السورية فيها.

وباتت منطقة درع الفرات مركز انتشار للنقاط العسكرية التركية التي تراقب المنطقة فيما تستمر تركيا بإرسال أرتال عسكرية لحدودها مع سوريا الأمر الذي حوّل الشريط الحدودي إلى نقاط للتمركز العسكري التركي بشكل مكثف وممتدة على مئات الكيلومترات.

ومع انتهاء تركيا في حزيران الفائت من بناء الجدار الحدودي العازل الذي يفصل الحدود مع سوريا، توجه التركيز إلى تخديم منطقة درع الفرات بشكل مركز أكثر من ذي قبل في الوقت الذي أعلنت فيه ولايتي عنتاب وهاتاي مؤخراً عن اعتبار المنطقة الحدودية منطقة أمنية خاضعة للتفتيش.

مشاريع بالجملة

تستمر الحكومة التركية بالإشراف على المشاريع التي يتم تأسيسها بمدن مختلفة في مناطق درع الفرات، كما تشجع رجال الأعمال الأتراك على الاستثمار في المنطقة عن طريق التقديم للمناقصات التي تعلن عنها لتنفيذ مشاريع حيوية شمال سوريا.

ومن بين المشاريع التي نفذت بإشراف تركي، عشرات النقاط الطبية من مشافي ومستوصفات ومراكز طبية إضافة إلى مراكز للبريد التركي PTT ومباني المحاكم والمجالس المحلية ومدارس إضافة إلى مدن صناعية مؤسسة بأحداث التقنيات، كما افتتحت معابر حدودية إضافية مثل معبري الراعي وعفرين.

وكانت منظمة رجال الأعمال الأتراك “موسياد” افتتحت مكتباً لها في منطقة درع الفرات بهدف تقديم الدراسات والاستشارات لرجال الأعمال الذين يرغبون بالاستثمار في شمال سوريا.

وتعمل تركيا على تعبيد الطرقات في المنطقة بالتعاون مع المجالس المحلية، لكن ما يثير الانتباه هي تسمية الأحياء واللافتات الطرقية التي أصبحت باللغة التركية إضافة للعربية بينما العلم التركي يمكن أن تلاحظ وجوده على كل مبنى خدمي.

وانتشرت صور للأعلام التركية وقتلى الجنود الأتراك الذين شاركوا في معارك “درع الفرات” و”غصن الزيتون” إضافة لصور الرئيس التركي في جميع أنحاء المنطقة.

ودخلت اللغة التركية لتصبح اللغة الثانية بعد العربية في مناهج الطلاب التدريسية، ومنذ أيام أرسلت ملايين النسخ المطبوعة للشمال السوري من أجل تزويد المدارس بها، وتتم عملية توزيع الكتب المدرسية من قبل معلمين أتراك بالتعاون مع منظمة آفاد الموجودة مقراتها في عفرين وجرابلس والباب وإعزاز ومارع وأخترين والراعي.

وبدأ عشرات آلاف السوريين بتعلم اللغة التركية التي تجعلهم من المرشحين لنيل وظائف مستقبلية ضمن المشاريع التي تقام في المنطقة.

الهوية السورية

تزداد المشاريع التركية في مختلف القطاعات تاركة بصمتها في المنطقة فيما يتوعد مسؤولون أتراك بشن معركة جديدة على غرار عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون لكن هذه المرة شرقي نهر الفرات.

وبدأ التحضير للمعركة الجديدة بعد تصريحات من قياديين بالجيش الحر للمشاركة مع الجيش التركي، حيث قال قيادي في فرقة الحمزة مؤخراً: “نجري استعدادات لعملية عسكرية محتملة وندرب جنودنا على ذلك”.

ويبدو أن تركيا تتجه نحو التمدد على كامل الشريط الشمالي الحدودي السوري الشمالي محاولة تركيز نقاط أمنية في المناطق التي تسيطر عليها بالإضافة على توفير الخدمات الأساسية في المناطق الجديدة من أجل إعادة الحياة فيها.

لكن يتخوف الكثيرون من عواقب هذا التدخل الذي قد يفضي إلى سيطرة تامة على المنطقة وبرزت من خلال عدة ظواهر وأفعال حصلت مؤخراً.

عبد الجليل اسم حركي لأحد السوريين الذين طلب عدم الكشف عن اسمه الحقيقي أثناء الحديث معه، يقول للمرصد: “رأينا عدة مظاهر تثير القلق حول مصير المنطقة منها منع الأمن التركي المتواجد في منطقة درع الفرات دخول قوافل النازحين المهجرين من جنوب دمشق إلى الباب”.

ويضيف “من المظاهر أيضاً شن عملية أمنية في عفرين في الأيام الأخيرة لاعتقال المفسدين العاملين باسم الجيش الحر، ليست المشكلة في ذلك بل بجوهرها المتجسد بشن هذه العملية من قبل المخابرات التركية”.

وزار عدد كبير من المسؤولين الأتراك مدن وبلدات درع الفرات للإشراف على افتتاح منشآت خدمية أو للاطلاع على سير الحياة في المنطقة.

صدى الشارع

تظهر استطلاعات الرأي أن غالبية السوريين ممتنين مما تقدمه تركيا للمنطقة من مشاريع خدمية تطور من أسس البنى التحتية لكن في المقابل يشكون عدداً من الأفعال والمظاهر المنتشرة في المنطقة.

حسين الأحمد، شاب يعيش في إعزاز يقول: “الوضع بشكل عام يمضي نحو التحسن، تركيا قدمت مالم تقدمه الدول الأخرى للشعب السوري، لكن ننتظر منها أن تضبط الأمن وينتهي وجود الفصائل عبر تشكيل جيش وطني وضم الصالحين من العناصر له”.

أيهم شاب آخر يعيش في الباب يعلق قائلاً: “الخدمة جيدة جداً منذ أيام افتتحوا حديقة في المدينة والناس سعداء من ذلك، وأهم ما فعلوه الأتراك هو الاهتمام بالقطاع الصحي حيث باتت المشافي متوفرة بالمنطقة ولا داعي للسفر إلى مناطق النظام بحلب للتداوي”.

يقول مهند وهو شاب يعيش في جرابلس: “لا أعتقد أن ما يحصل في شمال سوريا هو احتلال تركي بقدر ما هو محاولة لخلق بيئة معيشية في المنطقة من أجل عودة السوريين المقيمين في تركيا إليها ونرى المسؤولين الأتراك يتحدثون عن أعداد السوريين بشكل مستمر”.

في المقابل، يستاء البعض من إدراج اللغة التركية في المنطقة حيث يقول عارف: “لماذا المرادفات التركية لأسماء الأحياء ولوحات المرور، هذه المظاهر تدعو للتخوف مما سيواجه المنطقة في المستقبل، حيث تحاول تركيا السيطرة عليها من خلال منح الخدمات”.

أما دليل وهو شاب سوري يعيش في منبج، يقول: “دخول الجيش التركي إلى شمال سوريا والسياسة التي يتبعها تزيد من التفرقة بين العرب والأكراد، هنا في منبج الناس خائفون من دخول تركيا عن طريق معركة ولا تصدق ما يقوله الإعلام التركي في غالب الأحيان”.

وتسعى تركيا عبر مفاوضات سياسية مع القوى الكبرى وأبرزها الولايات المتحدة للتمدد أكثر في سوريا بحجة مكافحة الإرهاب كما يصرح المسؤولون الأتراك، بينما يقع المدنيون في المنطقة بين فكي كماشة طرفاها “الوحدات الكردية والجيش التركي”.

[smartslider3 slider=8]

مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” هذه المادة تعبّر عن وجهة نظر الكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي المرصد. حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.''''''''''''''''

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى