fbpx

مقابر الأرقام.. جرح فلسطيني عربي يأبى أن يندمل‎!‎

تواصل إسرائيل احتجاز رفات مئات الشهداء الفلسطينيين والعرب في مقابر لديها أقامتها قبل 50 عاماً، بهدف استغلال ‏تلك الرفات في صفقات التبادل، أو حرمان ذوي الشهداء من تشيع جثامين أبنائهم إلى مثواهم الأخير ليصبح ذلك ‏الاحتجاز بمثابة جرح فلسطيني في قلوب ذوي الشهداء يأبي أن يندمل‎.‎ تطلق إسرائيل اسم “مقابر الأرقام” على الأماكن التي تحتجز فيها الجثامين، وتحيط تلك المقابر بنوع من السرية وتمنع ‏أحد من الاقتراب منها، فيما تضع لوحةً عليها رقماً فوق كل قبر يحتوي على جثمان شهيد فلسطيني أو عربي، ولذلك ‏أطلق عليها اسم “مقابر الأرقام‎”.‎ فيما تحتفظ الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بملف سري لكل رفات شهيد تحتجزه، يشمل البيانات الشخصية كافة، إلا أن تلك ‏الأجهزة اضطرت في السنوات الأخيرة إلى إجراء فحص‎ (DNA) ‎لرافات عشرات الشهداء عند تسليمهم في صفقات ‏تبادل جراء اختفاء معالم بعض القبور واختلاط بعض الرفات بفعل السيول ومياه الأمطار‎.‎ اهمال في الاحتجاز احتجاز الجثامين يتم بصورة مهملة وغير منظمة، وتدفن الجثامين على بعد مسافة بسيطة من الأرض لا تتعدى المتر ‏الواحد في أفضل الحالات، وذلك وفقاً لشهادات العديد من مراكز حقوق الانسان في إسرائيل وبعض المحامين ‏الإسرائيليين الذين سمح لهم بالتواجد عند إفراج إسرائيل عن بعض رفات الشهداء الفلسطينيين خلال الأعوام الأخيرة، ‏وهو ما يعني جعل تلك الرفات عرضة للعوامل الطبيعة كالسيول أو نهشاً للكلاب الضالة‎.‎ أماكن احتجاز الجثث بقيت سرياً حتى السنوات الأخيرة، إلا أن مصادر صحفية إسرائيلية وأجنبية استطاعت الكشف عن ‏‏4 مقابر تحتجز فيها إسرائيل الرفات، وهي مقبر الأرقام المجاورة لجسر بنات يعقوب وتقع في منطقة عسكرية عند ‏ملتقى الحدود الإسرائيلية السورية اللبنانية، وتضم رفات 500 شهيد غالبيتهم فلسطينيين ولبنانيين وسوريين‎.‎ فيما توجد المقبرة الثانية في منطقة عسكرية مغلقة بين مدينة أريحا وجسر داميه في غور الأردن وتضم 100 قبر، فيما ‏توجد المقبرة الثالثة في غور الأردن ويطلق عليها اسم “ريفيديم”، فيما تقع المقبرة الرابعة في قرية وادي الحمام شمال ‏مدينة طبريا ويطلق عليها اسم مقبرة “شحيطة” وتضم رفات 50 جثماناً‎.‎ جثث بالمئات منسقة الحملة الوطنية لاستعادة جثامين الشهداء المحتجزة لدى إسرائيل سلوى حماد أكدت لمرصد “مينا” أن أعداد ‏الجثامين التي تحتجزها إسرائيل تفوق الـ 250 جثة، مشيرةً إلى أنهم في الحملة يبذلون جهوداً منذ 11 عاماً لاستعادة تلك ‏الجثث ودفنها في مقابر فلسطينية إلا أن إسرائيل ترفض الافصاح عن أي معلومات حول تلك الرفات‎.‎ واستطاعت الحملة الوطنية لاستعادة جثامين الشهداء والتي تأسست عام 2008، من استعادة 131 جثة من أصل 400 ‏تقريباً كانت تحتجزها إسرائيل، فيما تقول الأخيرة إن أعداد من تحتجز جثامينهم هو أقل من ذلك بكثير‎.‎ وتمكنت العديد من المؤسسات الحقوقية الفلسطينية بمساعدة من محامين إسرائيليين من منع إضافة جثامين جديدة لتلك ‏المقابر، والتي كان آخرهم جثمان الشهيد الفلسطيني الأسير فارس بارود من قطاع غزة والذي توفي في أحد السجون ‏الإسرائيلية قبل شهر نتيجة الاهمال الطبي، إلا أن إسرائيل تواصل احتجاز جثمانه في أحد الثلاجات بالمركز الوطني ‏للطب العدلي الإسرائيلي المعروف اختصاراً بـ”أبو كبير‎”. ‎ احتجاز الجثامين يتعارض مع أبرز حقوق الانسان بعد وفاته، فقد نصت اتفاقية جنيف الأولى في مادتها رقم 17 بإلزام ‏الدول المتعاقدة على الاتفاقية باحترام جثامين ضحايا الحرب من الاقليم المحتل، وتمكين ذويهم من دفنهم وفقاً لتقاليدهم ‏الدينية والوطنية‎.‎ اختلاط الرفات سلمت إسرائيل رفات 91 فلسطينياً نهاية مايو 2012، منها 18 جثماناً لم تعرف هويتهم نتيجة لعدم وجود أي علامة تدل ‏على هويتهم وهو ما أثار مؤسسات حقوق الانسان في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل واضطرت وزارة الجيش ‏الإسرائيلية إلى الاعلان في يوليو 2015، أنها ستتوقف عن احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين وستقوم بتأسيس بنك ‏للحمض النووي تمهيداً لتحرير كافة الجثامين المحتجزة، ولكنها لم تقم بذلك وعادت لاحتجاز الجثامين كعقاب للشهداء ‏الفلسطينيين مع بمنتصف أكتوبر 2015‏‎.‎ رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين السابق عيسى قراقع اعتبر في مقابلة مع مرصد “مينا” أن إسرائيل تقوم بعملية ‏انتقام بحق الشهداء وذويهم من خلال احتجاز جثامينهم، وهي بذلك تخالف كل القوانين الدولية عبر اخضاع جثث الشهداء ‏للمساوة في صفقات مستقبلية‎.‎ وطالب قراقع المؤسسات الدولية والحقوقية حول العالم إلى التدخل العاجل من أجل الزام إسرائيل بتسليم جميع رفات ‏الشهداء الفلسطينيين والعرب الذين تحتجزهم، وأن تغلق ذلك الملف بشكل كامل، والضغط عليها من أجل الالتزام ‏بالمواثيق الدولية واتفاقيات جنيف حول وضع الأسرى والضحايا خلال الحروب‎.‎ سرقة الأعضاء الأمر لم يتوقف عن هذا الحد فقد اتهم الفلسطينيون في مرات عدة إسرائيل بسرقة أعضاء من أجساد بعض الجثامين التي ‏تحتجزها، وهو ما ظهر على رفات بعض الشهداء الذين قامت إسرائيل بتسليمهم لذويهم خلال السنوات الماضية وكانت ‏تحتجز رفاتهم في ثلاجات معهد أبو كبير‎.‎ ويأمل ذوو من تحتجزهم إسرائيل جثامينهم أن تنجح جهودهم المتواصل في التظاهر أمام المؤسسات الدولية في ‏الأراضي الفلسطينية من أجل الضغط على إسرائيل للإفراج عن جثامين أبنائهم، أو الإفراج عن تلك الجثث من خلال ‏صفقة تبادل قد تتم مع الفصائل الفلسطينية خلال السنوات المقبلة‎.‎ مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” هذه المادة تعبّر عن وجهة نظر الكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي المرصد. حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.''

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى