fbpx

التنظيمات الكردية في سوريا..انتهاكات مروعة ومستقبل مجهول

يبدو أن نظام “بشار الأسد” لم يكن الوحيد الذي يواجه تهمهاً بارتكاب الجرائم خلال سنوات الثورة السورية، فبحسب ناشطين فإن الفصائل الكردية بدورها ممثلةً بميليشيات “قسد” كان لها نصيبها من الممارسات والانتهاكات بحق الشعب السوري، لا سيما بعد سيطرتها على مساحات واسعة من البلاد؛ بذريعة محاربة الإرهاب ومكافحة تنظيم داعش الإرهابي.

ممارسات الميليشيا، وبحسب ما رواها ناشطون من المنطقة لـ “مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي”؛ لم تختلف كثيراً عن انتهاكات النظام السوري، كما أنها لم تنحصر في جانب واحد، وإنما شملت مجالات متعددة؛ بدءاً من الحصار المفروض على النازحين بالمخيمات، وفرض التجنيد الإجباري على السكان للقتال في صفوف ميلشيات “قسد”، بالإضافة إلى شن حملات اعتقال وإخفاء قسري بحق الكثير من أهالي دير الزور والرقة، وبعض المناطق العربية في القامشلي والحسكة.

في السياق ذاته، أشار ناشطون إلى أن العملية التعليمية أيضاً كانت عرضةً للانتهاكات والإفساد من قبل حركة “قسد” في مناطق الجزيرة السورية، مضيفين: “بدأت الميليشيا بفرض مناهج تعليم قائمة على الفكر الانفصالي وإجبار الطلاب العرب على دراستها، كما أنها سيطرت على المدارس وقامت بسرقة محتوياتها؛ بعد أن حولتها إلى مقار عسكرية”.

أما الانتهاك الأبرز، والذي كان محل جدلٍ كبير؛ وكشف عن مخططات مشبوهة تتبناهات الميليشيات بحسب الناشطين، كان تغيير أسماء القرى والمدن العربية التي سيطرت عليها خلال محاربة تنظيم داعش الإرهابي، واسبدالها بأسماء كردية، إلى جانب تهجير الآلاف من سكانها، كما كان الحال في مدينة تل أبيض بريف الرقة الشمالي، لافتين في الوقت ذاته إلى حالات النهب والسرقة والقتل التي شنها عناصر “قسد” ضد الأهالي في مناطق سيطرتهم.

استياء وانتظار لحظة الفرج

الناشط الإعلامي “محمد المصطفى” وحديثه مع “مينا” حول الأوضاع في منطقة الجزيرة السورية؛ أشار إلى حالة استياء كبيرة من قبل السكان تعم المنطقة الشرقية، وبخاصة بريف دير الزور، بسبب سياسة “قسد”، لافتاً إلى ما تعانيه المدينة من زيادة الكبيرة في نسبة الفقر و عدم إيجاد فرص عمل و غلاء المواد الغذائية.

وأضاف “المصطفى”: “واحدة من أكبر المشاكل في منطقة دير الزور تحديداً ومناطق سيطرة قسد عموماً هي حالة الإهمال وعدم إهتمام في القطاع الطبي والتعليمي، ناهيك عن سرقة ثروات المنطقة الشرقية وخاصة النفط و الغاز على يد قوات سورية الديمقراطية وبيعها للنظام السوري المجرم”، مشيراً إلى عقد قيادات الفصائل الكردية الكثير من الاتفاقات مع النظام السوري.

كما نوه الناشط الإعلامي إلى وجود استعدادات وتجهزيات في مدينة دير الزور لحراك شعبي واسع النطاق ومتعدد الأشكال لدفع الجانب الأميركي لمراجعة سياسته في المنطقة وخصوصاً دعم الميليشيات الكردية، كاشفاً عن تلقي هذا الحراك دعماً من فصائل دير الزور المسلحة المعارضة.

إلى جانب ذلك، أكد “المصطفى” أن أهالي المنطقة عاصروا خلال السنوات القليلة الماضية حكم الأسد وثم تنظيم داعش وبعدها حكم ميليشيات “قسد”، موضحاً أنهم لم يلمسوا فروقاً كبيرة بين ثلاثتها، سوى بالتوجه والأيديولوجيا التي يتبنوها بين فكر سلطوي للنظام، وديني لداعش، وقومي للحركات الكردية، مؤكداً في الوقت ذاته بأن الأوضاع لم تعد تحتمل وأن الناس ينتظرون لحظة الفرج والتخلص من سيطرة الميليشات كانتظارهم لحظة سقوط نظام الأسد.

سلطة أمر واقع وأدوار محتملة

الجدل حول الحركات والفصائل الكردية لم يقتصر على جانب الانتهاكات والممارسات وحسب، وإنما شمل أيضاً الأدوار السياسية المستقبلية لها، خاصةً بعد التطورات التي شهدتها سوريا مؤخراً على المستوى السياسي؛ والتي كان آخرها إعلان تشكيل اللجنة الدستورية التي أعلنت القوى الكردية مقاطعتها.

المعارض السياسي “سمير نشار” وتعليقاً على المستقبل السياسي الكري في سوريا، لفت إلى أن قوات الحماية الكردية الـ “ب ي د” لم تكن قادرة أن تكون لاعباً هاماً على الساحة السورية إلا عندما تحولت الى سلطة أمر واقع بفضل رغبة النظام السوري الذي كان على وشك الانهيار في عام 2013؛ لجعل قوات وحدات الشعب تثير مخاوف تركيا من إقامة كيان كردي على حدودها الجنوبية، خاصةً وأن الجميع يعلم أن التنظيم المذكور هو فرع من حزب الـ “ب ك ك” التركي الذي يخوض صراعا مع الحكومة التركية بعد فشل مشروع المصالحة بينهم، على حد وصف “نشار” .

وأضاف المعارض السوري: “قوات حماية الشعب ومن بعدها قسد لم تصطدم مع النظام السوري بأي معركة لذلك هي لم تكن علاقتها سيئة مع النظام السوري لكن للأسف كانت علاقاتها مع قوى الثورة والمعارضة سلبية جدا لأنها لم تتبنى خطاب الثورة والمعارضة لتحرير سورية من بشار الاسد ونظامه، واكتفت بداية برفع وتبني شعارات وصور الزعيم التركي الكردي عبد الله أوجلان بحيث أفقدها صبغتها الوطنية السورية وأخرجها من الإطار الوطني السوري”، لافتاً إلى ضرورة أن تراجع تلك القوى خطابها وتصحح مواقفها عبر التقارب مع خطاب الثورة والمعارضة الوطنية.

وأشار “نشار” إلى أن تركيا لم ولَن تستطيع الدخول في اَي منطقة سورية إلا بموافقة روسية كما حصل في درع الفرات وغصن الزيتون أو بموافقة أميركية في منطقة شرق الفرات، في إشارةٍ إلى العمليات التي هدد الرئيس التركي بشنها شرق الفرات، لافتاً إلى أن أنقرة لن تحمل أعباء المواجهة مع اَي من روسيا وأمريكا.

وأردف المعارض السياسي: “اليوم لا أعتقد أن هناك توجهاً دولياً أو اقليمياً لتقسيم سورية لما يترك ذلك من انعكاسات سلبية على دول المنطقة والعالم، ولا اعتقد أيضا بوجود رغبة وقدرة على قيام حكم ذاتي او اقليم كردي منفصل عن سورية وتجربة أكراد واضحة أمامنا”، وذلك في إشارة منه إلى استبعاد تكرار تجربة كردستان العراق في الشمال السوري.

في الوقت ذاته، توقع “نشار” أن يميل المزاج الدولي باتجاه قيام نظام على مبدأ اللامركزية الإدارية الموسعة أو حتى قيام دولة اتحادية ذات أقاليم متعددة ليس على أساس إثني أو ديني أو مذهبي بهدف إعطاء سكان كافة المناطق السورية حرية واسعة جداً في إدارة شؤونهم ومراعاة الخصوصية القومية والثقافية للسكان في تلك الأقاليم، لافتاً إلى أن كل ذلك سيتم من خلال توافق وطني عبر طاولة للحوار بين السوريين مشفوعا بضمانات دولية.

لغات خطاب مفقودة وقادم أسوء من ماض

كلام بعض المحللين العسكريين يشير إلى أن المستقبل العسكري بالنسبة للحركات الكردية لن يكون بأفضل حالٍ من المستقبل السياسي.

حيث أشار الخبير العسكري العميد “فاتح حسون” إلى أن العمليات العسكرية التركية في شمال سوريا والتي شاركت بها فصائل معارضة قادت إلى إحباط العديد من المشاريع الإنفصالية التي كانت ستؤدي لتقسيم سورية من جهة وبناء “كانتونات” ضغط جديدة في المنطقة من جهة أخرى، إلى جانب منع هذه التنظيمات من التنامي تنفيذ عمليات عسكرية معادية لدول الجوار وخاصة في تركيا.

كما أشار “حسون” إلى أن العملية العسكرية التركية المرتقبة في شمال شرق نهر الفرات ستكون في ذات السياق المذكور وبأهداف استراتيجية واضحة.

واعتبر “حسون” أن المكون الكردي في سوريا يقع تحت تأثير وحكم ميليشيات “pkk و pyd”، مشيراً إلى أن الاستهداف العسكري لمواقع تلك الميليشيات حال بشكل أو بآخر دون ترسيخ المشروع الإنفصالي لها، وحافظت على بقاء من وصفه بـ”المكون الكردي الأصيل” ضمن النسيج السوري وحرره من تنظيمات متطرفة تتكلم باسمه وتجند أبناءه وتشوه صورته، على حد قوله.

مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى