fbpx

تركيا.. كل شيء سيصبح جيدًا

تجليات اليوم التركية، ستعطي مفاعيلها في 2023 فمن يفوز باستنبول يفوز بتركيا، ومن يخرج منها يخرج من تركيا، وتلك قاعدة أثبتها البحر ولم يكذبها الغطّاس، وهكذا فالعمر المتبقي لرجب الطيب أردوغان في الحكم لن يتجاوز 2023 فقد سقط مرشحه بن علي يلدرم للمرة الثانية، وفاز إمام أوغلو لافي صناديق الاقتراع فحسب، بل في أغاني البوب التركي وقد جاب موسيقيوه شوارع استنبول وأصواتهم تصدح بتلك الأغنية الراقصة:

ـ كل شيء سيصبح جيداً.

فيما انطفأت أصوات مناصري أردوغان، أولئك الذين ينشدون نشيدًا حربيًا مأخوذ من كلمات اغنية تنتمي لواحدة من دول آسيا الوسطى وتعد بالحراب.

فما الذي حدث؟

تقول الوقائع بأنه مؤيدي حزب العدالة والتنمية، وقعوا في خيبة الأمل، فقد كان أردوغان قد راهن على الانتخابات الجديدة بعد أن شكك وحزبه بانتخابات 31/ 3/ 2019، والتي انتصر فيها أكرم إمام أوغلو بفارق يبدو ضئيلاً فقد تفوّق أوغلو بحسب الأرقام الرسمية بـ 1329 صوتًا، وهذا فارق ليس ذو شأن في مدينة يزيد سكانها عن 15 مليون نسمة، ثم تم إلغاء فوز أكرم إمام أوغلو في الانتخابات من قِبَل اللجنة الانتخابية بعد سبعة عشر يومًا فقط من وجوده في منصبه كرئيس لبلدية استنبول. وقد أدَّى هذه القرار إلى حالة غضب خاصةً بين الشباب في استنبول، الذين خابت آمالهم في حدوث تغيير. وبينما انهالت الانتقادات الدولية كالمطر وطالب الاتِّحاد الأوروبي بتفسير، عبَّر رئيس الوزراء السابق العضو في حزب العدالة والتنمية وأحد المقرَّبين من إردوغان، ونعني أحمد داود أوغلو، عن انتقاده على موقع تويتر بقوله: “أكبر خسارة يمكن أن تمنى بها حركة سياسية ليست خسارتها الانتخابات، بل هي فقدان التفوُّق الأخلاقي والضمير الاجتماعي”.

كلام أحمد داوود أوغلو يشكك بما لايقبل الشك بنزاهة حزب العدالة والتنمية وبأردوغان شخصيًا، والموقف الدولي كان دون شك قد أدرك حجم خيبة الضمير التي التصقت بأردوغان، وكانت الجولة الثانية بمثابة الضربة الموجعة، وكل المراقبين يجمعون على أن استنبول الشابة، هي من رفعت أكرم إمام أوغلو، الرجل ذو الجاذبية التي لاتحد، والذي سيشق طريقه بكل المقاييس ليقود تركيا بعد سنوات اربع إلى رئاسة الجمهورية، فمن يفوز باستنبول يفوز بتركيا وتلك قاعدة لم يحدث أن وقع عليها أي اختلال بما يسمح للقوى المضادة لأردوغان بأن تمسك بزمام السلطة في تركيا، لينتهي مع صعودها ذلك الهوس بالسلطة الذي رافق أردوغان حتى بات يضيف إلى اسمه لقب السلطان، وليس بعيدًا عنه أن يعبث بالتاريخ الإسلامي ليحمّل اسمه لقب “أمير المؤمنين”.


لقد دارت المنافسة بين مرشح تحالف الشعب “بن علي يلدريم” من حزب “العدالة والتنمية”، وبين مرشح تحالف الأمة “أكرم إمام أوغلو” من حزب “الشعب الجمهوري” المعارض، بالإضافة إلى مرشح حزب “السعادة “نجدت كوكجنار، ومرشح “حزب الوطن”مصطفى إيلكر.

اليوم، حسمت المسألة وباتت الأيام التركية القادمة اكثر وضوحًا، فقد جرت العملية الانتخابية في 31 ألفاً و342 صندوق اقتراع في 39 قضاء في إسطنبول، وشارك فيها 10 ملايين و561 ألفاً و963 ناخباً.

واليوم سقط مرشح أردوغان، بن علي يلدريم، وكل اليوم، وحتى لحظة الكتابة هذه، كان أردوغان صامتًا وبلا أي تصريح.

الضربة موجعة لأردوغان، غير أنها لابد منعشة لشباب تركيا، ولمعتقلي تركيا من كتاب ومفكرين وفنانين ونشطاء سلميين.

بالوسع القول:

ـ شكرًا لذلك النشيد الذي يختصر الكثير مما يحمله المستقبل التركي:

ـ كل شيء سيصبح جيداً.

مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي

حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى