fbpx

ابتلعوا “الكبتاغون” أيها السادة

نبيل الملحم

ابتزاز مزدوج، الأول للمحيط العربي وتحديداً الخليجي عبر إغراقه بالكبتاغون، وابتزاز للمجموعة الأوروبية بالنازحين والمهاجرين والفارين من وطأته وقد ترافقت بالمجاعة.

تلك هي استراتيجية بشار الأسد، وقد حصدت بعض ثمارها بتلك المصالحة الهشّة التي استدعته لحضور القمة العربية في المملكة، ولم تكن في بُعد من ابعادها سوى محاولة في “احتواء الكبنتاغون”.

 فيما يتصل بالأوروبيين فأوروبا بنصف باب مقفل في وجهه ما يعني بنصف باب مفتوح، ، فالمجموعة لم تشتغل على إزاحته في الوقت الذي لم ترحّب ببقائه، وبالنتيجة ها هو بشار الأسد مازال على رأس الطغمة يوزع ابتساماته ويعانق زوجته في مشاهد طالما اعادت لسينما الأبيض والأسود خيباتها.

على المستوى العربي كانت طلبات بشار الأسد واضحة:

ـ ادفعوا الثمن.

والثمن ينحصر في المعونات المالية، وهي المعونات التي سبق وتقدّمت بها المجموعة الخليجية أعقاب “الزلزال” ولا أحد يعرف مصير تلك المعونات وكيف أنفقت وعلى من أنفقت.

أما الثمن بالنسبة للمجموعة الأوروبية فهو مطالبته برفع قانون قيصر عن كاهله وإلاّ سيغرق أوروبا بالنازحين أو اللاجئين لا فرق.

فشل التقارب العربي في حصد أيّة أهداف من تطبيع العلاقات مع بشار الأسد، بل سمح لإعلامه بخطاب يبدأ بـ :

ـ هرولوا إلينا.

وكان خطابه هذا يستدعي غضب المجموعة الخليجية وكفّ البحث عن أي سبيل لاستعادته إلى “العقل” ومنطق الدولة، أقله ما بعد فشلها باحتوائه، وزاد في الفشل أنه زاد في ارسالياته للكبتاغون بدءاً من “كبتاغون الحقيبة” إلى “كبتاغون الدرونز” و”كبتاغون الانفاق”، وقد عوّضه الكبتاغون عن المساعدات الخليجية وقد أصبح من الاقتصاديات الفاعلة لاستمرار نظامه وحكمه.

المجموعة الاوربية مازالت تشتغل “مزهرية”، فلا هي تدعم الحراك الاحتجاجي السوري وتساند قوى الحرية في البلاد، ولا هي تحتضن بشار الأسد بما يكفي لقتله بالاحتضان بعد عجزها عن قتله بساحات المواجهات العسكرية، ووحده الرابح في كلا الدربين:

ـ درب العروبة وقد منحه شرعية القاء خطاب وسط قادة عرب يهزون رؤوسهم.

ـ ودروب أوروبا وقد باتت موطناً جديداً لأجيال من الشباب الذين هم وقود الثورات والحركات الاحتجاجية وقد أبعدهم اللجوء عن الساحات التي بوسعها أن تمثل تهديداً للنظام واستعادة الثورة وإحياء مفاعيلها.

وهكذا ربح الأسد المعركة، وبات ونظامه مستأثراً بالبلاد، ومهدِداً لجيرانه، وبات يُحسَب له بعد أن دخل مرحلة “لزوم مالايلزم”، فاستعاد ما يكفي لإبقائه في القصر الجمهوري وهذا ذروة ما يطمح إليه رجل يعوزه الكثير من الشرف، بل والكثير من الخجل.

مسألة الكبتاغون قد تتحوّل إلى عنوان رئيسي في السياسة الأمريكية بمواجهة هكذا أنظمة، ولاندري إذا ما كانت الإدارة الأمريكية ستشتغل كما اشتغلت بمصير “نورييغا” وهذا أمر مستبعد إذا لم يدخل في دائرة المستحيل.

مسالة النزوح السوري تتفجر اليوم في لبنان على وجه الدقة، ومن ثم في الأردن، وفي كلا البلدين، ثمة أنظمة أضعف من أن تحمي حدودها، ما يجعل المثل المعمول لديها هو “اللي مافيهوش على الحمار يتمرجل على البردعة”، وهذا حال لبنان بسلطته السياسية العاجزة عن وضع صيغة للتعامل مع النظام في سوريا، كما حال السلطات الأردنية وإن بنسب متفاوتة، ما يجعل الغضب ينصب على النازح لا على من “نزّحه”، فيتحوّل النازح إلى ضحية مرتين:

ـ مرة على يد نظام تغوّل بالفساد والقتل وتحوّل إلى نظام طارد لسكان البلد، وثانية على يد البلد المضيف وجمهور البلد المضيف، الذي بدوره يعاني أزمات سيضاف النزوح السوري إليها ليضاعفها.

تلك هي الخريطة، وذاك هو الملعب، أما النتيجة فلن تُختصَر سوى بكلمتين:

ـ بقاءه يعني كبتاغون، فتلقفوا بقاءه.

ـ بقاءه يعني ديمومة الهرب والهجرة والنزوح والرحيل.. فتلفقفوا بقاءه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى