fbpx

عُدْ يا شاه

مازال يُنظر إلى الرئيس الأمريكي ترامب، على أنه مجرد (ديلار) في اللعبة السياسية الدولية وخصوصاً في بعدها الشرق أوسطي، وديلار هنا تعني فيما تعنيه مدير طاولة القمار في هذه المنطقة. المسألة الإيرانية، والموقف الأمريكي منها، وهو موقف مازال يقوم على الجذب والنبذ دون أن يحقق نتائج، هو ما يدفع إلى هذا الاعتقاد. في واقع الحال، ليس الرئيس ترامب مجرد (ديلار)، لا، فالرجل يرى أبعد مما تحت قدميه، فالحرب إذا ما اندلعت في المنطقة لابد وأن تودي إلى احتمال هو الأخطر، ونعني به احتمال أن تكون محصلة القوى صفرية في هذا الصراع، والمعادلة الصفرية تعني تدمير المنطقة، بما فيها إيران، وبذات الوقت بقاء النظام الإيراني، فلقد أثبتت الوقائع أن الحروب لا تزيل أنظمة بالضرورة، خصوصاً إذا كانت شرعية هذه الأنظمة تقوم على الحروب، ما يعني أن الحرب خطوة باتجاه الدمار دون أن تزيل أسباب الدمار، وبقاء النظام السوري واحد من الأمثلة. في الولايات المتحدة عقول، ليس من السهل وصفها بغير (العقول الاستراتيجية)، وهي عقول تعمل على المدى البعيد، ومن بين هذه العقول مستشار الأمن القومي جون بولتون، والمحامي الشخصي للرئيس الأمريكي رودولف و. جولياني، وهما وفي نظرتهما للصراع مع إيران يتطلعا إلى جذور النظام الإيراني لا إلى أغصانه وفروعه وتفرعاته، وفي نظرتهما هذه، مازلا يعتقدان بأن تقويض النظام الإيراني، وبالتالي استقرار العالم والمنطقة، إنما يقوم على الحفر لهذا النظام من الأسفل، وتقطيع جذوره كما قطع النسغ عنه، فإيران الداخل، محاصرة من نظام الملالي، وقد جثم على حياة الناس منذ وصول آية الله الخميني إلى الحكم، فهو النظام الذي يقوم على مصادرة الرأي، وقهر الحريات، وعسكرة المجتمع، والفتك بالقوميات غير الفارسية، وسيزيد من حدة التناقضات وعوامل تفجير الداخل الإيراني، تلك الحالة المزرية للاقتصاد الإيراني، ما أدى الى تجويع شعب يعوم فوق ثروة نفطية كان من الممكن أن تجعله شعباً يعيش رفاهية تضاهي المجتمعات الحديثة، هذا عداك عن حقيقة ربما لايعرفها الكثيرون، والحقيقة تقول:

  • إيران تحت الأرض، أكبر من إيران فوق الأرض.

والمقصود بذلك أن المجتمع المعارض الإيراني، هو أشمل وأوسع بما لايقاس من مجتمع الملالي، وإحداث ثورة في إيران لم تكن بعيدة المنال لو انشغل على هذه المعارضات ومنحت أسباب القوة، فالإيرانيون الذين هتفوا بسقوط الشاه، هم اليوم على جاهزية قصوى للهتاف:

  • عًد ياشاه.

مشكلة الولايات المتحدة مع نظام الملالي، كانت في منحه عامل القوة بديلاً عن إضعافه، فالتلويح بالحرب، وخلق مناخات الحرب، لم تضعف نظام الملالي بل منحته قوة مضافة، وهي قوة (شرعية العسكر والحرس)، ولو أخذ الصراع منحى تقوية القوى الدمقراطية والليبرالية وقوى اليسار الإيراني، لكان الطريق أقرب إلى إسقاط نظام الملالي، ولطالما اعتبر كبار المسؤولين في إدارة ترامب وغيرهم من المعارضين للنظام الإيراني بأن بعض التنظيمات الإيرانية المعارضة المنتشرة خارج إيران منقذة للشعب الإيراني المضطهد. وللأسف، لم تتوفر لهذه التنظيمات سوى القليل من الفرص لتبني نفسها وتمسك بالكفاءة التنظيمية لترتيب نفسها، بما في تلك التنظيمات “مجاهدي خلق” وأفراد العائلات الملكية الإيرانية المتواجدين في المنفى ولابد أن هؤلاء لو منحو ما يكفي من أسباب القوة لمارسوا قوة الضغط الأقصى. طهران تحت الأرض، أكبر من طهران فوقها.. تلك حقيقة كان يجب أن تؤخذ في معمعان هذا الصراع. الخيار قد يكون:

  • ربيعاً إيرانياً.

ليس هذا الربيع بعيد المنال. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى